شكرا?ٍ يا أم الدنيا
منذ فجر التاريخ لعبت مصر دور الأم الحنون التي تفرد أجنحتها على إخوتها العرب لتحميهم من المكاره والشرور? وكانت كل شجرة تزرعها مصر في رحمها توصي أبنائها بأن إخوتنا العرب لهم ما يشاءون منها ? فبذلك استحقت مصر لقب \”أم الدنيا\” بجدارة .
لكن حينما غفلت أم الدنيا عن إخوانها تجرأ اللصوص عليهم ? وألبسوهم رغما?ٍ عنهم رداء الصمت زمنا?ٍ طويلا?ٍ ? وعندما ر?ْميت مصر بتاريخها وجغرافيتها وعظمتها التي تملئ الدنيا ? في سلة المهملات ? وأضحت عاجزة عن حماية نفسها ? تغيرت الموازين ? فأضحت مصر تبحث عن شجرة تأكل منها و تنام تحت غصونها ? وسكنت رغما?ٍ عنها في قصر اللامبالاة بفضل ساستها الذين أغمضوا أعينها وأعينهم عن جراحات إخوانهم العرب. الى أن جاءت لحظة استيقاظ مصر الحقيقية ? ودخل الشعب غرفة صياغة الدستور? استبشر إخوانها خيرا?ٍ ? وكان لاستيقاظها أثرا?ٍ كبيرا?ٍ على إخوانها ? وأول ثمار هذه الصحوة كان من نصيب فلسطين .
فما تعيشه فلسطين من أجواء الفرح والسرور بفعل الوئام الذي ولد في مصر? وبإشراف من أبناء مصر النبلاء ?هي أجواء جديرة بالاحترام ? فلولا الجهد المصري لما وصلنا الى هذا الاتفاق ? وما رأينا علم فلسطين يزين شوارعها ? فما أجمل السيارات التي حملت على ظهرها أبناء فتح وحماس في مشهد افتقدناه مدة أربعة سنوات ? وما أروع أن تسير سيارة إذاعة حماس وسط جماهير فتح ? وتردد أسماء قادتها الذين خطوا بدمائهم خطة طريق الثورة نحو فلسطين? وما أسعد فلسطين وهي تبتسم أمام الضجيج الذي تحدثه أصوات السيارات ? وما أسمى أن يتعانق الفتحاويون مع أبناء حماس ? وما أبهى أن ترحل غيوم الخلافات عن سمائنا لتبحث في أقصى الجغرافيا عن مكان يسترها . شكرا?ٍ لثوار مصر الذين رووا بدمائهم الطاهرة شجرة العروبة في ميدان التحرير كي تصل ثمارها لأرض المقدس ? وتجمع الإخوة الذين تفرقوا ? وألف شكر لكل مصري وقف في ميدان التحرير ليقول \” \”م?ْخطئ?َ من ظن يوما?ٍ أن رحم مصر \”وإن تأخرت في الإنجاب\” قد أضحت عقيمة ? أو نامت عن نصرة إخوانها العرب \” ? وشكرا?ٍ لمن سعى في تحقيق هذا المصالحة بين أبناء الوطن الواحد. نتمنى من مصر الجديدة أن تصنع الأفعال التي تضع أ?ْمتنا في مصاف الأقوياء ? وألا تنحني أمام العاصفة الأولى كي تتجنب الانكسار أمام باقي العواصف ? لأن من يألف طقوس الانحناء لن يألف غيابها .
كاتب من فلسطين