المخطط الأمريكي الصهيوني الجديد للسيطرة على القدس
شهارة نت – فلسطين المحتلة :
شرع الرئيس ترامب منذ دخوله إلى البيت الأبيض، إلى إيجاد ثغرات تعرقل الحلول السياسية في فلسطين.
وجاء باقتراحات ضد الشعب الفلسطيني، وكان أبرزها نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وذلك لتحقيق حلم الصهاينة في الأرض التي اغتصبوها منذ سنوات، ولم تكن خطوة ترامب مخفية على المجتمع الفلسطيني، فترامب كغيره من الرؤساء الأمريكيين، يقدمون الدعم للكيان الصهيوني مقابل مصالحهم على حساب طعن القضية الفلسطينية، وضياع حقوق الفلسطينيين.
تتوالى المساعي الأمريكية والإسرائيلية لتحجيم الدور الفلسطيني سياسياً، خوفاً من عودة الفلسطينيين إلى أرضهم وقيام الدولة الفلسطينية التي تطالب بها كل الدول العربية، فأمريكا تريد الهيمنة الصهيونية على كل المنطقة، لبسط نفوذها والتحكم بالمصير العربي، وتبحث الإدارة الأمريكية عن تقديم خارطة طريق جديدة للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، تدعو بها إلى إقامة حكم ذاتي محدود للفلسطينيين، كبديل عن حل الدولتين.
ومن المقرر أن يتم طرح هذه الخطة على الرئيس الفلسطيني محمود عباس و رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بشكل منفرد من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال لقائه بهما على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المزمع عقدها منتصف شهر سبتمبر الجاري في نيويورك.
ويدور الحديث عن حكم ذاتي يقام وفق ما تم تسريبه من معلومات في المناطق “أ” وبعض مناطق “ب” وج” الواقعة جميعها في أراضي الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القرى والبلدات المحيطة، مثل أبوديس، بدون الاقتراب من ذكر القدس المحتلة” ، و تتضمن الخطة أيضا تقديم “التسهيلات الاقتصادية” للفلسطينيين، في إطار “الحل الإقليمي”.
إقامة حكم ذاتي موسع أو كامل مرتبط بالأردن
وتعقيبا على الخطة الأمريكية وما تحمله من بنود قال الكاتب و المحلل السياسي الدكتور مازن صافي:” إن الإدارة الأمريكية تتنصل من الالتزام بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على أساس حل الدولتين، وتطرح في لقاءات مختلفة الرؤية الإسرائيلية لإمكانية “إقامة حكم ذاتي موسع أو كامل مرتبط بالأردن” دون أي سيادة أو صلاحيات خارج كنتونات الحكم الذاتي .
وذكر صافي في حديث له، أن الموقف الإسرائيلي المقترح والمؤيد أمريكيا وفق ما يطرح بوسائل الإعلام، العبرية منها خاصة، هو عبارة عن تسريبات مقصود بها إرباك الموقف الفلسطيني، وجس النبض قبل الطرح الأمريكي الرسمي والمتوقع في الدورة القادمة للجمعية العمومية نهاية هذا الشهر سبتمبر.
واوضح صافي أن الخطة الامريكية ، تشمل ضم كل أراضي الضفة الغربية والقدس، وابقاء القدس تحت السيادة الاسرائيلية، و ابقاؤها تحت السيطرة الامنية الاسرائيلية الكاملة، وكذلك رفض حل الدولتين، واخضاع الاقتصاد الفلسطيني للاحتلال الاسرائيلي، وعدم اعطاء اي صلاحيات او سيادة او استقلال لأي كيان فلسطيني، بل ممارسة سياسة ابارتايد عنصرية ممنهجة لترحيل وطرد وتهجير الفلسطينيين من أرضهم.”
تتنافى مع كل المواقف العربية والعالمية
يذكر أن المقترحات الامريكية تشكل “خلاصة” الجولات التي قام بها مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جاريد كوشنر وجيسون غرينبلات، وحصيلة المحادثات التي أجرياها مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والأطراف العربية في أغسطس الماضي.
وكانت مصادر مطلعة قد كشفت لصحيفة “القدس” المحلية أن إدارة ترمب تتجه نحو تبني وجهة نظر رئيس الوزراء الإحتلال بنيامين نتنياهو، ومواقفه بالكامل، وهو ما يتضح من الأفكار والمقترحات التي تتضمنها الورقة، حيث أن “أقصى” ما تقترحه الولايات المتحدة على الجانب الفلسطيني في المرحلة الحالية، هو “حكم ذاتي كامل، وليس حلّ الدولتين”.
وينص”حل الدولتين” على انسحاب إسرائيل إلى حدود العام 1967 مع تبادل الأراضي، واعتبار شرقي القدس عاصمة للدولة الفلسطينية المقترحة، وهي المواقف التي يتبناها المجتمع الدولي منذ عقود.
ولفتت المصادر إلى أن خيار “حل الدولتين” لم يعد مقبولًا لدى الإدارة الأميركية الحالية-الموالية لإسرائيل- التي لا تريد مواجهة نتنياهو بأي حال من الأحوال وستطلب من الطرف الفلسطيني إظهار الليونة بحجة أن ظروفهم الداخلية والأوضاع الإقليمية لا تسمح لتنازلات.
وأفادت المصادر ذاتها- المقربة من البيت الأبيض- أن الورقة الأميركية تتوقع من إسرائيل تقديم بعض التنازلات من ضمنها تسليم أجزاء من مناطق “ج” و “ب” إلى الجانب الفلسطيني، ومنحهم تسهيلات اقتصادية ملموسة لصرفهم عن السياسة.
بالإضافة إلى اعتبار مناطق محيط القدس، مثل أبو ديس، بديلا عن إنهاء احتلال شرقي القدس بكاملها، بما فيها البلدة القديمة، والأحياء الفلسطينية حولها، التي ستبقى-بحسب الأفكار الأميركية-تحت السيادة الإسرائيلية، كما يصر نتنياهو، رغم أن ذلك يتنافى مع كل المواقف العربية والعالمية وقرارات الشرعية الدولية.
القدس كاملة تحت السيادة الإسرائيلية
وذكر صافي ،ان الحكم الذاتي الموسع “الكامل”، والذي يُطرح بالاعلام ولم يخرج بصورة رسمية، هو حكم ذاتي ترتبط الضفة الغربية من خلال الحكم الذاتي بالاردن “لا يوجد حديث عن غزة”، والحل الذاتي مرتبط بسيادة الأمن الإسرائيلي الكاملة، ومع توسيع صلاحيات السلطة الوطنية في المناطق “ب”،”ج”، “استكمالا لملفات أوسلو”، مع إخراج القدس كاملة من اي مفاوضات حول أراض الحكم الذاتي على إعتبار أن القدس كاملة تحت السيادة الاسرائيلية ويمهد ذلك بتنفيذ وعد ترامب بنقل سفارة بلاده اليها مستقبلا.
وحول الموقف الفلسطيني الاستيراتيجي والثابت أوضح صافي، حديثه أن ذلك يتمثل في حل الدولتين، وانسحاب اسرائيلي الى حدود العام 1967م وفق القرارات الدولية ذات الصلة، وان يكون هناك تبادل اراض محدود جدا ومتفق عليه ولا ينزع صفة السيادة وترسيم الحدود وحرية الحركة واقامة العلاقات الدولية للدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وهي نفس الرؤية التي يتنباها المجتمع الدولي وانطلقت من خلالها مبادرة السلام العربية.
كذلك يجب ان تعمل القيادة الفلسطينية وبصورة مكثفة لقراءة خارطة التصويت في الدورة القادمة للجمعية العمومية بالامم المتحدة في نيوريورك لامكانية الطلب بعضوية كاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة وانتقالها من صلاحيات مراقب الى دولة كاملة الصلاحيات اسوة بكل دول العالم والطلب مباشرة بتنفيذ انهاء الاحتلال من الاراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك إحالة ملف الاستيطان لمحكمة الجنايات الدولية، موجود في الحقيبة الفلسطينية وجاهز للتنفيذ.
تسهيلات اقتصادية
من جهته علق تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، على المقترحات الامريكية بالقول إن “الإدارة الأمريكية متواطئة تماماً مع سياسة حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة فهي ترفض الحديث عن ما يسمى حل الدولتين وتقدم مقترحات لحلول تجميلية لواقع الاحتلال بالحديث عن توسيع صلاحيات السلطة الفلسطينية وتقديم تسهيلات اقتصادية وتحسين مستويات المعيشة للمواطنين الفلسطينيين تحت الاحتلال، ولا تفعل شيئا لتقييد نشاط المستوطنين ، وممارساتهم التي تدمر فرص التقدم نحو تسوية سياسية شاملة ومتوازنة للصراع بما في ذلك حل الدولتين”.
وأضاف خالد، في ظل ذلك بتنا نخشى فعلا أن تتخذ الادارة الاميركية مواقف متطابقة الى أبعد الحدود مع مواقف حكومة اليمين واليمين المتطرف في اسرائيل لدرجة التعامل مع ما يسمى حل الدولتين باعتباره شأنا تفاوضيا بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ، والبحث في الوقت نفسه عن بدائل لحل الدولتين، بما في ذلك كونفيدرالية بين السلطة الفلسطينية (وليس الدولة الفلسطينية) والاردن.
يذكر أن معظم دول الاتحاد الأوروبي، وبالذات ألمانيا وبريطانيا، تعارض هذه الأفكار الأميركية بشدة وتنظر إليها بقلق بالغ، وتعتبرها تراجعًا خطيرًا سيؤدي إلى تفجير الأوضاع المحتقنة، وإسدال الستار على جهود “السلام” وليس إطلاقها.
وتؤكد القيادة الفلسطينية على أن أي حل للقضية الفلسطينية يجب أن يقوم على أساس إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها شرقي القدس المحتلة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة عاصمتها القدس المحتلة ، وكذلك على إمكانية الحديث عن تعديلات طفيفة على الحدود ضمن مبدأ التبادل المتساوي للأراضي وباتفاق الطرفين، وإيجاد حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس قرارات الشرعية الدولية، خاصة القرار 194.
وتنص مبادرة السلام العربية على استعداد الدول العربية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل إذا ما انسحبت من الأراضي المحتلة منذ عام 1967 مع دعمها لإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها شرقي القدس.
إن الحديث عن أية جهود دبلوماسية من قبل أمريكا والكيان الصهيوني الغاصب مع الفلسطينيين، لا يصب إلا في مصلحة المخطط الإستعماري الجديد، الذي تم رسمه لتثبيت الدور الصهيوني في المنطقة، فاستقلال فلسطين لا يكون إلا عبر تحرير كل شبر من التراب الفلسطيني من هذا الاستعمار الظالم، فالتراب الذي اختلط بدماء الشهداء والمقاومين، يرفض وجود هذا العدو ولا ينسى جرائمه الوحشية بحق كل شرائح المجتمع الفلسطيني.
الرأي التونسي