صلاح الدين الأيوبي يحمل رشاش «إم 16» ويحرر فلسطين من بعلبك
باستعادة بطولات القائد صلاح الدين الأيوبي? افتتحت «مهرجانات بعلبك الدولية» مساء أول من أمس موسمها الجديد? حيث امتطى الفنان عاصي الحلاني فرسه الأسود وصعد به إلى المسرح وامتشق سيفه وعلى رأسه خوذته? محاولا توحيد الصفوف وطرد الغزاة الصليبيين من الأراضي المقدسة? يرافقه جنده وأعوانه ومن انضموا إلى صفوفه. عمل مسرحي غنائي من تأليف وتلحين وإخراج الأخوين فريد وماهر صباغ يحمل عنوان «من أيام صلاح الدين»? حيث يلعب الحلاني دور القائد التاريخي الكبير? بينما تلعب كارين راميا دور سلمى التي يقع صلاح الدين في حبها خلال المسرحية? وهي التي جاءت من جبل لبنان مع مجموعة من المقاتلين الرهبان لاغتياله? لكنها تعدل عن تصميمها وهي تكتشف شهامته ونبله.
قصة صلاح الدين ملبننة? مع إسقاطات على الوضع العربي الراهن? حيث يبدو أن الثورات بدأت تفعل فعلتها في ميول الفنانين? ورغبتهم في استعادة شعارات الوحدة والتحرير. أحسن المخرجان صنعا حين استغلا مساحات رائعة من قلعة بعلبك التاريخية. قدمت المسرحية بين معبدي جوبتر وباخوس? حيث أضفت الأعمدة الشاهقة مهابة لا تقاوم على المشهد. وإضافة إلى المسرح بأعمدته العملاقة المضاءة أطل الجنود من أكثر من جهة? حيث اعتلوا سورا خلفيا تاريخيا ومبنى على يمين الخشبة? غنوا حاملين راياتهم لابسين خوذاتهم. مهارة في تصميم الأزياء التي رسمتها فاتن مشرف من «مركز كركلا للأبحاث»? لكن المسرح بدا منخفضا عن المستوى المطلوب? مما أزعج الجالسين في المقاعد الخلفية? وبقيت الإضاءة غير مضبوطة بما يكفي لتسليط الضوء على الشخصيات.
قصتان في قصة واحدة? حيث يطل من مقدمة الخشبة رجلان? هما الكاتب بلال مختار وصديقه عصام? يعيشان في مصح. بلال يكتب قصة صلاح الدين ويتناقش مع عصام حول أحداثها لتنطفئ عنهما الأضواء? وتنتشر على المسرح الكبير? ونرى شخصيات القصة تتحرك. المؤلف بلال يكتب حكاية صلاح الدين عند دخوله القدس في القرن الـ12? وإنصافه لأهل الذمة ورفضه لتهديم كنيسة القيامة? معتبرا أن «من يهدم حجرا من كنيسة القيامة كأنما يهدم المسجد الأقصى». يصفق الجمهور بحرارة لبطولات صلاح الدين وشهامته. وسرعان ما يبدأ حصار عكا من ملك إنجلترا ريتشارد قلب الأسد? ويظهر فيليب? ملك فرنسا أيضا? وتتكالب المؤامرات على فلسطين في وجه صلاح الدين. بينما يعطى لجبل لبنان والموارنة فيه دورا مضخما? يبين كيف تحالفوا مع الغرب ثم لم يجدوا من يحميهم غير صلاح الدين? أمام لا مبالاة الغرب بهم.
عودة إلى الجانب الشعاراتي التبسيطي? وتحميل للفن المسرحي الغنائي أكثر مما يحتمل? ودخول في مغامرة تصوير الحرب على المسرح? باستخدام مواد حساسة? مما أشعل سور قلعة القدس? في ديكورات مصنوعة من مواد سريعة الاشتعال. الأمر الذي تم تداركه بسرعة? من قبل فريق العمل? دون أن يبدو أي ارتباك على الممثلين الذين واصلوا العرض وكأن شيئا لم يكن. غنى عاصي الحلاني ورقص ومثل? وبقي أداؤه دون المنتظر? بينما لعبت كارمن لبس بإجادة دور المرأة الصليبية التي تدخل في مؤامرة تحاك بين ملوك الغرب للسيطرة على الشرق.
أوركسترا من 45 عازفا رافقت العرض الغنائي? بقيادة المايسترو هاروت فازليان? بينما شارك في الغناء كورس الجامعة الأنطونية بإدارة الأب توفيق معتوق? لكن الكثير من الألحان مع كلماتها? خاصة في الفصل الأول? لم تأت على المستوى المنتظر منها? ثم جاءت أخرى أفضل حالا مثل تلك التي يغنيها الحلاني? بعد أن يطرد حكام العرب الذين يجمعهم لإنقاذ فلسطين. يجتمع الحكام لكن تبقى خلافاتهم تطفو على السطح فيطردهم صلاح الدين وهو يقول لهم بغضب: «كل الشهدا راحوا وانتو حاكمين. تاريخ بالذل انكتب بكرا راح ينقال ما عدنا تلاقينا ما عدنا توحدنا من أيام صلاح الدين».
ننتقل في المشاهد بين الكاتب الذي يجلس في ركن من مقدمة المسرح? يرتب الأحداث على الورق برفقة صديقه عصام? ومسرحيته التي نراها حية على الخشبة مملوءة شخصياتها بالحياة? حتى يدخل الكاتب في غيبوبة? ويعجز عن تحريك الأبطال? فيزورهم ظله واحدا بعد الآخر? طالبا منهم إيجاد حل لمعضلة الحرب التي لا تنتهي. أجاد أنطوان كرباج كعادته أداء دوره? لكن حوارات العمل سقطت? أحيانا? في سوقية لا يحتملها المسرح باستخدام ألفاظ كان يمكن حذفها وثرثرة من الضروري اختزالها.
حاول المخرجان تحديث المشاهد? باستخدام رشاشات إم 16 ومسدسات? على اعتبار أن الإفرنجة آتون بأسلحة حديثة? لكن هذا الاستخدام في خضم حوادث جرت في القرن الـ13 الميلادي جاءت في غير مكانها? وبدلا من أن تضفي طرافة أحدثت استغرابا وشعورا بخطأ ما قد حدث. وكان يفضل ألا يترك عاصي الحلاني بثياب القائد الذي يفترض أنه يتميز بالمهابة? يحمل الرشاش ويطلق الرصاص الحي في الهواء لعدة مرات? مما أفزع بعض الحاضرين.
«من أيام صلاح الدين» هي المسرحية الغنائية الأولى التي تقدم في بعلبك منذ 55 عاما بحوارات وأغنيات حية بالكامل. لكن هذه التجربة شابتها ثغرات فنية عدة? منها تقطع في الصوت? وتأتأة م