زيارة استراتيجية أم إقرار بالعجز؟!.. الملك سلمان يتعرض لموقفين محرجين فور وصوله إلى روسيا
شهارة نت – موسكو :
وصل العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، إلى العاصمة الروسية موسكو في أول زيارة يقوم بها سلمان لروسيا.
وعقب هبوط الطائرة في مطار “فنوكوفو 2″، تعرض الملك السعودي سلمان لموقفين محرجين الاول كان بمثابة صفعة متعمده حيث غاب الرئيس الروسي بوتين عن مراسيم الاستقبال، كما غاب رئيس وزراء روسيا، واكتفت الاخيرة بايفاد نائب رئيس الوزراء الروسي دميتري روغوزين، لاستقبال سلمان.
ام الموقف الثاني فقد اجبر الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز للنزول من سلم الطائرة بعد ان توقف السلم المتحرك بشكل مفاجئ
على ما يبدو هناك تغيرات جذرية تحدث في منطقة الشرق الأوسط من الناحية السياسية والتي جاءت نتيجة لمعارك سياسية ودبلوماسية وفي بعض الأحيان عسكرية بالوكالة بين أكبر قطبين في العالم “الولايات المتحدة وروسيا”، وفي ظاهر الأمر فقد حسمت النتيجة لصالح الروس كونها أصبحت محجاً للدول الحليفة لواشنطن كـ “مصر والأردن وتركيا وحتى “اسرائيل”، مالذي يحدث…
وتحمل زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى روسيا، في طياتها دلالات وأسرار بعضها معروف للجميع وبعضها الآخر يبقى في إطار التحليل والتوقع، وكان من اللافت جدا الحملة الإعلامية التي قامت بها القنوات الإعلامية السعودية والتي روجت للزيارة وحاولت إظهار السعودية على أنها حليف استراتيجي لروسيا وبأن الزيارة تاريخية، ولكن هل الواقع هكذا؟!.
يجيبنا على هذا التساؤل صحيفة “أور آسيا دايلي” الروسية، التي نشرت تقريرا تحدثت فيه عن الزيارة منوهةً بأن التقارب السعودي الروسي ذو طابع ظرفي، فمن غير المرجح أن تؤدي هذه الزيارة إلى تغييرات حقيقية على مستوى العلاقات الثنائية في أي مجال من مجالات التعاون. وعلى الرغم من إعراب كلا الطرفين عن رغبتهم في دخول مستويات جديدة من التبادل المشترك، إلا أن ذلك يظل مجرد نوايا لا أكثر.
وليس خافيا على أحد الوعود السخية التي أعلنت عنها السعودية سابقا فيما يخص توقيع عقود عسكرية مع موسكو فضلا غن ابرام اتفاقيات، علاوة على ضخ استثمارات بمليارات الدولارات في الاقتصاد الروسي، طبعا لم يحدث أي شيء منها على أرض الواقع وظلت هذه الوعود في إطار الحرب النفسية لإثارة قلق إيران لا غير.
وحول تساؤلنا إن كانت هذه الزيارة تاريخية بالفعل أم لا وهل سيكون لها نتائج فعلية على أرض الواقع؟!، سنفند لكم مجموعة من النقاط تظهر حقيقة هذا الأمر ومدى مصداقيته:
أولاً: أوردت الصحيفة الروسية أنه وعلى الرغم من وصف الزيارة بالتاريخية، باعتبارها أول زيارة لملك سعودي إلى روسيا، لكن من المرجح أنها لن تؤدي إلى أي تغيير جذري في المشهد الثنائي أو الجيوسياسي. فعلى الرغم من قبول الرياض دعوة موسكو، إلا أن ذلك لا يفتح المجال لأي شراكات حقيقية. ففي الواقع، وللدخول في أي نوع من التعاون الثنائي بين الدولتين، من الضروري القضاء على العديد من العقبات كخطوة أولى.
ثانياً: لا يمكن لهذه الزيارة أن تحقق نتائج فعلية بسبب تعارض المصالح الاقتصادية الروسية -السعودية حول موضوع النفط “السلاح الذي استخدمته السعوديّة ضد موسكو وطهران خلال السنوات الماضيّة”. إذا حقيقة الأمر أن روسيا لاتثق في السعودية حيال هذا الموضوع لكونها قد تستخدم هذه الورقة مجدداً، لأهداف سياسيّة وعسكرية.
ثالثاً: تعارض مشروع البلدين في سوريا، كون السعودية تعتبر نفسها وصية على الشرق الأوسط وهي من يسمح أو لا يسمح بالتدخل في شؤون المنطقة، وبالتالي فإن دخول القوات الروسية إلى سوريا جاء ضد إرادة الرياض التي سارعت للمناداة بمقاطعة موسكو دبلوماسيا، كما وصفت الرياض سابقا؛ الدور الروسي في الصراع السوري بـ”المدمر”، ووصلت السعودية إلى قناعة تامة بأن هناك علاقة استراتيجية وثيقة بين سوريا وروسيا لا يمكن زعزعتها، ما أدى إلى اهتزاز ثقة السعودية تجاه الكرملين.
رابعاً: قرب السعودية من أمريكا التي تعد عدّو بارز لموسكو في ظل إدارة ترامب التي لا تدخر جهدا في فرض عقوبات إقتصادية على روسيا.
خامساً: روسيا لا تتخلى عن شريكها الاستراتيجي “إيران” ، مقابل اللاعب السعودي الذي فشل في تحقيق أهدافه الإقليمية التي تتعارض مع الأهداف الروسية، والتي تلتقي بدورها مع الإيرانيّة التي تجمعها علاقات متنامية مع روسيا في الشرق الأوسط. ولإثبات ذلك فقد أقدمت روسيا على بناء محطة للطاقة النووية على الأراضي الإيرانية، كما زودت طهران بنظام الدفاع الصاروخي “إس-300”.
روسيا كذلك، لن تتخلّى عن حليف صاعد كالحليف التركي أمام السعوديّة، لاسيّما في ظل خلاف الأخيرين في الأزمة الخليجية.
ختاماً، ربّما وصلت الرياض إلى قناعة بضرورة اللجوء إلى اللاعب الروسي لإعادة ترتيب أوراقها الإقليمية. لا نستبعد طلب الوساطة، كتلك التي قدّمها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في الأزمة الخليجية إلا أنها وصلت إلى حائط مسدود.
روسيا أيضاً، قد تستغل العجز السعودي لجرّه نحوها، بما يتشابه مع ما حصل مع الجانب التركي سابقاً رغم اختلاف الظروف والحيثيات بين البلدين. الاستجابة الروسيّة ستفرض على السعوديّة تقديم أسماء ولوائح بالإرهابيين القادمين من الجمهوريات الروسيّة في تنظيم داعش الإرهابي، كما تعاونت سابقاً في تقديم معلومات عن قائد جيش الإسلام السابق زهران علوش الذي قضى بغارة روسيّة بناءً على معلومات من الأمير السعودي محمد بن سلمان، وفق مصادر صحفيّة.