مناهل ثابت .. المسؤول الذي لم تصبه لعنة المعرفة..!!
بقلم/ هايل المذابي
في عوالم المناصب بشتى أنواعها لا يكاد أي فردٍ منا يحصل على هواه و ما يحلم به من منصب يمنحه صلاحيات كثيرة و هبات عظيمة، إلا و يصاب بلعنة المعرفة و يسيطر عليه التمركز حول ذاته و الانغلاق المطلق على وضعه الاقتصادي و ما ينعم فيه من ترف.
إن المسئول الذي كان ذات يوم يطلب المساعدات من مديره في القسم أو الوحدة التي يعمل بها قد ذاق طعم الويل و مرارة العيش و عرف ما يعانيه الآخرون من أبناء وطنه و كان قبل أن يحصل على ذلك المنصب و المقام المرموق قد أقسم على نفسه أن يكون تعيينه شفاءً و رحمةً على من شعر بقسوة الحياة عليهم عندما كان واحدا منهم لكن و رغم كل ذلك فقد حنث بيمينه و قسمه و أصيب بلعنة المعرفة بمجرد حصوله على ذلك المنصب الرفيع..
إنهم لا يتذكرون شيء طالما هم يحصلون على كل شيء و لا ينقصهم شيء و يعتقدون أن جميع الناس مثلهم بل و أحيانا تكون هناك شطحات عظيمة في مخيلة المسئول فيعتقد أنهم جميعا أفضل منه و لكنهم لا يظهرون ذلك لأحد خوفا من الحسد و العين التي قد تصيبهم من الآخرين فتزول عنهم النعمة…
في عالم المال و الأعمال و المناصب الاكاديمية يمكن أن نضرب مثالا الدكتورة مناهل ثابت و هي متخصصة في الرياضيات و ما حولها يدور، و أيضا هي نائب عميد كلية الموهوبين بالمملكة البريطانية و لديها شركة استشارات مالية بدبي و مع أكثر من خمسة مناصب أخرى إلا أن هذه المرأة العظيمة لم تصب بلعنة المعرفة و ما زال شعورها يتعاظم في كل يوم تجاه الآخرين و بشكل يجعلنا نخجل من أنفسنا حيث لن نقدم جزءا بسيطا مما تقدمه، فهي لا تستلم راتبا من وظيفتها بالكلية أي أن لها راتبا لكنها تمنحه للطلاب الذين لا يملكون تمويلا لكنها لا تعرفهم و حتى هم أنفسهم مثلها لا يعرفون ممن هو المال الذي يقبضونه مثلما لم تقبل بمعرفة أحد ممن يصلهم تبرعها و إنما عن طريق وسطاء حتى لا يشعر أحدهم بالذل أو الخجل في أي يوم.
هذا فحسب..؟!
كلا.. إنها تفعل أكثر من ذلك فما تحققه من أرباح متواضعه و أجور في شركتها للاستشارات المالية يذهب الكثير منه في شكل حصص شهرية لعائلات كثيرة منها منهم في وطنها و منها منهم في أماكن أخرى لا أحد غيرها يعرفها…
إنها امرأة يمكن وصفها بما وصفت به ملكة سبأ “و أوتيت من كل شيء” أي من الحكمة، و المعرفة، و رجاحة العقل، و الإخلاص، و الذكاء، و القدرة على التحمّل، و حسن التدبير، و لعل هذه الصفات تنطبق على من يعرف قدر نفسه و قدر الآخرين فلا جشع يحرضه على النهم الشديد لكسب الأموال بأي طريقة كانت و لا بخل يجعله يمسك يده عن العطاء و لعل الإنسان المتعلم هو فقط من يفعل هكذا و يتصرف بهذه الطريقة…
إنها مدهشة بحق فهي تعمل في مجال المال و معاملات المال لكنها لا ترى في المال أي غاية بل تراه دوما وسيلة فقط و تحرص على تسخيره في خدمة الآخرين و المحتاجين.
مناهل عندما كانت تتعلم و تدرس كانت تعمل بدوام إضافي لمن لا يعلم من أجل أن تحصل على عون يسمح لها باكمال أبحاث دراستها و لم تنس قط ذلك و كلما وجدت شخصا يحتاج أن يتعلم و تمنعه الظروف لا تتردد لحظة من أن تمد له يد العون و المساعدة و بسخاء..
إنها الرائد الذي لا يكذب أهله و لا يغش قومه…
و لعل من ممكنات لقول أن مصطلحات إنسانية كالأمل و الطموح و التحدي لم تزدهر إلا في الدول النامية حيث الفقر حليف الشباب دائما و لأن ثمة من يدرك ذلك جيدا بمعرفته العميقة بالشرق و الغرب كمناهل ثابت فقد كانت أكثر الناس حرصا على ألا تقابل شخصا له طموح فلا تقدم له المساعدة و تمد له يد العون لينجح و يستمر في النجاح و لا ييأس مما يحيط به مهما كان محبطا..
مناهل ثابت.. المرأة الكلمة و الإنسان المحبة و الألفة و العلم و المعرفة و الحضارة و تمثلاتها في أوج ازدهارها..