تحول ما يسمى الثورة السلمية الى انقلاب
ابان الثورتين الشبابيتين في تونس ومصر خرجت شخصيات من المعارضة اليمنية
الى الشارع تقود مجموعات من الناس للتضامن مع الثورتين? وتسيير مظاهرات
الى سفارتي البلدين بصنعاء للتهنئة بالنجاح? وسرعان ما شرع الاخوان
المسلمون في اليمن في محاكاة التجربتين التونسية والمصرية بمظاهرات ثم
اعتصامات سلمية تطالب بالتغيير? ومع توافد الشباب التواقين للتغيير نحو
الافضل الى الساحات وجدت احزاب المشترك ان الشارع قد سبقها فكان لابد لها
من الالتحاق به? وهذا ما حدث بالضبط? والى هنا والامر كان لا يزال في
اطار العمل السياسي السلمي الذي بدأت السلطة في التعاطي معه كما يجب من
خلال تقديم مبادرات كانت في البداية محل ترحب و دراسة من قبل احزاب
اللقاء المشترك التي بدورها قدمت مبادرات اقترح النظام ان تكون محل حوار
للوصول الى حلول مرضية? وكانت المفاجئة ان هذه الاحزاب رفضت الحوار حول
مبادراتها نفسها وبالذات حين اعتقدت ان قبول النظام بالحوار وتفهمه
لمطالب الشباب يعني انه بات ضعيفا? وبالتالي ارتأت انه لا بد من التصعيد
مع جر اطراف اخرى مهيأة للانخراط في دائرة الازمة? وكان اهم تلك
الاطراف: اللواء علي محسن الذي بات في حالة خصومة مع الرئيس علي عبد الله
صالح الذي اتهمه محسن في بيانه الاول بتهميشه لحساب القادة العسكريين
والامنيين الشباب المقربين من الرئيس والذين لم يخفي اللواء علي محسن
غيرته منهم وكراهيته لهم. لقد كان انشقاق اللواء علي محسن الاحمر عن
الجيش وانزال جنود الفرقة الأولى مدرع الى الشوارع بدعوى حماية المعتصمين
بداية تحول الثورة الشبابية السلمية الى انقلاب عسكري صريح? ولقي ذلك
الانشقاق العسكري ترحيبا من قبل تيارات ضمن المعتصمين في ساحة التغيير
بصنعاء? ورحبت به احزاب اللقاء المشترك وكذلك أولاد الشيخ عبد الله بن
حسين الاحمر الذين يتوقون لتنحية الرئيس بعد ان بدأ يحد من نفوذهم? وقد
لعب هذا الثلاثي (اللواء علي محسن وفرقته- احزاب اللقاء المشترك او قل
التجمع اليمني للاصلاح بوجه خاص- اولاد الشيخ عبد الله بن حسين الاحمر)
دورا اساسيا في تحويل وجهة الثورة الشبابية من السلمية الى الانقلاب وصار
هذا الثلاثي هو البديل المهيمن على ما سمي شباب التغيير. ونظرا لتوازن
القوى العسكرية فأن الانقلاب لم يحقق نجاحا? الامر الذي دفع اطراف ذلك
التحالف الثلاثي البحث عن مزيد من عناصر القوة الكافية لانجاح الانقلاب
وذلك من خلال قيام اولاد الشيخ الاحمر بمحاولة اقامة كيتونة خاصة بهم في
الحصبة وما حولها عن طريق العمل العسكري المسلح? وفي ذات الوقت قام
اللواء علي محسن الاحمر بنشر قوات الفرقة في الجزء الشمالي من العاصمة
مصحوبة بالاسلحة الثقيلة الى جانب الاسلحة المتوسطة والخفيفة والقيام
باستفزاز قوات الامن وتزامن ذلك مع ما سمي بالبيان الاول للقيادات
العسكرية الداعمة للثورة الذي كان بيانا انقلابيا من الدرجة الأولى تبعه
بروز واضح لدور الجماعلت الارهابية في الاعتداء على معسكرات والسيطرة على
مناطق? كما قام اللواء عن طريق القبائل الموالية له بضرب المنشآت الحيوية
كالكهرباء والنفط والغاز لارهاق النظام اقتصاديا وفي ذات الوقت زيادة
النقمة الشعبية عليه? وتصاعدت وتيرة هذه الاعمال مع غياب اضطراري لرئيس
الجمهورية والقيادات العليا للدولة ومعظم اركان نظامه الذين نقلوا في
مطلع شهر يونيو الى السعودية للعلاج من الاصابات التي تعرضوا لها جراء
محاولة الاغتيال السياسي الجماعي الفاشلة التي استهدفت رئيس الجمهورية
وكل القيادات العليا للدولة اثناء اداء صلاة الجمعة في جامع النهدين?
واخيرا شرعوا في محاولة لتقليد النموذج القائم في الغرب الليبي من خلال
تكوين مجلس انتقالي يكون بديل لسلطة شرعية قائمة وهي محاولة لتعزيز
التوجه الانقلابي.. ومع ان كل تلك العوامل لم تهيئ لنجاح الانقلاب فأنها
تظل شواهد على تحول الثورة السلمية الى انقلاب..