الوحدة … بين الهاربين إليها والهاربون منها
ستظل الوحدة اليمنية هي الضوء الكبير في عالمنا العربي الذي اكتسى محيطه ظلمة حالكة لاسيما في عام 1990م ?الذي شهد أحداثا عربية عديدة نتج عنها متغيرات مأساوية تمثلت في اجتياح العراق للكويت وما رافقه من تصدع كبير في العلاقات العربية العربية , وما أسفر عنه من ضرب العراق على أيدي قوات التحالف وسط انقسام عربي بين مؤيد ومعارض , ورافق ذلك تفكك الاتحاد السوفيتي كقوة عظمى ومهد الطريق لان تكون الولايات المتحدة الامريكة هي القطب الأوحد الذي أصبح متفردا بالهيمنة على العالم بأسره , ولأجل ذلك كله فقد كان يوم 22 من مايو 1990م يوما تاريخيا ليس في حياة اليمنيين فحسب بل للعرب قاطبة , كونه جاء في وقت كان العرب فيه اقرب للشتات منهم إلى الالتئام ,وكانت الخلافات والنزاعات تتخبطهم وتحيط بهم من كل جانب , ورغم هذا اطل اليمنيون بهاماتهم العالية وبهتهم الكبيرة , واخرجوا للعرب مولودا جديدا موحدا من رحم تفرقهم المرير .
• ما أن يطل علينا يوم الثاني والعشرين من مايو إلا ويتذكر الجميع كيف تمت الوحدة بعد تفرق دام عشرات السنين بين افرد الشعب الواحد , لقد أثبتت الأيام فيما بعد بأن ذهاب البعض إلى الوحدة تم بدافع الهروب إليها من مصير كان يعلمه , ولان النية لم تكن بمستوى الحدث فقد فضل أولئك البعض فيما بعد بالهروب من الوحدة كما هربوا إليها من قبل ? وهنا انبرى الوحدويون من كل مكان في وطننا الحبيب ليدافعوا عن وحدتهم التي انتظروها سنوات طويلة ? وهو ما سيكون عليه الحال في أيامنا هذه إذا ما أحس اليمنيون بأن خطرا محدقا قد يهدد وحدتهم ? لان ما يجمع اليمن الواحد ليس نظامين سياسيين قررا تحقيق الوحدة ? بل هو مصير مشترك لشعب واحد تربطه أواصر الدين واللغة والتربة والأخوة والنسب ? فما يفرقنا لا يتعدى جزء واحد من 99 جزء نتوحد ونشترك ونندمج ونتآلف فيه .
• يحز في القلب أن نجد من يفكر أو يؤمل في نفسه العودة إلى ما قبل يوم وحدتنا الخالدة ? أن الأخطاء التي رافقت الوحدة لا تلغي إطلاقا حجم المكتسبات التي حظيت بها جميع المحافظات ? ولا يستطيع أن ينكر ما تحقق للوطن بعد تحقيق الوحدة إلا من يتعامى عن رؤية الحقيقة ? لقد تسنى لي بحكم إني حكم كرة قدم أن أتنقل بين جميع المحافظات وعلى مدار 12 عاما كنت أتنقل أسبوعيا ما بين عدن ولحج وأبين والمكلا وسيئون والضالع وشبوة ? بالإضافة لصنعاء واب وتعز وحجة ومأرب والمحويت وغيرها من المحافظات ? إن انتقالي المتكرر لتلك المحافظات خصوصا الواقعة في المنطقة الجنوبية جعلني المس مدى التطور الذي حظيت به تلك المحافظات وكنت في كل مرة أزورها أجد خيرات الوحدة ترتسم في شوارعها ويكفي أنها تحتضن كافة أبناء الوطن الواحد في منطقة بعينها من أقصى المهرة إلى أقصى حرض.
• ونحن نحتفل بهذا المنجز العظيم يبغي أن نقف وقفة إكبار لفخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح حفظه الله وحفظ معه شعبنا ووحدتنا ? لقد شاء العلي القدير أن يكتب على يد?ي هذا القائد وإخوانه المخلصين من أبناء هذا البلد المعطاء تحقيق هذا الانجاز الخالد الذي سنبقى نفاخر به العالم ? وسنذود عن وحدتا بالغالي والنفيس ? لان التشطير أصبح أمر قضي? عليه منذ 21 عاما ولن يعود بإذن الله تعالى .
• وإذا ما ربطنا بين التضحيات التي يقدمها الأخ الرئيس منذ اندلاع الأزمة السياسية لأيقنا انه ما قدم التنازلات تلو التنازلات إلا لكي يبقى هذا الوطن موحدا رغم الجماهير الغفيرة التي تطالبه بأن يكمل فترته الدستورية? ولكي يحقن دماء اليمنيين من فتنة أطلت برأسها الخبيث على وطننا الغالي, فهو بتنازلاته ومنها التوقيع على المبادرة الخليجية يشترط فها أن لا تمس وحدة واستقرار الجمهورية اليمنية ? في حين نرى غيره ممن لا يملكون السلطة بعد من يسعى إلى الشتات ? فشتان ما بين مواقف الرجال ? رجال حققوا الوحدة وحافظوا عليها ? وآخرون هربوا إليها ثم هربوا منها .
• لا ننكر أن السنوات 21 الماضية من عمر وحدتنا المجيدة لم تمضي وفق ما يحبه اليمنيون ? لان الدولة شغلت بفتن جمة ابتداء بعودة أكثر من مليون مغترب ? في حين أن عمر الوحدة لم يتخطى عاما واحدا حينها ? ثم حرب صيف 94م ? ثم الحروب الستة ضد الحوثيين ? وجماعات القاعدة? وغيرها من الأزمات المفتعلة التي حدت من أن تعطي الدولة جل اهتمامها للمجال التنموي ? إلا أن ذلك لا يلغي أيضا التطور الملحوظ رغم ذلك في العديد من المجالات التنموية والخدمية والتعليمية ? إلا أن ما جعل البعض في المناطق الجنوبية يتذمرون كان وراءه سوء الإدارة في تلك المناطق ? والسطو على الأراضي الشاسعة في حين أن ساكنيها لا يملكون شيئا منها ? وهنا نقول بأن العيب ليس في الوحدة ولكن في الفئة التي أرادات أن تستأثر بخيرات الوحدة بصورة منفردة ? وهم الذين ظهروا على حقيقتهم أثناء هذه الأزمة.
• الوحدة?ْ ستبقى أبدية خالدة وستظل راية الجمهورية اليمنية خفاقة?ٍ عالية?ٍ مرفوعة فوق غيوم الحاقدين وضبابية الحاسدين , ستظل الوحدة جميلة, قوية, كبيرة, , فالوحدة ستظل أبد