داعش.. نهاية الحلم بين مقتل البغدادي وخسائر الميدان
شهارة نت – تقرير :
تنظيم إرهابي بدأ سيرته من خلال أبشع أساليب الإرهاب والتخويف والتدمير، فتمكن من بث الرعب في قلوب الكثير من أعدائه حتى داخل الجماعات التكفيرية الشقيقة له. ولكن يبدو أن السرعة الكبيرة في انتشاره وتوسع رقعة وجوده سيقابلها سرعة في تشققه وانهيار حلمه.
يدرك التنظيم اليوم عمق المأزق الذي يحيط به، وخاصة بعد مقتل مؤسسه أبو بكر البغدادي وهو ما يحاول التنظيم إخفاءه منعا لتدهور دراماتيكي في أوضاعه الداخلية والميدانية.
وحول مقتل البغدادي، فقد كانت مصادر روسية أول من أعلن عن الأمر، لتؤكد فيما بعد وزارة الخارجية الروسية عن أن احتمال قتله تصل لدرجة 100%.
هذا الخبر أكده ممثل مرشد الثورة الإسلامية في فيلق القدس في الحرس الثوري، الذي أكد أن الأمر حتمي وليس مجرد احتمالات وتكهنات.
من المؤشرات التي تؤكد هذا الأمر أيضا ما حصل مع الخطيب الداعشي الشهير المعروف بأبي قتيبة وهو إمام جمعة مدينة تلعفر ومن المقربين من البغدادي، حيث وخلال خطبة له في أحد مساجد تلعفر وحين ذكر البغدادي تأثر وأتى بكلام يشير إلى مقتله، هذا الأمر جعل التنظيم يقتل أبا قتيبة على هذا الخطأ كما أن التنظيم ومنعا لانتشار الخبر أصدر بيانا يهدد فيه كل من يتحدث عن الأمر بخمسين جلدة.
قتل أبي قتيبة كان تأديبا له وتحذيرا حازما لكل من علم بمقتل البغدادي بأن الخطأ في هذا الأمر ممنوع.
أما التحالف الدولي بقيادة الأمريكيين وحتى لا يعترف بمقتل البغدادي على أيادي الحلف الروسي الإيراني، فقد عبر على لسان المتحدث باسمه بأنه ليس لديهم معلومات ملموسة حول الأمر، وأضاف (في محاولة لتصغير حجم هذا الإنجاز) لن يكون هناك تأثير كبير للبغدادي على مجريات المعارك في سوريا والعراق.
هذه المؤشرات وبالخصوص ما حصل مع المدعو أبو قتيبة جعل مرصد الفتاوى التكفيرية في دار الإفتاء في مصر يؤكد أيضا بدوره أن البغدادي قد قُتل.
إذاً البحث لم يعد حول مقتل البغدادي من عدمه فالأمر بات حتميا، البحث اليوم داخل التنظيم حول الشخصية التي يمكن لها أن تخلف الأخير، ومحاولة تمييع قصة مقتله هي فقط لكسب بعض الوقت قبل أن تكبر الخلافات بين القيادات الأساسية في التنظيم في محاولة لملمة هذا الحدث الطارئ الذي يتهدد أصل حلم التنظيم بتشكيل ما سموه بدولة الخلافة.
وفيما يخص خليفة البغدادي فالأزمة كبيرة، حيث أن الأخير يعتبر شخصية لها ميزاتها التي لا يملكها أحد في التنظيم، فهو صاحب كاريزما خاصة وسط أتباعه، كما أن العلوم القرآنية التي درسها ساعدته في تشكيل خلفية ثقافية مهمة ومتينة فيما يخص طرح مشروع الخلافة، إضافة إلى ادعاء أنه قريشي وما لذلك من تأثير كبير وسط عامة المتعاطفين مع التنظيم من أصحاب الأفكار المتشددة. كلها مؤهلات ساعدته على أن يكون شخصية استثنائية بالنسبة لداعش لا يمكن تعويضها.
كافة الخيارات التي يمكن أن تخلف البغدادي ليس لها الصبغة الدينية والفكرية الكافية، ومعظم الخيارات تحمل بعدا عسكريا وهذا الأمر له تأثيرات سلبية كبيرة على التنظيم، من أهم هذه التأثيرات، إمكانية أن يدب الخلاف فيما بين القادة العسكريين في التنظيم لانتخاب خليفة من بينهم وهذا بدأت بوادره بالظهور.
الأمر الآخر، حتى لو تمكن التنظيم من انتخاب شخص خلفاً للبغدادي فإن داعش سيتحول بشكل غير إرادي من تنظيم له أبعاده وخلفيته الدينية وحلمه بتشكيل ما يسمونه “دولة الخلافة” إلى تنظيم مسلح يبرز فيه الناحية العسكرية والهمجية بغطاء ديني ضعيف.
هذه الأمور إضافة إلى الوضع الميداني والعسكري غير المساعد للتنظيم سيؤدي بلا شك إلى حصول انشقاقات وخلافات وتضعضع في جسم التنظيم. فمجريات الميدان العراقي والسوري ينبئ بأن التنظيم أمام أيام وأسابيع صعبة جدا بعد خسارته بشكل كامل داخل العراق والمساحات الشاسعة التي يحصدها الجيش السوري وحلفاؤها على طول الخارطة السورية.
كل هذه الأمور جعلت من التنظيم مربكا في إعلان مقتل زعيمه، ولذلك يفضل تأجيل الإعلان عن الأمر إلى حين يتمكن من إدارة وضعه الداخلي أو استعادة زمام الميدان، طبعا كلها آمال لا يبدو أن الأيام المقبلة ستسعفه في تحقيقها.
إذاً لقد اقتربت نهاية الحلم الداعشي، حلم حوَّل المنطقة إلى كابوس لمدة سنوات، ولكن الأمل اليوم بدأ يلوح في الأفق بفضل سواعد أبطال شعوب المنطقة الذين صمدوا وواجهوا هذا الكابوس ليصبحوا اليوم قاب قوسين من تحقيق النصر النهائي المؤزر.