عن إنتهاكات “المشترك” ونضالاتهم المزعومة ..!!
منذ الأيام الأولى للثورة وفي وقت كان الشباب المنتفضون في ساحة التغيير
بصنعاء لا يزالون يعدون بالعشرات لاحظنا بعضا?ٍ من ممارسات السيطرة
والاستحواذ وإقصاء الآخر من قبل بعض العناصر الحزبية المنتمية إلى ما
يسمى بـ”اللقاء المشترك” إلا أننا عمدنا حينها على تجاهلها والتغاضي عنها
وفي كثير من الأحيان كنا نكذب أنفسنا معتبرين ما نلاحظه شيء من التهيوءات
.. لا لشيء إنما إيمانا?ٍ منا بأن ليس من مصلحة تلك الأحزاب السيطرة على
الساحات وإقصاء الآخرين منها في وقت هي بحاجة ماسة لكل فرد صغير كان أو
كبير رجل أو إمرأة يسندها ويعلن انضمامه إلى صفوف الثوار .
مرت الأيام وبدأ زخم الثورة يرتفع ودائرتها تتسع يوما?ٍ تلو أخر ومعها
توالت على مسامعنا شكاوى الشباب والثوار من القمع والتعسف وتسويق
الاتهامات بالتخوين والدسيسة والانتماء إلى جهازي الأمن القومي والسياسي
.. وما فتئنا نتداول ونناقش تلك الشكاوى حتى سمعنا صرخات المعتدى عليهم
بالضرب جسديا – لنكتشف بعدها أن تلك العناصر “المؤدلجه” نصبت نفسها وصية
على الثورة والساحات , وولية على الثوار, وان الأمر كله أوله وآخره أصبح
بيدها فهي التي تطعم الناس , وهي التي تسقيهم , وهي من تحدد ما إذا كان
(س) من الشباب المحتجون ثائرا?ٍ حقيقي أم عميل , و(ص) محتج?َ جاد أم متآمر
وخائن .
ورغم نصائحنا المتواصلة للكثير من تلك العناصر ” المسيسه” بعدم جدوى تلك
الممارسات البعيدة كل البعد عن العمل الثوري – إلا أنها لم تعيرنا أي
اهتمام, ولم نجد أمامنا من سبيل لوضع حد?ُ لتلك الانتهاكات سوى الصمت
وإتباع موقف المتفرج – وطبعا?ٍ لم يكن ذلك نتاج عجز?ُ عن البوح وعدم القدرة
على المواجه والتصدي لمن يقفون وراء ذلك – بقدر ما كان بهدف المحافظة على
مسار الثورة ووحدة صفوف الشباب والثوار .
كنا ندرك تماما?ٍ أن أي صراع أو مصادمات من شأنها أن تنشب بين صفوف
المحتجين في ذلك الوقت ستكون بمثابة مادة دسمة وفرصة ذهبية يستغلها
النظام وأنصاره المنتشرون في كل مكان – في سبيل إخماد وهج الثورة وشق
صفوف الشباب – وبالتالي أجبرنا على كبت الضيم وتجرع مرارة الصمت عن الخطأ
حتى بالكتابة ولأكثر من الشهر .
قلنا لا ضير إن صبرنا وتحملنا ظلم, وقهر, وتعسف ,وانتهاكات تلك الأحزاب
عدة أسابيع مقابل حفاظنا على وحدة صفوفنا وتمكننا من إسقاط نظام عبث بنا
وعاث بأرضنا فسادا?ٍ طيلة “33” عاما?ٍ – سمونا بتفكيرنا فوق مستوى عقلياتهم
الضيقة وأهدافهم الآنية – نظرنا إلى البعيد وفضلنا الهدف العام والأسمى
عن الأهداف الآنية والمصالح الذاتية المقيتة – وهو الأمر الذي إعتدوه
لأنفسهم مكسبا?ٍ تاريخيا?ٍ غير مسبوقا?ٍ وبالتالي كان استغلالهم له حقيرا?ٍ
ودنيئا?ٍ .
تركنا لهم فرصة السيطرة والاستيلاء على المنصات في مختلف الساحات ” وهي
المنابر الإعلامية الموجهة والمحركة والمسيرة للثورة ” وأتحنا لهم فرصة
إستقبال التبرعات وجمع الأموال والتصرف بالعيني منها واختيار تسميات ”
الج?ْمع ” في كل أسبوع وطريقة كتابة البيانات المعبرة عن الثوار وأسلوب
إختيار وتحديد المتحدثين بإسم الشباب في الفضائيات ووسائل الإعلام وكل ما
له صلة بالثورة والثوار – هكذا لم نحبذ الدخول معهم في مصادمات بل إننا
قدمناهم وآثرناهم على أنفسنا وتنازلنا لهم عن كل حقوقنا إن لم نقل كلها .
كل ذلك كان على أمل أن يتعظوا ويتعلموا معنا التضحية وإيثار الآخر وتقديم
المصلحة العامة على المصالح الحزبية والشخصية – لكن ما حدث مع أسفنا
الشديد لم يكن في الحسبان فقد أصيبت تلك العناصر ومن يقف ورائها بداء
العظمة والهوس وبدل ما يتعظ ويتعلم أولئك المرضى معاني ودلالات تلك
القيم الإنسانية والثورية والوطنية النبيلة تكونت لديهم قناعات بأن
تضحيات الآخرين تلك هي نوع من الخضوع والاستسلام .. وحينها أصبحوا في
أنظار أنفسهم وحدهم زعماء فيما الباقي رعيه – وهو الأمر الذي أفضى إلى
قيامهم بمضاعفة أساليب القمع والانتهاكات التي مارسوها بحق البسطاء من
الثوار لتطال قيادات شبابية وشخصيات حقوقية وإعلامية ثقل الواحد منها
يوازي في الأساس حجم وثقل وشعبية العشرات من قياداتهم العليا .
بصراحة لم أكن أحبذ الخوض في هكذا تفاصيل لولا إيماني بان النظام البائد
الذي ثرنا لأجله قد سقط, ولأنني صرت ألآحظ في الساحات صحوة شبابية غير
مسبوقة تؤكد بأن جميع الشباب سواء المنضويين منهم في إطار إئتلافات أو
أولئك الذين انتهجوا سبيل النضال الفردي أصبحوا يدركون تماما حقيقة تلك
الأحزاب وأهدافها ومراميها الآنية والمستقبلية وبالتالي أضحى الجميع
يبذلون جهودا?ٍ حثيثة في سبيل التصدي لها ووقفها – ليس فقط تفاديا?ٍ لما قد
ترتكبه من فضاعات بحق هذا الشعب المغلوب مستقبلا?ٍ وإنما أيضا?ٍ إنتصارا?ٍ
لأنفسهم وقرنائهم مما ارتكبه أولئك المؤدلجون من آثام بحقهم فيما مضى من
الثورة وحتى اليوم .
ما يدمي القلب أن تلك السيطرة وتلك الهالة التي افتعلتها تلك الأحزاب