الصدق في خطر
فجأة رفع الألمان درجة الحذر , وتأهبوا لهبوب عاصفة شديدة , ستصيب البلاد بالرعب إن هبت وستشل عقله عن التفكير , وستقلب عالي المانيا سافلها , وستجعل الساسة والبرلمانيين في حيص بيص !
والمشكلة أن هذه العاصفة لاتهدم المنازل ولاتخرب البيوت ولاتقتلع الأشجار , ولا تفعل أي شيء مما ذكرت إنما تهدد قيمة عليا في المجتمع وتعرضه للخطر الشديد , وهذا هو مصدر قوتها وسبب خطورتها .
ولكي لا أطيل , لابد أن أضع النقاط على الحروف وأؤكد أن العاصفة التي ستهب على المانيا ستأتي من جهة المجازات اللغوية ,وليس من جهة البحر أو .. أو … لكنها الأكثر شراسة وقسوة وتسببا “للدمار الشامل” ذلك لأنها تستهدف الصدق ! وحين يستهدف الصدق فإن المجتمع يحكم عليها بالسقوط والإنهيار , كما حصل في مجتمعاتنا التي تعيش متآخية مع الكذب والنميمة والخداع, لذا فإنها ظلت تراوح في مكانها فتخلفت عن السير بركب العالم المتحضر.
إن العاصفة التي أتحدث عنها تتلخص بتوابع قيام وزير الدفاع الألماني السابق كارل تيودور تسوجوتنبرج بنسخ عبارات في رسالة الدكتوراة الخاصة به دون الإشارة إلى مصدرها ? كما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية ,حيث “رأى ما يقرب من ثلاثة أرباع الساسة الألمان أن هذه الواقعة أثرت على القيم الألمانية وأن قيمة الصدق هي الأكثر تضررا يليها الاستقامة ثم الثقة والمصداقية”
من هذا الخبر عرفت الفرق بيننا وبين العالم الذي تقدم علينا بسنوات ضوئية حين وضعنا القيم والأخلاق خلف ظهورنا يقول أمير الشعراء أحمد شوقي:
وإنما الأمم الأخلاق مابقيت
فان هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
ففي غمرة إنكساراتنا الحضارية نسينا هذه القيم النبيلة التي هي جزء من تربيتنا ويؤكد عليها ديننا , وقد أشادت الكثير من الآيات بكتابنا الكريم على قيمة الصدق ومكانة الصادقين عند الله قال الله سبحانه وتعالى ” ي?ِا أ?ِي?ْ?ه?ِا ال?ِ?ذ?ين?ِ آم?ِن?ْوا ات?ِ?ق?ْوا الل?ِ?ه?ِ و?ِك?ْون?ْوا م?ِع?ِ الص?ِ?اد?ق?ين?ِ 119-التوبة وقال تعالى: “هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم? لهم جنات تجري من تحتها الأنهار? خالدين فيها أبدا”. (المائدة:119).
وذم الكذب والنفاق والمنافقين الذين جعل الله الدرك الأسفل من النار مأوى لهم , “ل?ي?ِج?ز?ي?ِ الل??ِه?ْ الص??ِاد?ق?ين?ِ ب?ص?د?ق?ه?م? و?ِي?ْع?ِذ??ب?ِ ال?م?ْن?ِاف?ق?ين..?ِ”الآية (الأحزاب/24)
وكيف يصدق المجتمع والسياسيون عندنا تحولوا الى رموز للفساد? بينما ينبغي أن يكونوا حراسا على أخلاق المجتمع كما فعل ساسة المانيا حين تعاملوا مع قضية وزير الدفاع الألماني السابق كارل تيودور تسوجوتنبرج بصرامة شديدة , وهذه نقطة جوهرية في الخبر وقديما قال المتنبي:”إنما الناس بالملوك”فالساسة الذين يرون أن قيام وزير سابق ب”نسخ عبارات في رسالة الدكتوراة الخاصة به دون الإشارة إلى مصدرها”يضع البلاد على فوهة بركان, ويهدد القيم , لأنه يحط من قيمة الصدق والإستقامة والثقة بالتأكيد , يختلفون عن السياسيين الذين يسرقون ثروات بلادهم ويكذبون على شعوبهم ليل نهار ويزورون الشهادات الدراسية والوثائق ويوعدون ولا يفون بوعودهم واللبيب من الإشارة يفهم !!
فهؤلاء هم الذين وضعوا بلداننا على فوهة بركان وكان لابد للشعوب أن “تريد اسقاط النظام “!