القاعدة .. الموت القادم من اليمن
قلق اليمنيين من مآل الأحداث الجارية في بلدهم ليس نابعا?ٍ من حبهم لوطنهم
فقط? بل وبدافع من الوعي بأن لا مصلحة لهم كدولة ومجتمع في انفلات
الأوضاع والوصول لفوضى لن تأتي عليهم فحسب? وسيكون لأي نيران في اليمن
ألسنة على الإقليم والعالم.
صار من الواضح أن انفجارات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة?
أدخلت معطيات جديدة في السياسات الدولية بينها ارتفاع أسهم بعض الدول في
بورصة الأمن العالمية? لعل من أهمها اليمن.
بقطع النظر عن النظريات التي تشكك في إمكانيات تنظيم القاعدة? فإن
الولايات المتحدة كقيادات استطاعت إقناع الرأي العام الأمريكي و العالمي
حتى في البلدان الإسلامية بوجود خطر كبير يتهدد السلم الدولي يتمثل
بتنظيم متشدد يمتلك القدرة على الضرب في أكثر المناطق حساسية في العالم.
قصة القاعدة لا تنتهي مع اليمن في الأصول اليمنية لمؤسسه وزعيمه المرحوم
الشيخ أسامة بن لادن? ولا ضمه يمنية إلى زوجاته السابقات وحرصه على أن
يكون بين طواقمه المقربة يمنيون.ولا تتوقف العلاقة عند الدور البارز
ليمنيين في تأسيس القاعدة وتفويج المجاهدين لأفغانستان? وما قوائم
المعتقلين في جوانتنامو? والمطلوبين أمريكيا على ذمة ما يسمى بالإرهاب
إلا شواهد على طبيعة تلك العلاقة.
ربما يكون الأسوأ للهواجس الدولية هو الإحتمالية الكبيرة لوضع القيادة
العالمية للقاعدة عينها على اليمن خصوصا?َ إذا سارت الأمور الجارية فيه_
لا قدر الله_ إلى الفوضى واللادولة.
وهكذا احتمالية تستمد مقوماتها من عوامل عديدة منها ما يرتبط بالقاعدة
كأيديولوجية وتنظيم? ومنها ما يتصل باليمن?ُ كأرض وشعب.
من المعلوم للمتابعين أن القاعدة كأيديولوجية وفكر تستند إلى مقولات
فقهية ذات طابع متشدد يأخذ أصوله من اجتهادات وهابية سلفية تعطي الجهاد_
مع التوسع في من تجب مجاهدتهم لتشمل فئات وأفراد مسلمين_ أولوية تسخر
لها بقية الإجتهادات والوصايا الدينية التربوية السلوكية والشعائرية.
وعليه تقع اليمن في صلب الفكر العقدي الجهادي للقاعدة لورود نصوص دينية
تتمتع بالصحة_ وفق المحدثين السنة_ تجعل لليمن وأهلها دور مركزي في
الجهاد. وهذا ما أشار إليه أحد قيادات القاعدة السوريين.
ولأسباب مرتبطة بالسبق والعدد الكبير نسبيا?ٍ لليمنيين في التنظيم? فإن
للقاعدة قدرات كبيرة في عقد صلات وضم عناصر يمنية جديدة للتنظيم مازالت
خارج الرقابة الإستخبارية
ويساعده في ذلك الثقل الشعبي الكبير للتيار الوهابي السلفي المتحفز_
كأفراد_ للتطرف بسبب التدخلات الأمنية السافرة للولايات المتحدة في اليمن
وتصاعد الدور الإيراني ذي الاتجاه الشيعي الجعفري العدو الأول على
المستوى الإسلامي للوهابية وامتدادها الجهادي المتمثل بالقاعدة وهذا وسط
شعب محافظ بالأساس ومعظم أبنائه من شباب يعاني أكثرهم ظروف الفقر
والبطالة الوقود الطبيعي لإشعال الحماس والدفع نحو التطرف والعنف في ظل
وجود حضن القاعدة. وبالتالي يمكن القول بامتلاك التنظيم لمنجم يحوى
مخزونا?ٍ بشريا?ٍ مثاليا?ٍ للإستقطاب ومتأهبا?ٍ ذات الوقت لتنفيذ ما يطلب
منه.
ويزيد من أهمية القاعدة باليمن في الإستراتيجية الأمنية الدولية تشكيلها
فرعا?ٍ للتنظيم العالمي يضم فروعها في كل الجزيرة العربية أي المنبع
البشري الأهم للتنظيم إلى جوار السعودية جنبا?ٍ إلى جنب مع الإمكانيات
المالية للخليجيين_ وهم مجتمعات محافظة أيضا_ تعزز قدرات القاعدة لتمويل
تنظيم العناصر الجديدة وعمليات تنفيذ الخطط الجهادية.
وإذا كانت القاعدة استفادت من أفغانستان الدولة الحبيسة كأرضية شبه آمنة
لإطلاق أهم عمليات التنظيم ضد الأهداف الغربية وبمقدمتها ضرب الولايات
المتحدة أقوى دول العالم في العمق. فما الحال إذا كان اليمن هو الأرض
الموعودة والمغرية فعلا?ٍ للقاعدة لاستئناف مرحلة جديدة من الحرب ضد
الغرب وإذا كانت جبال وصحاري اليمن لا تقل عن عورة الاراضي الأفغانية
المساعدة على الاختفاء وإقامة المعسكرات التدريبية فإن اليمن تميز عن
أفغانستان في كونها دولة مفتوحة تتجاوز شواطئها الألفين والأربعمائة
كيلومتر على اثنين من بحار التجارة في العالم وأحد أهم الممرات المائية
الذي تمر فيه البواخر العملاقة لنقل البضائع ومنها النفط أهم السلع
الاقتصادية والسياسية في عالم اليوم إضافة لقرب اليمن من أكبر مخزون نفطي
على الأرض.
وهذه عوامل تؤهل القاعدة للقيام بعمليات نوعية في البحر وداخل الدول
النفطية? وحتى في البلدان الغربية. وذلك إذا تمكنت من السيطرة على اليمن
وهو أمر وارد_ لكل ما سبق من أسباب _ إذا عمت الفوضى _ لا سمح الله_ هذا
البلد.
وحينها سيكون الخيار الأفضل للولايات المتحدة التدخل العسكرية المباشر في
اليمن لإسقاط سلطة القاعدة.
وهو بديل أثبت فشله في أفغانستان? ولن ينجح في اليمن لتشابه في طبيعة
البلدين ? إضافة لتاريخ مأساوي لأي بلد تورط عسكريا في اليمن? ولأنه
يقطنه شعب يلعق البارود م