المستقبل..يعني التغيير الآمن
تصر بعض القوى السياسية التي ترى أنها جزء من مكونات ما يسمى ب”الثورة” على المضي في طريق تأزيم الأوضاع بهدف خلق حالة من الانهيار الذي سيضع البلاد برمتها على مهاوي الفوضى والتشرذم والتشطير ..وكأنها لم تعد تصغي أو تتفهم لأي صوت يدعو لتحكيم العقل في سبيل مصلحة الوطن وكل أبنائه . هذه المصلحة التي لا يمكن تحققها إلا بشروط إخضاع التباينات للحوار والتفاهم وتقديم التنازلات والترفع عن الصغائر وتوافه الأمور.
واللافت المعيب هو أن يبقى هذا الإصرار على حاله حتى الآن.. أمام خارطة طريق لحل الأزمة رسمها وحدد ملامحها فخامة رئيس الجهورية _شفاه الله_ وذلك في خطابه التاريخي إلى كافة أبناء الوطن بما في ذلك هذه القوى السياسية التي نستغرب تحفظها حتى اللحظة بصورة رسمية عن موقف شجاع تجاه مضامين دعوة فخامته إلى التغيير الآمن والشراكة وفقا?ٍ للدستور والقوانين.
ورغم ما حدث لفخامته من محاولة اغتيال غادرة ?فانه من المهم النظر إلى مجمل مضامين خطابه بعين التقدير الوطني الذي عبر عنه فخامته انطلاقا من مسؤوليته التاريخية والوطنية تجاه الوطن وكل أبنائه بلا استثناء.
وهو الأمر الذي ينبغي أن تتحلى قوى السياسة والأحزاب بهذه القيمة ?التي تعني الترفع عن رغبات الانتقام ومشاعر الحقد والكراهية ?وسوء النوايا.
نعلم انه ليس هناك من أحد يضع أحداث المشهد الوطني في ميزان العقل إلا وأدرك أنه لا مجال أمام المكابرة والمقامرة والمغامرات الطائشة ? ولا مجال لفرض النزعات الاستقوائية ? وشروط الإقصاء والإلغاء? وهو ما أكده فخامته في خطابه إلى أبناء الشعب ?إدراكا منه بأن الظروف التي تعيشها البلد لاستدعي غير الحوار ? والحوار الجاد الذي تشترك على طاولته كافة مكونات المجتمع وفئاته السياسية والاجتماعية ..
نعم الحوار الذي يعني التوصل إلى التغيير الآمن والشراكة وفقا لقواعد الدستور والقواعد الديمقراطية التي أرادها الشعب واحتكم لها منذ عقدين من الزمن.
ويلزم الإشارة إلى أن دعوة فخامته لم تكن موجهة في سياقها السياسي إلى قوى المعارضة وتحالفاتها القبلية والعسكرية التي برزت تحت يافطة “الثورة”وإنما شملت دعوته الحزب الحاكم (المؤتمر)ومعه أحزب المعارضة (التحالف الوطني) فقد دعا الجميع إلى مراجعة مواقفهم السياسية والعودة إلى طاولة حوار يضمن عدم انزلاق الوطن إلى مهاوي التشرذم والفوضى والاقتتال.
وهو بذلك يقدم رؤية للمستقبل ?المستقبل الذي لا يعنيه وحده كشخص أو كرئيس أو يعني أقربائه وأركان نظامه كما تحاول بعض القوى تفسيرها حديثه ? وان رؤية فخامته للمستقبل ?تعني المستقبل الذي لابد أن يرتبط بهواجسه وأحلامه كل مواطن يمني دون استثناء .فهل يعقل الساسة وهل يتعلمون?!