شرعية العدوان زيّفٌ وبهتان
بقلم / د. أسماء الشهاري
ما علِمتُ لكم من شرعيةٍ غيري!
هكذا قالت السعودية بأنَّ الوصاية قدرٌ محتومٌ على هذا الوطن وأبنائه يظل يتجرع تحت وطأتها الويلات وأن يظل أبد الدهر في سُبات ولا يكونُ محسوباً على الأحياء ولا الأموات!
ومهما كانت مميزاته وخيراته أن يظل محروماً منها يعاني الأمّرين، ويتصدقون عليه وقت ما شاؤوا بالفتات، وحين قال في وجه الغطرسة: لا، قالت: لأعذبنّك عذّاباً شديداً أو لتعودنَّ إلى عهد العبودية والوصاية!
فقال لها وللعالم المتغطرس المتآمِر: اقضِ ما أنت قاضٍ، فهيهات منّا الذلة هيهات، وإنَّ النصر آت،ٍ ومنّا يتعلمُ العالم معنى الرجولة والثبات.
وأنَّ الحرية أغلى ولو وهبنا في سبيلها كل التضحيات.
هذا مرتكز وأساس العدوان فما هي أهم الذرائع والمبررات؟ وهل كشف يمن الإيمان زيفها وأسقطها منذ بداية العدوان وأفشل جميع المُآمرات؟
أولاً: التحجج بشرعية هادي؛ بالرغم من الآتي:
1_أنَّ شرعيته قد انتهت ثمَّ بناءاً على طلبه تم التمديد له لمدة سنة أخرى وقام بعد ذلك بملء إرادته بتقديم استقالته رسمياً إلى مجلس النواب(مجلس تمثيل الشعب).
فكيف تكون شرعية لرئيس انتهت ولايته ثم مُدِدَ له ثم قدم بكامل رضاه استقالته من الرئاسة.
2_التحجج بالمبادرة الخليجية لدعم الشرعية، على الرغم من أنه لم تعد شرعية هادي مقبولة حتى بالمبادرة الخليجية؛ لأنها تنص على أن هناك رئيساً لمدة عامين فقط على أن تجري بعدها الانتخابات الرئاسية.
3_لم تعُد لهادي أي شرعية تُذكَر وهو مركوضٌ من كل أبناء اليمن شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، وقد أحرقوا صوره في المحافظات الجنوبية وداسوها بالأقدام، ولم يَعُد بإمكانه البقاء حتى لمدة يومين في قصر المعاشيق بعدن أو في أي محافظة زعم العدوان الظالم أنه حررها من المليشيات.
إذاً هو رئيس مرفوض لم يَعُد له مكان إلا الفندق الذي يقبع فيه عند أسياده من بني سعود.
ثانياً: الحجة الثانية هي التصدي للمد والنفوذ الإيراني.
وهذه كذبة كبيرة وسخيفة في نفس الوقت، فالشعب اليمني يرى طائرات وأسلحة أمريكية تقصفه طولاً وعرضاً وتُدمِرُ بنيتهُ ومنشآته وتقتلُ أبناءه،
وهي فِرية كبيرة لم يستطع هذا العدوان الظالم بكل تحالفاته أن يثبتها، ولديه الأقمار الصناعية والطيران الاستطلاعي المتطور وأجهزة الرصد والكشف، والعديد من العملاء والمنظمات الاستخبارية وعلى رأسها CIA الاستخبارات الأمريكية، لم يستطع كل هؤلاء أن يقدموا دليلاً واحداً على وجود جندي إيراني في اليمن، أو قطعة سلاح إيرانية، أو حتى رصاصة واحدة من إيران، ولديهم كل التكنولوجيا لعرض مثل هذه الأشياء إن وجدت على قنوات العدوان مثل العربية والحدث وغيرها من عشرات القنوات الفضائية التابعة له.
ثم نجد دول العدوان وهي تقصف وتدمر اليمن متصدية بزعمها للمد الفارسي، ونجدها تقيم العلاقات الثنائية السياسية والتجارية والإقتصادية مع إيران!
وإيران أقرب إليها من اليمن وكان ينبغي حسب زعمها لإيقاف المد الإيراني أن تضرب هذا المد في عقر داره.
ثالثاً: من مبررات العدوان استخدام الورقة الطائفية المذهبية.
وهذه أقبح وأشنع كذبات هذا العدوان، وقد رفعوا كذباً و زوراً قميص أهل السنة والجماعة، وأنهم يتصدون للشيعة المجوس الروافض الذين يسبون الصحابة وأمهات المؤمنين بزعمهم، وكانت هذه الفرية أقبح الفِريات وأشنع الكذبات، فأهل اليمن منذ قرون عديدة يرجعون إلى صدر الإسلام وعهده الأول، معروفون بأن الطائفية لا توجد لديهم، فهم إما زيود يتبعون مذهب الإمام زيد بن علي عليه السلام أو شوافع يتبعون مذهب الإمام الشافعي رحمه الله.
وفي اليمن بالذات يصلي هذا خلف هذا في أي مسجد من مساجد اليمن، ولم نسمع بدعوى الطائفية هذه إلا من شيوخ الفتنة والنفاق وأتباعهم من الوهابية والإخونجية والدواعش القادمين من نجد قرن الشيطان.
ولم يُحدِّث أحدٌ من أبناء اليمن نفسه أهو يصلي خلف شافعي أو زيدي، إطلاقاً.
ورقة الطائفية هذه لا يستسيغها أهل اليمن ذوي الحكمة والفطرة السوية والإيمان الصادق، ويبغضون هذه الورقة، ومن يسوق لها، بغضاً شديداً، وليس لها سوق عندهم، فسوقها هناك في نجد قرن الشيطان ومنبع الفتن.
رابعاً: ومن الحجج الواهية حجة استيلاء أنصار الله على الدولة ومصادرة مؤسساتها.
وهذا كذب و زور وظلم وفجور، فقد انخرط أنصار الله في الحوار الوطني ولم ينسحبوا من الحوار ومناقشة أمور البلاد بالطرق السلمية بالرغم من الاعتداء عليهم أثناء الحوار الوطني نفسه، و قدموا فيه شهداء من خيرة أبنائهم ورجالهم، بل من خيرة أبناء ورجال اليمن أمثال البروفيسور أحمد شرف الدين والدكتور عبدالكريم جدبان والإعلامي الكبير عبدالكريم الخيواني، ولم يحدث أن تعرض أحد من بقية الأحزاب الأخرى حتى لشوكة تصيبه بينما قدم أنصار الله أولئك الشهداء العظماء.
وبعد ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر 2014 م كان بإمكان أنصار الله أن يستولوا على السلطة بالكامل وأن يستحوذوا عليها، ولكنهم بسطوا أديهم لبقية الأحزاب والمكونات حتى تلك التي ناصبتهم العداء على مدى أكثر من ستة عشر عاماً منذ عام 2002 م أو ما قبله.
ومع ذلك وبرغم انتصاراتهم التي حققوها على الأرض سعوا إلى الشراكة الوطنية مع كل الأحزاب والقوى السياسية، ووقعوا مع بقية الأحزاب السياسية على وثيقة السلم والشراكة، وأقرتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن والدول الإقليمية، واعتمدت أساسا للعمل السياسي والتبادل السلمي للسلطة.
خامسا: من المبررات الواهية أيضاً هو أن أنصار الله وحلفاءهم مجرد مليشيات مسلحة تهوى العنف والحروب، وكأنَّ بقية الأحزاب أمثال حزب الإصلاح و دواعشهم لم يتخذوا من المساجد والجامعات مراكز للتفخيخ وصناعة المتفجرات، وبؤراً للتدرب على الاغتيالات وقتل النفس المحرمة، ثم كأنهم لم يقوموا بتفجير المساجد بمن فيها من المصلين الركع السجود الذين يشهدون أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله.
ثم كأنَّ هذه الأحزاب لم تكن تملك الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، وإنما كانت تمتلك الورود والرياحين!
ولا ننسَ أن الشعب اليمني بأسره لا تكاد تجد بيتاً فيه إلا وتجد فيه بعضاً من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية التي تباع في كثير من المناطق والأسواق وعلى قارعة الطرق، فالشعب بأكمله مسلح، وهناك أكثر من مليون قطعة سلاح داخل البلاد.
سادساً: من المبررات أنَّ هذه المليشيات تهدد الملاحة الدولية خصوصاً في مضيق باب المندب، وهذه أيضاً فِرية كاذبة لأن أنصار الله وحلفاءهم لم يعتدوا على أي سفينة تجارية أو غيرها تُبحر في هذه المياه الإقليمية، وإنما يستهدفون سفن العدوان وبوارجه وهذا ما أثبته أكثر من عامين ونصف من العدوان، ولو أرادوا تعطيل حركة الملاحة لفعلوا ذلك منذ وقت طويل ولملأوا على الأقل مضيق باب المندب بالألغام البحرية.
ولكن إذا ما استمر العدوان في تصعيده وحماقاته، خاصةً ما يتعلق بأي محاولة لغزو ميناء الحديدة الذي يعد المنفذ الوحيد للضوء، والرئة التي يتنفس منها هذا الشعب العزيز المظلوم ولو قليلاً في ظل هذا العدوان والحصار الغاشم الجائر والذي تسبب في مشاكل كارثية، فإنه سيقابله تصعيد من قبل رجال الرجال من أبناء الجيش واللجان الشعبية الأحرار وخاصة في القوة الصاروخية والبحرية.
سابعا: من ضمن المبررات الواهية الكاذبة هي أن أنصار الله يستهدفون الجيش ويهدفون إلى النيل منه، وهذه كذبة رخيصة فالجيش الوطني هو الذي يدافع عن البلاد بأفراده ولجانه الشعبية أما ما يطلق عليه العدوان أنه الجيش الوطني ما هم إلا مجموعة من الخونة المرتزقة وإلا فكيف لجيش وطني أن يجلب إلى بلاده القتلة والمجرمين من شذاذ الآفاق أمثال البلاك ووتر والدين قروب والجنجويد، الذين اتضح أن عدداً منهم صهاينة جاءوا لتنفيذ مخططات إجرامية تستهدف اليمن أرضاً وإنساناً.
*هذه أهم ذرائع ومبررات العدوان على اليمن، وهناك غيرها من الذرائع التي قام العدوان ومرتزقته باستخدامها من قبل شن عدوانه الغاشم واستمر في الترويج لها معتقداً بذلك أنَّ بإمكانه التغطية على جرائمه بحق اليمن أرضاً وإنساناً والتي لم يشهد لها التاريخ مثيلا من قبل، أو أن بإمكانه تركيعه وامتهانه.
ومن ضمن هذه المبررات استخدامه لورقة تعز التي أفسدها مرتزقة حزب الإصلاح ودواعشهم الذين باعوا تعز ودمروها وقتلوا أبناءها مقابل حفنة من الأموال،
ومن المفارقات العجيبة كذبة ما يسمى بحصار تعز التي استخدموها خلال فترة ما ولم يكن ثمة حصار، لكن إعلام العدوان ومرتزقته كانوا يروجون لهذه الفرية دون حتى أن يعيروا أي اهتمام لحصار خانق يقتل البلاد بأسرها براً وبحراً وجواً، ودُمِرت فيه جميع الموانيء والمطارات وأغلقت جميع المنافذ البرية ثم بعد ذلك يصرخون تعز محاصرة ولا يأبهون لقتل شعب بأكمله بالجوع والحصار.
ويركز العدوان على تعز لأنها تطل على مضيق باب المندب، وسيطرة العدوان على تعز تعني السيطرة على مضيق باب المندب وطرق الملاحة في البحر الأحمر لذلك يسعى العدوان إلى إشعال جبهاتها بكل وسيلة برغم معرفته أن كثيراً من مرتزقته هناك قد سرقوا أموالا طائلة ًمن دعم العدوان لمجهوده الحربي وفرَّ بها إلى تركيا وغيرها ليودعها في البنوك ويستثمرها هناك.
وغيرها من المبررات والحجج الواهية التي يستخدمها العدوان لكي يضفي الشرعية لاستمرار شن عدوانه الغاشم على بلد الحضارة والإيمان، ولكن كلها مبررات وذرائع كاذبة وزائفة وساقطة كسقوط العدوان الإنساني والديني والأخلاقي وبكل المعايير وفي جميع الأعراف البشرية طيلة فترة شنه لهذا البغي والإجرام بحق اليمن واليمنيين.
إذاً لمن الشرعية اليوم؟
لا يوجد على وجه الأرض من يستحق السيادة والريادة والشرعية كشعب اليمن العظيم الذي يسطر في كل يوم أروع ملاحم الثبات والصبر والبطولات والنصر في شتى المجالات وفي مختلف الميادين وأمام هكذا تآمر عالمي وتكالب أممي وبغي وعدوان،
نقول للعالم يكفي مغالطة، أما رأيت ملحمة يوم السبعين في العيد الثالث لثورته المجيدة المباركة.
افتح عينيك جيداً لترى الحقيقة في أنصع صورها والتي لا يمكن بل ويستحيل تجاهلها أو إغفالها أو استخدام الأكاذيب والزور والبهتان حيالها.
وإن كنت لا تزال متسمراً ولا تزال مستغرقا في دهشتك حيال هكذا شعب أسطوري لم يسبق له مثيل، ولن يكون له بديل سواه، ويستحيل على كل لغات الدنيا أن تبلُغ منتهاه.
سنرفع أصواتنا نحن ملايين الشعب اليمني لنيقظك مجدداً ونقول لك هنا الشرعية، هنا التاريخ، هنا الحضارة، هنا النصر.
والثورة مستمرة.