وشاية الكترونية !
تفاصيل عملية القاء القبض على بن لادن التي كشفت عنها صحيفة واشنطن بوست في عددها الصادر أمس الأول السبت تؤكد أن لا مفر لمن يعيش على ظهر هذا الكوكب من عيون الإستخبارات الأمريكية كبيرا كان أم صغيرا !!
ليصبح خيال الشاعر العربي القديم الذي قال
ولو أن واش باليمامة داره وداري بأعلى حضرموت اهتدى ليا
متواضعا الى أقصى الحدود إزاء أجهزة رصد الإستخبارات الأمريكية الحديثة !!
فلا يحتاج الواشي المعاصر أن يقطع الطريق من اليمامة التي أقيمت عليها فيما بعد مدينة الرياض الى حضرموت الواقعة في الجزء الجنوبي من الجزيرة العربية ليوصل وشايته , فالوشاية الألكترونية بفضل هذه الأجهزة المتقدمة في التنصت جعلت الإستخبارات الأمريكية تنقل المعلومة الى البيت الأبيض قبل أن يرتد طرف “أوباما” !
فالإحتياطات التي اتخذها “الرجل ذو الخطوات البطيئة” كما كانوا يصفونه والفريق المحيط به بحيث بدا للإستخبارات وكأنه سجين , لم تخف تحركاته عن أجهزة رصدهم , رغم أن أيا من سكان المنزل ذي الأبواب العالية المغلقة كان يغلق هاتفه وينتزع البطارية ولايجري المكالمة الا اذا كان على بعد 90دقيقة عن المكان ,وحتى هذه تم رصدها ومعرفتها وتفكيكها
وممازاد شكوك الإستخبارات الأمريكية بوجود شخص مهم لأنه لايغادر البيت الذي أحيط بأسلاك شائكة ! واذا لم يكن كذلك فهناك تمويه على هدف لها !!
وحتى المكالمة التي أجراها أحد المقربين من بن لادن? وي?ْعرف باسم أبو أحمد الكويتي? وتقول الاستخبارات الأمريكية إنه كان المراسل الرئيسي لزعيم تنظيم القاعدة? بدت للوهلة الأولى كما يقول الصحفي الصحفي الأمريكي بوب وودورد “وكأنها كأي مكالمة هاتفية عادية وبريئة” لأن كل الذي جاء بها انه قال لمحدثه إنه عاد للأشخاص الذين كان يعمل معهم سابقا , ولكن صمت الشخص الذي كان على الطرف الأخر للحظات أثار الشكوك وكذلك جوابه”الله يسه?ل ” فتلقفت الاستخبارات الأمريكية المعلومة الثمينة من المكالمة التي وصفتها ب”الكنز” وشددت رقابتها على “الكويتي ” لمدة عام !! لتصل إلى مقره ببلدة أبوت آباد الواقعة على بعد حوالي 23 ميلا شمال العاصمة الباكستانية إسلام آباد? والشيء الوحيد الذي لم تتمكن الاستخبارات من التأكد منه هو طوله !!لذا ” طلب من أحد عناصر القوات الخاصة أن يتمدد إلى جوارها على الأرض لمقارنة طول الجثة? وكان طول عنصر القوات الخاصة ستة أقدام? فيما كان طول الجثة أكثر بعدة بوصات” كما يقول وودورد.
بالطبع أن الإستخبارات الأمريكية تريد بهذه العملية التي فقدت بها طائرة هيليكوبتر قيمتها90مليون دولار كما قال اوباما أن تعيد الهيبة لسمعتها بعد أن أمضت حوالي عشر سنوات تطارد بن لادن دون أن تتمكن من الوصول اليه وقد صرفت الكثير من أجل تحقيق هذا الهدف دون جدوى
واليوم بعد أن وصلت الى الهدف , وانتهت منه بسرعة ليكون لقمة للأسماك الجائعة ليس بسبب “الخيانة ” كما كان يؤكد بل بفضل أجهزة رصدها التي جعلت “كل من عليها” مراقبا ويسير تحت مرآها ومسمعها !
كل ذلك لتقول للعالم أجمع : “ماطار طير وارتفع الا كما طار وقع ” بأيدينا !