معهد دولي : على امريكا أن تدعم تحقيقا دوليا مستقلا بشأن اليمن لهذه الاسباب !
شهارة نت – تقرير :
اوضح تقرير صادر عن معهد جاست سيكوريتي للتحليل الدقيق لقوانين وسياسات الأمن القومي في الولايات المتحدة. وتعزيز الحلول المبدئية والبراغماتية لمشاكل الأمن القومي : ان إجراء تحقيق دولي مستقل في اليمن يساعد الدول على الوفاء بالتزاماتها القانونية للتحقيق، وسيكون خطوة هامة نحو محاسبة الجناة وضمان احترام القانون الإنساني الدولي.
واكد المعهد ان الدول يتحتم عليها التحقيق في انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان. ويجب أن تكون التحقيقات سريعة وشاملة وفعالة ومستقلة ونزيهة وشفافة. وتستمر هذه الواجبات في أوقات النزاع المسلح، حتى لو كانت ظروف النزاع المسلح قد تؤثر على طرائق إجراء تحقيق معين.
وبالإضافة إلى ذلك، يجوز للدول الأخرى، وفي بعض الحالات، يجب التحقيق في مرتكبي جرائم الحرب ومحاكمتهم، بغض النظر عن مكان ارتكاب الجريمة أو جنسية الجاني أو الضحية. كما أن إنشاء آلية مستقلة ومحايدة قادرة على التحقيق في الادعاءات بطريقة تتفق مع المعايير الدولية، يساعد الدول على الوفاء بهذه الالتزامات القانونية.
ويلزم إجراء تحقيق دولي لأن جهود التحقيق على المستوى المحلي لم تكن كافية ولم تف بالتزاماتها القانونية:
اليمن: فشلت لجنة التحقيق الوطنية –التابعة لحكومة هادي- بوضوح في الوفاء بالمعايير الدولية.
في عامي 2015 و2016، عارض السعوديون والدول الأخرى إجراء تحقيق دولي وإنشاء لجنة تحقيق يمنية. ومع ذلك، وكما أوضح نائب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في مارس 2017، فشلت اللجنة الوطنية في “الامتثال للمعايير المعترف بها دوليا”.
السعودية ودول أخرى في التحالف: وهذه الدول مسؤولة عن ضمان أن يتم التحقيق في قواتها وأية ميليشيات أو جماعات مسلحة تمارس عليها السيطرة، وأن تلتزم بالقانون الدولي، وأن يتم التحقيق في الانتهاكات المرتكبة وتقديم مرتكبيها إلى العدالة، والانتصاف للضحايا.
ولم تتمكن الآلية التي أنشأها التحالف الذي تقوده السعودية -فريق تقييم الحوادث المشتركة- من الوفاء بالمعايير الدولية للتحقيقات. ومن بين المشاكل الرئيسية التي تواجهها اللجنة المشتركة: انعدام الشفافية فيما يتعلق بأعضاء اللجنة، واختصاصاتها، ومنهجيتها، والقضايا المتعلقة بنزاهة الهيئة القضائية المشتركة، والافتقار إلى الوضوح بشأن ولايتها وسلطتها مما يثير شواغل بشأن فعاليتها.
كما أن للهيئة أيضا تركيزا ضيقا من شأنه أن يجعل من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، التحقيق بفاعلية في الأنماط الواسعة الانتشار والمنتظمة من سوء المعاملة التي تحدث في اليمن.
ويذكر تقرير صادر عن الأمم المتحدة في أغسطس صراحة أن الجهود المبذولة من أجل مساءلة أطراف النزاع ما زالت “غير كافية تماما للاستجابة لخطورة الانتهاكات والتجاوزات التي تستمر كل يوم في اليمن”.
وهناك حاجة إلى آلية أوسع نطاقا وشاملة، لضمان متابعة المساءلة المجدية. إذا كان السعوديون جادون بتحسين ممارساتهم، يمكنهم التعاون مع التحقيق الدولي وإظهار التزامهم بالتمسك بالقانون الدولي.
ومن خلال إنشاء لجنة تحقيق دولية مستقلة، يمكن لجميع الدول الأخرى، ولاسيما الدول المشاركة في دعم أطراف النزاع في اليمن، أن تتخذ خطوة ذات مغزى نحو تنفيذ واجبها بموجب المادة (1) المشتركة من اتفاقيات جنيف لضمان أن تحترم أطراف النزاع القانون الإنساني الدولي.
وهذه الالتزامات ذات أهمية خاصة للدول التي توفر وتدعم أطراف النزاع و/ أو أن يكون لها تأثير كبير عليها، مثل الولايات المتحدة.
إن إجراء تحقيق دولي مستقل، يعزز حقوق اليمنيين في معرفة الحقيقة والمساءلة. وللضحايا في اليمن الحق الكامل في معرفة الحقيقة والانتصاف من الانتهاكات التي تعرضوا لها. وللمجتمع ككل الحق في الحصول على معلومات تتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
ومن شأن إجراء تحقيق دولي مستقل أن يقطع شوطا طويلا نحو النهوض بهذه الحقوق لأنه سيقدم تقييما موثوقا للانتهاكات وأنماط الإساءة ونسب السلوك إلى أطراف معينة من النزاع ويقدم توصيات ملموسة من أجل الإدراك الكامل لهذه الحقوق. ومن الواضح أن الآليات المحدودة للغاية، وهي اللجنة الوطنية اليمنية واللجنة السعودية، غير قادرة على تحقيق ذلك.
وبينما أوصى التحقيق الذي أجرته اللجنة الاستشارية المشتركة أن يدفع التحالف تعويضا في عدد قليل من القضايا المنعزلة، لكن كما ورد في تقرير للأمم المتحدة الصادر في أغسطس، “لم يتخذ أي تحرك ملموس من قبل التحالف فيما يتعلق بالملاحقات أو التعويضات للضحايا والناجين”.
وكما ذكر أعلاه، فقد تم انتقاد اللجنة الوطنية واللجنة السعودية. ولا تستطيع أي من هاتين الآليتين القيام بالحساب الكامل اللازم للنزاع والتحقيق في الانتهاكات المزعومة من جانب جميع الأطراف. وفي حين أن تحقيق الأمم المتحدة وحده لن يكون قادرا على توفير كل ما هو مطلوب، فإنه سيكون جزءا أساسيا من جهود الحقيقة والمساءلة – تقديم تقييم مفصل للصراع الذي يمكن بناء آليات المعالجة والمساءلة.
إن إجراء تحقيق دولي مستقل يساعد من جهود السلام ويقلل من الانتهاكات المستمرة. وفي غياب اتفاق سلام، ومع إفلات واسع النطاق من العقاب، تتفاقم الحالة في اليمن ويظل الشعب اليمني يعاني.
ومن المرجح أن تؤدي هذه الانتهاكات بدورها إلى إطالة أمد الصراع ومعاناة الشعب اليمني. وكما قالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي: “إن احترام حقوق الإنسان متشابك بشكل عميق مع السلام والأمن، وأن انتهاكات حقوق الإنسان وتجاوزاتها غالبا ما تكون محفزات لعدم الاستقرار والصراع”.
إن إجراء تحقيق دولي مستقل ييسر من إجراء تحقيقات شاملة في الانتهاكات التي ترتكبها جميع الأطراف، بما في ذلك جماعة الحوثيين المسلحة والقوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، والقوات والجماعات المسلحة الموالية لعبد ربه منصور هادي، فضلا عن تنظيم القاعدة. ومن شأن تحقيق دولي مستقل أن يكشف طبيعة ونطاق العنف من جانب العناصر المسلحة غير الحكومية، وأن يقدم وصفا متوازنا وموثوقا بانتهاكات جميع أطراف النزاع، يمكن أن يكون أساسا لعمليات المساءلة العادلة والمصالحة والمساواة في المستقبل.
إن إجراء تحقيق دولي مستقل يمكن أن يعزز من جهود الولايات المتحدة لجعل التحالف الذي تقوده السعودية ممتثلا للقانون. وقال مسؤولون أمريكيون في عدد من المناسبات إنهم “قلقون من إصابات المدنيين في اليمن”.
وفي عدد من المناسبات، أعرب المسؤولون الأمريكيون عن خيبة أملهم من أن “السعوديين لا يستمعون دائما إلى نصيحتنا”. وإذا كانت الولايات المتحدة جادة في تحسين السياسات والممارسات واحترام القانون الدولي فإنها يجب أن تدعم إنشاء لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة لأنها لن تساعد فقط على الضغط على التحالف الذي تقوده السعودية لتحسين ممارساتهم بشكل أفضل، ولكن أيضا تساعد على تحديد أوجه القصور التي يمكن علاجها من خلال المساعدات والمشورة الأمريكية.
إن إجراء تحقيق دولي مستقل في اليمن يساعد مجلس حقوق الإنسان على الوفاء بولايته في الاستجابة لحالات الطوارئ المتعلقة بحقوق الإنسان بطريقة موثوقة وفعالة.
منذ البداية، انتقدت الإدارة الأمريكية الجديدة مجلس حقوق الإنسان، بما في ذلك السفيرة هيلي التي قالت: “غالبا ما يتم تجاهل ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان الأكثر فظاعة في العالم من قبل المنظمة ذاتها التي من المفترض أن تحميها”.
وفي حين أن المجلس قد واجه بعض الانتقادات في بعض الأحيان بسبب عدم الالتزام بمبادئ “الحياد والموضوعية” الواردة في القرار 60/251، لكن إنشاء لجان دولية مستقلة للتحقيقات وبعثات تقصي الحقائق سيكون أفضل بكثير.
إذا عرقلت الولايات المتحدة هذا النوع من المساءلة للامتثال لرغبات حليفتها السعودية، فإن الكثيرين سيشهدون بأن تصرفات الولايات المتحدة تتناقض مع نوع “التلاعب السياسي” الذي كانت السفيرة هيلي مهتمة به.
وتعهدت السفيرة هيلي بأن الولايات المتحدة “لن تتخلى أبدا عن قضية حقوق الإنسان العالمية”. وإذا كان لهذا التعهد أن يكون له أي معنى، فيجب على الولايات المتحدة ألا تترك الشعب “الأكثر عرضة للمعاناة والموت”، بل يجب أن تعمل على إنصاف الشعب اليمني من خلال دعم إنشاء لجنة تحقيق دولية.