معبر التنف والاستراتيجية الامريكية
بقلم / كامل الكناني
جذب معبر التنف الحدودي بين العراق وسوريا أنظار الجميع اليه، المعبر الذي احتلّه الامريكيون والبريطانيون، وتسعى قوات المقاومة لتحريره، الواقع على المثلث الحدودي بين العراق وسوريا والاردن والذي يمتلك اهمية استراتيجية كبيرة. فهو يربط بين بغداد ودمشق وبيروت، واستطاع محتلّوه السيطرة عليه بالاستفادة من المجموعات الارهابية، وتمركزوا فيه بحجة مواجهة داعش، لكن لا يوجد أدنى شك أن هدفهم الأساسي هو إيجاد منطقة عازلة بين العراق وسوريا للحؤول دون اتّحاد الدولتين في مساحة جغرافية أكبر.
من الناحية القانونية
يواجه الامريكيون مشكلتين أساسيتين في الحفاظ والسيطرة على هذا المعبر، إحداهما قانونية والثانية ميدانية. فمن ناحية القانون الدولي، إن التواجد الامريكي والبريطاني في هذا المعبر بدون إذن الدولة السورية هو غير قانوني وغير مشروع.
وبالاضافة الى مخالفة القانون الدولي، إن في سيطرة الامريكيين على هذا المعبر خرق لقوانينهم، وقد واجهت الضّربة الأخيرة لقوات المقاومة في المنطقة مخالفات من سياسيين أمريكيين. فقد كتب عضو الكونغرس تيد ليو تعليقا عليها: “اذا كان ذلك صحيحا، فإنه مخالف للقانون، إن ترامب لا يملك إذناٌ بالهجوم على سوريا، فهي دولة لم تهاجم امريكا”. وقد أثبتت التجربة أن الولايات المتحدة الامريكية لا تعطي أهمية كبيرة للمسائل القانونية، ولا تتوانى عن تهميش القوانين الدولية وقوانينها الداخلية، إلا أن أي معارضة دولية أو داخلية لصناع القرار في واشنطن، ستؤدي الى ايجاد مشاكل جدية لهم.
على الصعيد الميداني
وعلى الصعيد الميداني، يواجه الامريكيون مشاكل عديدة، فمعبر التنف يقع في منطقة صحراوية، وتأمين الحماية اللوجستية له يعد امرا صعبا للغاية، ولا يمكن لأمريكا ان تعتمد على المسلحین السوريين المتواجدين في المعبر حاليا، لأن لديهم جذور سلفية على غرار المجموعات الاخرى، وهم على ارتباط بالمجموعات الارهابية.
أما المشكلة الكبرى التي تواجه الولايات المتحدة فهي إرادة محور المقاومة الجادّة في الوصول الى هذا المعبر، والذي استطاع في الايام القليلة الماضية أن يحقق تطورا ميدانيا في هذا الموضوع، حيث اقترب من الحدود العراقية السورية من الجانبين. وجاءت هذه التطورات بعد ضرب القوات الامريكية لقوات مقاومة كانت تقترب من المعبر وهددت باستمرار ضرباتها في حال واصل محور المقاومة التقدم.
على الرغم من وجود التهديدات الأمريكية، يرى محللون امريكيون إن واشنطن لا تستطيع بسهولة استهداف القوات السورية والعراقية المتقدمة نحو المعبر من دون عواقب. في الواقع هناك خوف أمريكي من ثأر المقاومة ويظهر ذلك جليّا في تحليلات وتقارير وسائلهم الاعلامية. وقد اورد احد المواقع الامريكية ان “التواجد الأمريكي في الميدان، والعمليات المشتركة مع القوات المحلية الصغيرة، يتيح إمكانية الثأر أمام إيران.
أدّت هذه الظروف مجتمعة إلى صمت القيادة الأمريكية وعدم تحديدها استراتيجية واضحة على الحدود العراقية السورية من قبل البيت الابيض، وقد صرح سفير الولايات المتحدة السابق في سوريا روبرت فورد أنه ما زال لا يرى من إدارة ترامب أي إستراتيجية واضحة لإدارة تواجدها مع حلفائها في منطقة الشرق السوري.