برنارد ليفي في إقليم كردستان.. عرّاب ثورة أم غُراب تقسيم!
العراق
شخصية حلّ معها الخراب والفتن أينما حلّت، شخصية يعتبرها الكثير من المحللين “المنتجة فكريا” لنظرية الثورات العربية أو ما عُرف بالربيع العربي.
هو “برنارد ليفي” أو عرّاب الثورات العربية كما يحلو للبعض وصفه، هو فيلسوف يهودي فرنسي أظهرت الصور تواجده في كردستان العراق إلى جانب آل البرزاني يوم الاستفتاء على الانفصال، فهل هذا مجرد صدفة؟ طبعا لا وتاريخه خير دليل.
لو استعرضنا سلسلة الأحداث التي هزّت المنطقة خلال السنوات الأخيرة سنجد آثار أقدام ليفي بارزة في كافة الساحات، من أفغانستان إلى السودان، ومن تونس وصولا إلى مصر وليبيا مرورا بسوريا، أوروبيا أيضا البوسنة وأوكرانيا وخلال أزماتها شهدت حضور ليفي المباشر.. نعم لقد حضر شخصيا في كل مكان!
نعم تواجد في غرف عمليات الثوار الليبيين، وله صور مع أحمد شاه مقصود، ومع قادة الانفصال جنوب السودان، يقول بنفسه إنه كان في ميدان التحرير أثناء الثورة المصرية… حضوره الأخير كان وبشكل علني محاطا بعائلة البرزاني يوم الاستفتاء المشؤوم في كردستان العراق.
“برنارد ليفي” الفخور بصهيونيته إذا ما تتبعنا مسيرة ما يزيد عن أربعين عاما من نشاطه الفكري والعملي سنجد 3 شواخص أساسية تطبع مسيرة حياته.
الأول: العداء المطلق لكل أسُس الإسلام فقهيا ودينيا
عام 2008م نشر ليفي كتابا حمل عنوان “اليسار في الزمن المظلم: مواجهة البربرية الجديدة” تحدث فيه عن اليسار بشكل عام وعن الإسلام بشكل خاص وكيف يتهدد الغرب فكريا، مشبها الإسلام بالفاشية الجديدة. كما أنه وضع العرب والإسلام والإرهاب في نفس الموقع. ليفي اعتبر الحجاب أمرا يسلب الانسانية من المرأة وقد أشار في أكثر من مكان إلى أن الإسلام النموذجي يتمثل بالفكر الإسلامي الحاكم في إقليم كردستان العراق.
الثاني: الدفاع المطلق عن الكيان الإسرائيلي
عام 2010م اعتبرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية أن ليفي هو الشخصية اليهودية الـ45 من حيث النفوذ والتأثير في العالم.
خلال حرب 1967م بين العرب والكيان الإسرائيلي كان ليفي يبلغ 19 عاما من العمر، سارع الأخير للتوجه إلى السفارة الإسرائيلية في باريس ليتوجه إلى فلسطين المحتلة ويشارك في القتال. ولكن لم تسنح الفرصة له للوصول بسبب انتهاء الحرب خلال ستة أيام.
اليوم يعتبر ليفي الجيش الإسرائيلي هو الأكثر ديمقراطية وأخلاقية في العالم، ويبرر له كافة الحروب التي يخوضها والجرائم التي يرتكبها، وعلاقاته بالمسؤولين الإسرائيليين تؤكد مقدار قربه من ساحة القرار في هذا الكيان. يكفي هنا الإشارة إلى أنه اعتبر مرشحا حقيقيا لرئاسة الكيان عام 2011م.
أول كتاب شهير لليفي حمل اسم “القومية في بنغلادش” الذي كتبه عام 1973م وذلك بعيد انفصال الباكستان وبنغلادش. ومنذ ذلك الحين وإلى اليوم لم يتوان ليفي عن تقديم النظريات بخصوص عالمنا الإسلامي حتى وصل إلى مرحلة احتل شاشات الإعلام العالمي بين ليلة وضحاها، وبات المنظر الأول لما سمي بالربيع العربي خلال السنوات الماضية.
أواخر القرن العشرين ظهرت صور لليفي في البوسنة، بعدها أطل في صور له في أفغانستان جمعته بأحمد شاه مقصود، خلال فترة مواجهات انفصال جنوب السودان كان حاضرا وسط المجموعات المقاتلة ومع قيادات الانفصال، عام 2008م وخلال المواجهة بين روسيا وجورجيا حضر إلى جورجيا لدعم الجهود الغربية هناك، عام 2009م ساهم في نشر أفلام تساعد بنظره على سقوط النظام الإسلامي في إيران، ليبدأ بعدها مرحلة الثورات العربية حيث تواجد في مصر وليبيا، عمل كثيرا من أجل دفع الغرب للتدخل عسكريا في سوريا وكان له مقال شهير وقعه وزير الخارجية الفرنسي السابق “برنارد كوشنير” طالب فيه الغرب بمواجهة نظام الأسد في سوريا. بين أعوام 2014 و2015م عمل على خط الأزمة الأوكرانية داعما معارضي موسكو.
بعد هذا العرض المقتضب يُصبح من السذاجة القول إن وجود هكذا شخص في إقليم كردستان العراق وفي هذا التوقيت بالتحديد محض صدفة، بل هي مهمة جديدة ينفذها ليفي الذي يغازل أكراد كردستان العراق منذ سنوات. تقول بعض المصادر إن ليفي على تواصل قديم مع الأكراد ومع عائلة البارزاني ومسعود البارزاني شخصيا، وهو صديق لهوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي السابق. ليفي أخذ على عاتقه الحملة الإعلامية لبارزاني والدولة الكردية المزمع إنشاؤها والتي لا يمكن وصفها إلا بإسرائيل ثانية وسط عالمنا الإسلامي.
ختاما لا بد من تحذير أكراد كردستان العراق من مغبة الخوض في المشاريع الصهيونية التي لا يمكن أن تخدم إلا الصهيونية العالمية والکيان الإسرائيلي، فالجغرافيا والتاريخ هما اللذان يحكمان، إقليم كردستان العراق لا أمل له بالحياة ولن تنفع رفرفة العلم الإسرائيلي في أربيل الأكراد شيئا. وليتذكر الأكراد فشل البارزاني الأب حين أسس دولة مهاباد التي سقطت ووُئدت بعد أقل من عام على تأسيسها. وكيف أن فشل دولة مهاباد أرجع الأكراد عشرات السنين إلى الوراء.