قيادة النساء للسيارات.. عندما يتحول الحرام الى حلال في السعودية
شهارة نت – استطلاع :
بحكمٍ شرعيٍّ مناقضٍ لجميع الأحكام التي سبقته، اصدر الملك سلمان بن عبد العزيز قرار سمح بموجبه للسعوديات قيادة السيارة، ملغياً بجرة قلم سنوات من تعب واجتهاد علماء المملكة الذين دأبوا على إصدار الفتاوى تُحرِّم على المرأة قيادة السيارة، فهل أصبح الحرام حرام في زمن سلمان وابنه أم ماذا؟
وبحسب الأمر الملكي، الذي صدر الثلاثاء 27 سبتمبر/أيلول، إن “الحكم الشرعي في ذلك هو من حيث الأصل الإباحة، وإن مرئيات من تحفَّظ عليه سابقاً تنصب على اعتبارات تتعلق بسد الذرائع المحتملة، التي لا تصل ليقين ولا غلبة ظن”، وتابع في القرار الذي جاء صادماً للسعوديين، إلى أن “هيئة كبار العلماء لا يرون مانعاً من السماح لها بقيادة المركبة، في ظل إيجاد الضمانات الشرعية والنظامية اللازمة”.
وأشار الملك سلمان بن عبد العزيز في أمره الملكي الى أنه أخذ بعين الاعتبار ما يترتب من سلبيات من عدم السماح للمرأة بقيادة المركبة، والإيجابيات المتوخاة من السماح لها بذلك، مع مراعاة تطبيق الضوابط الشرعية اللازمة والتقيد بها.
وشكل منع السعودية المرأة من قيادة السيارات، تحت ذرائع مختلفة مادة دسمة لوسائل الاعلام للاستشهاد بحالة القمع وافتقاد مقاومات الحرية في هذا البلاد، كما تحولت الحجج التي اجتهد شيوخ الوهابية في ايجاده لتبرير منع النساء من قيادة السيارات الى سخرية على وسائل التواصل الاجتماعي خلال السنوات القليلة الماضية، باعتبار السعودية الدولة الوحيدة في العالم التي تمنع بمبررات دينية يرفضها معظم علماء المسلمين.
الجدل حول حق المرأة في قيادة السيارة موضوع قديم في السعودية، واعتبر على مر العقود محرما بشكل غير قابل للطعن، اذ اعتبرت هيئة كبار العلماء (وهي أعلى سلطة دينية في السعودية) ، في العام 1990 وتحت رئاسة المفتى العام للمملكة عبد العزيز بن باز ، وبفتوى رسمية أن قيادة المرأة السيارة أمر مخالف للشريعة الإسلامية، وتلى ذلك وفي النفس العام اعتراض عن من النسوة السعوديات اللواتي شاركن النساء في حملة تطالب بالسماح لهن بقيادة السيارات، ولكن السلطة واجهت مطالبهن بالرفض واعتقلتهن وأفشلت حملتهن المطالبة بالسماح بقيادة السيارات.
وعلى مدى الاعوام اللاحقة اجمع عموم مشايخ الوهابية السعودية على تحريم قيادة المرأة للسيارة، وافتى عضو هيئة “كبار العلماء” الشيخ صالح الفوزان بتحريمها معللا رفضه أن “المحاذير كثيرة وأخطر شيء أنها تعطيها الحرية بأن تأخذ السيارة وتذهب إلى من تشاء من رجال ونساء”.
وعلى نفس المنوال أفتى الشيخ محمد بن عثيمين الذي يعتبر من كبار مشايخ الوهابية بتحريمها قائلاً : “لا شك أن قيادة المرأة للسيارة فيها من المفاسد الكبيرة ما يربو على مصلحتها بكثير هذا فضلاً عن أنها ربما تكون سلما وبابا لأمور أخرى ذات شرور فتاكة وسموم قاتلة”، على حد قوله.
في عام 2017 وتحديدا في شهر نيسان الماضي جدّد مفتي السعودية عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، التحذير من فتن قيادة المرأة السيارة، وطالب بعدم السماح بذلك وإقراره، لكونه أمراً خطيراً يعرِّض النساء لأبواب شرّ كبيرة، حسب تعبيره، وقال المفتي “قيادة السيارة قد تفتح عليها أبواب شر ولا تنضبط أمورها، فالواجب والمطلوب منا إلا نقرَّ هذا، لأن هذا أمر خطير يعرضها للشرور، ولا سيما من ضعفاء البصائر الذين يتعلقون بالنساء، وربما سبب خروجها وحدها وذهابها إلى كل مكان من غير علم أهلها بها شرور كثيرة، نسأل الله السلامة والعافية، حسب وصفه.
وبعد قرار الملك الاخير، سارعت هيئة كبار العلماء الى مباركة أمر الملك، وأوضحت الهيئة في أول رد لها عقب القرار في تغريدة على حسابها في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” بالقول (حفظ الله #خادم_الحرمين_الشريفين الذي يتوخى مصلحة بلاده وشعبه في ضوء ما تقرره #الشريعة_الإسلامية).
بدوره قال عبد اللطيف آل الشيخ، رئيس عام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سابقًا، قائلًا: “صدر أمر سامي بالسماح للمرأة بقيادة المركبة؛ وهذا يساعد على الاستغناء عن السائق الأجنبي، وما فيه من محاذير وسلبيات، ولا يوجد ما يمنع شرعًا من ذلك“. وبعد هجوم الكثيرين على القرار أضاف “آل الشيخ” في تغريدة أخرى: “الأمر السامي بالسماح لقيادة المرأة للمركبة ليس فيه مخالفه شرعية، والمرأة تختار ما يحقق مصلحتها
في حين علّق الداعية السعودي سليمان الطريفي على قرار الملك بالقول، قائلًا: “شكرًا خادم الحرمين، إن لم تقد بناتي السيارة فعلى الأقل سأجلب لهن سائقة بدلاً من رجل أجنبي كان يؤلمني ركوبهن معه“.
ولا يختلف اثنان على ارتباط الدين بالسياسة في السعودية، أو بمعنى أصح أن الدين يجير لأجل خدمة الاهداف السياسية، وأصبح من المعروف جداً أن هيئة “كبار العلماء” التي يرأسها مفتى المملكة عبد العزيز آل الشيخ، ليست إلا مجرد لعبة بيد الملك وبلاطه تحلل ما يرد وتحرم مايرد بغض النظر عن الدين وبعيدا كل البعد عن كتاب الله ايضا.
وعلى الصعيد الشعبي اثار الموقف في موقف الدعاة غضبا وسخرية واسعة اذ قال المغردون على مواقع التواصل الاجتماعي انه اذا حلل الملك أمرا قلتم أنه حلال واذا حرم مطالبين بالتفسير كيف يتحول الحرام سابقا الى حلال، واصفين هئية كبار العلماء بهيئة كبار المنافقين وعلمائها بعلماء السلطان.