المهلة الثانية المؤقتة تلفظ “ساعاتها” الأخيرة.. والحديث عن قوات مصرية في جزيرة “حوار” البحرينية يوحي بتزايد فرص الحل العسكري
بقلم / عبدالباري عطوان
عندما يؤكد السيد خالد العطية وزير الدفاع القطري ان هناك خطة لتغيير النظام في قطر، و”اننا مستعدون للدفاع عن انفسنا” للمرة الثانية في غضون بضعة أيام، وقبل ساعات من انتهاء فترة اليومين الاضافيين للمهلة، فان هذا يعني ان الوساطة الكويتية لإنقاذ المنطقة، وتطويق الازمة وصلت الى طريق مسدود.
الرد القطري على المطالب الـ13 التي تقدمت بها دول التحالف السعودي الاماراتي المصري البحريني جاء تكرارا لمواقف سابقة برفض كل أنواع الوصاية، وإعادة التأكيد “انه لا حل الا عبر المفاوضات وعبر حوار يتم على أساس المساواة وليس التهديد”، مثلما جاء على لسان الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وزير الخارجية القطري، اثناء مؤتمر صحافي مع نظيره الألماني.
التسريبات غير الرسمية حول الرد القطري الذي جرى تسليمه يوم الاثنين الماضي الى امير الكويت اكدت ان قطر لن تغلق قناة “الجزيرة” واخواتها، ولا القاعدة العسكرية التركية، ولن تسلم أي من المعارضين الخليجيين والمصريين الذين لجأوا اليها، وتطالب بتعويضات مضادة عن الخسائر التي لحقت بها من جراء الحوار، وستبقى على علاقاتها مع حركة الاخوان المسلمين لانها غير مدرجة على لوائح الإرهاب الأممية، وربما لهذا السبب لم يكن الوسيط الكويتي في عجلة من امره لتسليم هذا الرد فور استلامه الى الحكومتين السعودية والاماراتية، لانه لا يتضمن أي تنازل يمكن التعويل عليه، ويشكل أرضية للتفاوض.
قطر قالتها صراحة انها تفضل الحرب على قبول مثل هذه المطالب “اللامعقولة” و”الاستفزازية”، ولهذا ربما باتت منطقة الخليج برمتها على حافة كارثة اقتصادية تلحق الضرر بالجميع، وتكون مقدمة لكارثة عسكرية أيضا.
التصعيد هو العنوان الأبرز للمرحلة المقبلة التي لا مكان فيها للتهدئة، ومن تابع “التلاسن” غير المباشر بالتصريحات وتبادل الاتهامات بين الشيخ عبد الله بن زايد، وزير خارجية دولة الامارات، ونظيره القطري الشيخ بن عبد الرحمن آل ثاني، يخرج بالانطباع نفسه.
اجتماع وزراء خارجية الرباعي المصري السعودي الاماراتي البحريني في القاهرة يوم الأربعاء ربما يضع “خريطة طريق” لإجراءات مكثفة طابعها الأول عقوبات اقتصادية، والثاني استعدادات عسكرية.
الحديث عن “تجميد” عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي يتزايد وتتصاعد حدته، والشيء نفسه يقال أيضا عن تجميد ارصدة قطرية في بنوك إماراتية وسعودية، وسحب ودائع من بنوك قطرية.
ولعل الجانب الأخطر في التسريبات التي طفت في الأيام القليلة الماضية، التلويح بإقامة قاعدة عسكرية في البحرين تتواجد فيها قواعد مصرية، وبالتحديد في جزيرة “حوار” التي تبعد بضعة كيلومترات عن اليابسة القطرية، كما تضمنت هذه التسريبات أيضا تحريك قوات “درع الجزيرة” وتدخلها في قطر، على غرار ما فعلت في البحرين في بداية الاحتجاجات التي سادتها، واللافت ان القوات المدعومة بالعربات المدرعة المتواجدة في البحرين الآن، ويزيد تعدادها عن الفي جندي جميعها من الامارات والسعودية.
من مفارقات هذه الازمة الخليجية المتفاقمة ان القوات التركية المتواجدة حاليا على الأراضي القطرية ذهبت الى هناك بموافقة أمريكية، ومن اجل التصدي لاي تحرك عسكري إيراني ضد قطر، او أي دولة خليجية أخرى، وحظيت بمباركة سعودية زعيمة “التحالف السني”، ويبدو ان مهمة هذه القوات تغيرت الآن 180 درجة، وباتت محصورة في احباط أي انقلاب لإطاحة القيادة القطرية الحالية، مثلما قال الدكتور منصور اكوغن الخبير الاستراتيجي التركي في حديث لإذاعة “هابرتيرك” يوم امس، واكد هذه الحقيقة بشكل غير مباشر الجنرال الكر باشبوغ، رئيس هيئة اركان الجيش التركي السابق، وأضاف عليها ان وجود هذه القوات في قطر ينطوي على مخاطرة كبيرة.
لا نعتقد اننا سنرى في الساعات المقبلة تمديدا ثالثا للمهلة، والمفاجآت واردة، بشقيها الاقتصادي والعسكري، ولا نستبعد ان تكون إدارة الرئيس دونالد ترامب متورطة في هذه الازمة، وتصب الزيت على نارها لتزيدها اشتعالا، لانها لو ارادت التهدئة، والحل السياسي، لفرضته على حلفائها، وجميعهم حلفاؤها، دون أي استثناء.