سلاح ليبيا الكيميائي إلى أين؟
بقلم / يامن صفوان
هناك قلق متزايد بشأن حيازة المجموعات المتطرفة للأسلحة الكيميائية في عدة بلدان عربية تعاني من حرب داخلية أو عدوان خارجي وذلك بعدما فاجأها الخريف العربي وعصفت بها عاصفة الخراب والدمار.
كثيرا ما نسمع أنباء عن استخدام أسلحة الدمار الشامل من قبل الأطراف والجماعات في البلدان التي تشهد أزمات واضطرابات ناجمة عن حروب داخلية أو عدوان خارجي بما في ذلك سوريا والعراق وليبيا واليمن فهناك من يتهم الجماعات والعصابات وهناك من يلقي المسؤولية على عاتق الحكومات.
لكن قضية امتلاك المجموعات المتطرفة لهذا النوع من السلاح يعد خطرا كبيرا على حياة المدنيين وحياة البشر بشكل عام فيجب التصدي لها بقوة وحسم لأنها كما يبدو من اسمها “متطرفة” أي أنها تقتحم كل الخطوط الحمراء التي يمكن أن تمنعها من الوصول إلى مآربها.
منذ زمن طويل انتشرت تقارير عديدة تثبت أن مجموعات متطرفة وعلى رأسها داعش وجبهة النصرة قامت بنقل الأسلحة والمواد الكيميائية إلى سوريا ومن ثم إلى العراق واستخدمتها ضد المدنيين الأبرياء.
ومع أن مصادر أمنية قامت بكشف معلومات سرية حول استخدام المجموعات المتطرفة للأسلحة الكيميائية في مناطق من سوريا والعراق في الشهور الأخيرة، كشفت تقارير صادرة عن أجهزة أمنية أن هذه الأسلحة هي نفس الأسلحة الكيميائية التي قامت الميليشيات الليبية بتهريبها وسط الاضطرابات التي حدثت إثر سقوط نظام القذافي في عام 2011. وقبل ذلك بزمان ذكرت مصادر استخباراتية أن تنظيم داعش نجح في التعرف والوصول إلى مخازن سرية في قلب الصحراء الليبية كانت تضم مخزونا كبيرا من الأسلحة الكيميائية التي تعود إلى حقبة القذافي والمحفوظة بشكل سيء.
وسبق أن أكد مسؤولون عسكريون في ليبيا أن مجموعات إرهابية قامت بسرقة كميات كبيرة من المواد الكيميائية والبيولوجية المتبقية من عهد القذافي محذرا من خطورة وصول المواد إلى أيدي المتطرفين لأنها بمثابة أسلحة جاهزة للإستخدام.
وفي هذا السياق أكد الصحفي الأمريكي سيمور هيرش أن المجموعات الإرهابية المتواجدة على الأرض السوري قامت بتهريب الاسلحة الكيميائية وغاز السارين من مخازن الجيش الليبي السابق في جنوب سرت الى سوريا. كما عزز كلام هيرش ما قاله المسؤولون الليبيون عن اختفاء كمية كبيرة من غاز السارين بقيت في معسكر خال من أي حراسة منذ زمن وتوقعوا أن تكون يد “داعش” امتدت إليه، لا سيما وأنه قريب جدا من مكان تمركزها بسرت.
وقد أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن السلطات الليبية أبلغتها في مطلع نوفمبر عام 2011 بالعثور على مخزونات إضافية لما يعتقد أنها أسلحة كيميائية وستصدر إعلانا جديدا عن مخزونها قريبا، ولكن لم يتم التعرف على مصير هذا المخزون الجديد بسبب انغماس البلاد في الفوضى والنزاعات السياسية والمنافسات القبلية عقب سقوط نظام القذافي.
يأتي هذا في وقت تكشف مصادر أمنية في إحدى الدول الخليجية معلومات عن عملية سرية مشتركة تم القيام بها قبل خمسة أعوام بهدف إخراج كمية كبيرة من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية من ليبيا بشكل سري. وأكدت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها أن أجهزة أمنية تابعة لبعض الدول الخليجية ساعدت الميليشيات الليبية في تهريب هذه الأسلحة إلى خارج البلد بحيث لم يطلع عليها المراقبون الدوليون.
ومع تفاقم الوضع الصحي وتفشي وباء الكوليرا في اليمن فهناك من يرى أن هذه الظاهرة قد تكمن وراءها أيد قذرة ويمكن أن نعتبرها حربا بيولوجيا تهدف إلى تضعيف معنويات الحوثيين ويكون ذلك على حساب حياة المدنيين الأبرياء. وقد انتشرت أنباء عن امكانية استخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية في الساحة اليمنية الأمر الذي يزيد القلق بشأن تطوير ونقل الأسلحة الكيميائية المهربة من ليبيا إلى اليمن.
وفي حالة وصول الأسلحة الكيميائية إلى أيدي المجموعات المتصارعة في اليمن والتي تعمل بعضها لحساب التحالف السعودي سوف تحدث كارثة إنسانية أكبر مما وقعت في سوريا والعراق نتيجة لدعم المجموعات الإرهابية بأنواع الأسلحة الفتاكة التي تصل إلى أيديها بمساعدة الأجهزة الأمنية التابعة لبعض دول المنطقة.
ونظرا لحساسية القضية وخطورتها البالغة ندعو المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان ومجلس الأمن الدولي للتدخل السريع في هذه القضية والحيلولة دون وقوع كارثة انسانية أخرى قد تحدث جراء المطامع والطموحات الأنانية لبعض أبناء البشر الذين يدخلون حلبة المتاهة من بابها الواسع معتبرين أنفسهم مصلحين دون الآخرين وهم لم يبلغوا بعد سن الرشد السياسي و الحضاري!!
رأي اليوم