فلسطين شطر اليمن الآخر !
بقلم / الشيخ عبدالمنان السنبلي
اعترفت حماس أم لم تعترف بإسرائيل، فإن الأمر لايعنينا كيمنيين، فحماس ليست فلسطين وما يعنينا هي فلسطين فقط ! فمالذي تعنيه فلسطين للشعب اليمني العظيم ؟!
في الحقيقة يستطيع المتابع أن يستشف المكانة الكبيرة التي تحتلها فلسطين وشعبها العربي في قلوب وأفئدة اليمنيين سواءً على المستوى الرسمي أو الشعبي من خلال المواقف الرسمية والشعبية اليمنية المبدئية والثابتة تجاه القضية الفلسطينية، فقد كانت القضية الفلسطينية ومازالت هي الهم الأكبر الذي يؤرق الشعب والقيادة السياسية اليمنية على امتداد الصراع العربي الإسرائيلي لدرجة أن اليمن على شدة فقره واحتياجاته يعتبر من الدول العربية القلائل التي ظلت تقاوم عملية التطبيع مع الكيان الصهيونية برغم الضغوطات الدولية الكبيرة والهائلة التي كانت تستهدفه في قوته وأمنه ووحدته .
فبعد الإجتياح الإسرائيلي للبنان وإخراج مقاتلي منظمة التحرير الفلسطيني منها في بدايات ثمانينيات القرن الماضي لجأ الجانب الأكبر من قيادات الحركة الوطنية الفلسطينية ومقاتليها إلى اليمن حيث تم استقبالهم في اليمن استقبالاً شعبياً ورسمياً كبيرا وخلال كلمته أمام الرئيس عرفات قال الرئيس صالح موجهاً كلامه لعرفات والفلسطينيين عموماً : أننا على استعداد أن نقتسم كسرة الخبز نصفين، فأنتم هنا في وطنكم وبين شعبكم .
وفي خلال الإحتفال الشعبي الذي خرج لاستقبال القيادة الفلسطينية وبينما كان الرئيسان صالح وعرفات يقفان في المنصة ولكثرة التدافع الشعبي فقد وقع عرفات على الأرض ليسارع القاضي (عبدالله الشماحي) إليه قائلاً : لقد أبت الأرض اليمنية إلا أن تُقبلّك .
أما في ظهيرة الثاني والعشرين من مايو 1990 فقد حرص الرئيسان صالح والبيض على أن لا يتم التوقيع على إتفاقية الوحدة إلا في القاعة التي تحمل إسم (فلسطين) في مدينة عدن الباسلة وبحضور الرئيس عرفات نفسه والذي بدوره وصف عملية إعادة تحقيق الوحدة اليمنية يومها (باللُحمة)، كما أعلن أن فلسطين هي الشطر الآخر لليمن الموحد .
بصراحةٍ شديدة وخلال حقبة الرئيس صالح، فإنه لم يدع محفلاً عربياً أو دولياً إلا وكان يؤكد فيه على موقف اليمن المبدئي والثابت في مناصرة الشعب الفلسطيني في إستعادة حقوقه المشروعة ومشدداً في الوقت نفسه على ضرورة مواجهة الصلف والجرائم الإسرائيلية بكل حزمٍ وثبات حتى أنه في نهاية سبتمبر من عام 2000 وبعد حادثة قتل الصهاينة للطفل الفلسطيني (محمد الدرة) وفي ظل صمتٍ عربيٍ رسميٍ مطبق، فأجأ العالم على قناة أبوظبي بتصريحه الشهير الذي قال فيه بلهجة صادقةٍ ومتحديةٍ وصارمة : (ليت كان لي حدودٌ مع إسرائيل، لما تركت الصهاينة يتمادوا في جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني الأعزل … ) الأمر الذي جعل الرئيس عرفات يطلق عليه يومها لقب (فارس العرب) .
وأما في الثلث الأخير من شهر مارس 2004 وعقب اغتيال إسرائيل للشهيد (أحمد ياسين) فقد حضر الرئيس صالح بنفسه مظاهرةً عارمة اكتظ بها ميدان السبعين وخطب فيها مطالباً الحكام العرب بالتحرك العاجل لإنقاذ الشعب الفلسطيني ودعمه بالسلاح والمجاهدين .
وفي نفس العام وأثناء زيارته لواشنطن حيث حضر حفل استقبالٍٍ على شرفه والوفد المرافق له وأثناء مصافحته للمدعوين لم يكن يعلم أن السفير الإسرائيلي قد كان من بين المدعوين إلا بعد أن صافحه ليقطع صالح على إثر ذلك استقبال الضيوف ويعتلي منصة الحفل قائلاً : إن السلام لا يمكن أن يأتي بنصب الكمائن، وإنما بوقائع ملموسة على الأرض … ليغادر بعدها القاعة غاضباً .
إضافةً الى تلك المواقف الرسمية التي ذكرنا البعض منها آنفاً كان هنالك حراكاً شعبياً يمنياً داعماً للشعب الفلسطيني لا يتوقف سواءً من خلال خروج المظاهرات الشعبية العارمة وإقامة الفعاليات والندوات واللقاءات الإجتماعية والثقافية وحملات جمع التبرعات وغيرها من الأنشطة الدائمة والمستمرة على مدار العام والتي تصب كلها في مصلحة دعم القضية الفلسطينية بالإضافة إلى ما كان يتم من عملية تجنيد المتطوعين من الشباب اليمني في مراحل الكفاح المسلح والدفع بهم إلى القتال بجانب إخوانهم الفلسطينيين في الجناح العسكري لمنظمة التحرير الفلسطينية وما العملية الفدائية التي قامت بها الشهيدة (دلال المغربي) إلا خير شاهدٍ على ذلك حيث كان الشهيد (أحمد اليمني) أحد خمسة مشاركين في تلك العملية، ولولا ما ترتب على إتفاقية (أسلو) من رغبةٍ والتزامٍ فلسطيني بوقف الكفاح المسلح، لما توقف تدفق المقاتلين اليمنيين إلى فلسطين .
واليوم ورغم ما تمر به اليمن وتتعرض له من عدوانٍ غاشمٍ على يد من لم يقدموا لفلسطين سوى مبادرات الإستسلام والتآمر، إلا أن فلسطين لازالت هي الجرح الغائر والنازف بالنسبة لعموم الشعب اليمني والذي لا تمر ذكرى ولا مناسبةً ولا فعاليةً إلا وخرج ليعبر عن رفضه التام لإستمرار بقاء القدس وفلسطين تحت نير الإحتلال الصهيوني وللتأكيد على موقفه الثابت والدائم والداعم لصمود الشعب الفلسطيني ولحقه في نيل إستقلاله و تقرير مصيره .
لتبقى فلسطين هي الأمل المنشود الذي لا يكاد يبارح كل يمني مهما أثقلت كاهله الهموم والأزمات حتى نصلي جميعاً إن شآءالله في رحاب المسجد الأقصى بعد أن ننصب رايات النصر و التحرير على تلال وسهول إيلياء .