فَحكايةُ الشرفِ الرفيعِ .. سرابُ !
بقلم / الشيخ عبدالمنان السنبلي
دخل عليه وهو مستلقٍ على أريكةٍ فخمةٍ مغمض العينين ومبتسماً يتأمل إلى الأعلى جهة السقف كما لو كان يتخيل نتائج أمرٍ فرغ للتو من الإعداد له .
إلتفت إلى صديقة القادم من الباب الرئيسي وقام لاستقباله وقد وجده على غير هيئتة الذي اعتاد دائماً أن يراه عليها ؛ وجده شاحب الوجه وملتحٍ بلحيةٍ صغيرةٍ رثّةٍ وغير مرتبةٍ – وبعد أن تعانقا عناقاً حاراً ينم عن حميمية العلاقة الخاصة بينهما مازحه قائلاً :
ألا يوجد لديك شفرة حلاقة ؟ لماذا لا تحلق لحيتك ؟ هل أعيرك شفرتي يا (بندر) ؟
رد عليه (بندر بن سلطان) وقد كان يومها سفير مملكة بني سعود في واشنطن بحزمٍ قائلاً :
لقد عاهدت نفسي أن لا أحلقها حتى تعلن الحرب وتغزو العراق !
فرد عليه (بوش الصغير) ضاحكاً وقال : إذاً ستحلقها قريباً، ستحلقها يا صديقي قريباً جداً !
تسائل بندر قائلاً : كيف وأنت لم تستطع بعد استصدار قرارٍ من مجلس الأمن بذلك ؟!
فقال : لا تقلق، فما كان يواجهه أبي من معوقات وعراقيل قبل أكثر من عقدٍ من الزمن لم يعد بفضل ولاءكم وإخلاصكم اللامحدود قائما !
هنا في هذه اللحظة تم الإنتهاء من نسج آخر خيطٍ من خيوط المؤامرة على الأمة والتي ظن بندر بن سلطان وهو يحيك بعض خيوطها أنها لا تستهدف فقط إلا (البعبع العراقي) المهدد لأمن المنطقة بحسب ما ظل يوحي إليهم أربابهم وأسيادهم في واشنطن ولندن وتل أبيب فقط ومن ثم ينتهي الأمر !
لقد كان يظن هذا الأبله أنه نفسه هو (المؤامرة) التي لا يمكن ان تصيبهم شرورها بأذى، بل أنها هي من ستمهد الطريق لمملكته للتعملق والريادة ومزاحمة الكبار، لكنه في الحقيقة لم يكن يعلم أنه ليس سوى فصلاً واحداً من فصول مؤامرةٍ بدأت ولن تنتهي إلا وقد تغيرت الخارطة السياسية والجغرافية والديموغرافية للمنطقة برمتها بما فيها خارطة مملكته الكرتونية الهشة !
فهاهي اليوم أذرع تلكم المؤامرة تطرق أبوابهم وإن كابروا أو إدعوا غير ذلك، إلا أنها فعلاً قد وصلت إلى تخوم مملكتهم وتوشك أن تنقض عليهم في أي لحظة بعد أن انتهوا من تفخيخ ما حولهم وتحويله إلى براكينٍ ملتهبةٍ ثائرة، فلم تعد اليمن ولاسوريا ولا العراق وقد طُعِنوا جميعاً من الخلف بخناجرهم الغادرة والمسمومة يشكلون لهم كما كانوا سوراً واقيا ولا حصناً مانعاً يحول بينهم وبين مخالب وأظفار ذات المؤامرة !
وهنا يتسائل المرء عن موقف ذلك الأبله وهو يرى ماذا أصبح ينتظر ويحيط بمملكته من حصائد مازرعوا لانفسهم !
ماذا عساه سيصنع هذه المرة ؟! هل سيطلق للحيته العنان مرةً أخرى ؟! وإن أطلقها، هل سيجد له اليوم صديقاً يمازحه ويعرض عليه شفرته ؟!
لا أعتقد ذلك فموعد جزّها ونتفها إلى الأبد قد اقترب !