النص الكامل لخطاب أوباما حول ربيع الثورات العربية
شكرا جزيلا لكم. شكرا لكم. تفضلوا بالجلوس. شكرا جزيلا لكم. أريد أن أبدأ بشكر هيلاري كلينتون التي سافرت كثيرا خلال هذه الشهور الستة الماضية بحيث تكاد تصل إلى معلم قياسي جديد – وهو مليون ميل من الطيران المتكرر (ضحك). وأنا أعتمد على هيلاري كل يوم? وأعتقد أنها ستدخل التاريخ كأحد أروع وزراء الخارجية في تاريخ بلادنا.
ووزارة الخارجية هي المكان المناسب للاحتفاء بفصل جديد في الدبلوماسية الأميركية. فلقد شهدنا على مدى ستة شهور تغيرا استثنائيا يحدث في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فمن ميدان إلى ميدان? ومن مدينة إلى مدينة? ومن بلد إلى بلد نهضت الشعوب مطالبة بحقوقها الإنسانية. وتنحى زعيمان عن الحكم? وقد يلحق بهما آخرون. وعلى الرغم من أن تلك البلدان تقع على مسافات بعيدة عن شواطئنا? فإننا نعلم أن مصيرنا نحن يرتبط بهذه المنطقة بقوى الاقتصاد والأمن? وبالتاريخ والعقيدة.
أريد اليوم أن أتحدث عن هذا التغيير – عن القوى التي تحركه? والكيفية التي نتمكن بها من الاستجابة بطريقة تدفع قيمنا نحو الأمام وتعزز أمننا.
والآن قد عملنا الكثير بالفعل لتحويل سياستنا الخارجية بعد عقدين من الزمن اتصفت ملامحه بنزاعي?ن مكلفين. فبعد سنين من الحرب في العراق سحبنا 100 ألف من أفراد القوات الأميركية وأنهينا مهمتنا القتالية هناك. وفي أفغانستان? حطمنا زخم طالبان وسنبدأ في تموز/يوليو القادم في إعادة قواتنا إلى الوطن ونستمر في نقل القيادة إلى الأفغان. وبعد سنين طويلة من الحرب على القاعدة وشركائها وجهنا ضربة كبيرة إلى القاعدة بقتل زعيمها- أسامة بن لادن.
لم يكن بن لادن شهيدا. فقد كان قاتلا جماعيا نشر رسالة الكراهية – وهي الإصرار على أن يحمل المسلمون السلاح ضد الغرب وأن العنف ضد الرجال والنساء والأطفال هو السبيل الوحيد للتغيير. فقد رفض الديمقراطية والحقوق الفردية للمسلمين وفض?ل التطرف العنيف? وكانت أجندته تركز على ما يمكنه أن يدمر – ليس على ما يمكنه أن يبني.
اجتذبت رؤية بن لادن في القتل بعض الموالين. لكن? حتى قبل موته? كانت القاعدة تواجه خسارة في حربها من أجل إثبات أنها المنهج المناسب? حينما تبين للأغلبية الساحقة أن قتل الأبرياء لم يلب? صرخاتهم المطالبة بحياة أفضل. وفي الوقت الذي عثرنا فيه على بن لادن كانت الأغلبية الساحقة في المنطقة قد رأت أن أجندته هي طريق مسدود وأخذت شعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مستقبلها ومصيرها بأيديها.
وقصة حق تقرير المصير تلك التي بدأت قبل ستة شهور في تونس. ففي 17 كانون الأول/ديسمبر شعر بائع متجول شاب اسمه محمد بوعزيزي بأنه قد تحط?م عندما صادرت شرطية عربته. وهذا لم يكن حدثا فريدا?ٍ. فهي الإهانة ذاتها التي تحدث كل يوم في العديد من أجزاء العالم – وهي ظلم الحكومات القاسي الذي يحرم المواطنين من الكرامة. لكن في هذه المرة فقط حدث شيء مختلف. فبعد أن رفض المسؤولون المحليون سماع شكواه? ذهب هذا الشاب الذي لم يكن له نشاط سياسي فعال ي?ْذكر إلى مقر الحكومة المحلية وصب على نفسه الوقود وأضرم النار في جسده.
يحدث في أوقات ما في مجرى التاريخ أن تشعل أعمال مواطن عادي جذوة حركات التغيير لأنها تعبر عن توق للحرية ظل يتفاعل منذ سنين. ففي أميركا? فك??روا بالتحدي الذي أظهره الوطنيون في بوسطن حينما رفضوا دفع الضرائب للملك? أو كبرياء روزا باركس في جلستها الشجاعة في كرسيها (في الأتوبيس). وهكذا كان الحال في تونس عندما حرك عمل البائع المتجول اليائس شعور الإحباط الذي ساد البلاد. فتدفق المئات على الشوارع ثم الآلاف. وواجهوا العصي والرصاص أحيانا رافضين العودة إلى بيوتهم – يوما بعد يوم وأسبوعا بعد أسبوع حتى تنحى عن السلطة أخيرا دكتاتور ظل في الحكم أكثر من عقدين من الزمن.
لا ينبغي لهذه القصة وما تبعها من ثورات أن تكون قد أتت مفاجأة. فقد نالت دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا استقلالها منذ زمن طويل لكن شعوبها لم تنله في كثير من الأماكن. فقد انحصرت السلطة في كثير من البلدان في أيدي قلة. وفي كثير من البلدان لم يجد المواطنون من أمثال البائع المتجول الشاب مكانا يلجأون إليه – فلا قضاء أمين يسمع شكواه? ولا أجهزة إعلام مستقلة ت?ْسمع صوته? ولا حزب سياسي موثوق يمثل وجهات نظره? ولا انتخابات حرة ونزيهة يختار فيها قائده.
هذا الافتقار إلى حق تقرير المصير – الفرصة التي تشكل من خلالها حياتك كما تشاء – انطبق على اقتصاد المنطقة أيضا. نعم? هناك دول نعمت بثروة النفط والغاز وهذا بحد ذاته أوجد جيوبا من الترف والرخاء. لكنه? في اقتصاد عالمي قائم على المعرفة? قائم على الابتكار? لا يمكن لاستراتيجية تنموية أن تقوم على ما ي?ْستخرج من الأرض فقط. ولا يمكن للناس أن يحققوا كامل إمكانياتهم عندما لا يستطيعون أن ي?ْنشئوا مشروعا?ٍ تجاريا?ٍ بدون دفع رشوة.
وفي مواجهة هذه المشاكل حاول الكثيرون من قادة المنطقة تحويل مظالم شعوبهم وشكاواها إلى اتجاهات أخرى. وتعرض الغرب للوم باعتباره مصدر كل العلل بعد