الوزير المثقف..عنتر شايل سيفه
بقلم/ سالم محمود ناشر
لعل أيسر طريقة للشهرة في عالمنا العربي عموما هو امتهان اللعن والكذب, وفي بلادنا من السهل أن تكذب على الاخرين وليس هناك أكثر من اليمنيين كذبا على بعضهم, كما ليس هناك أكثر من شعبنا تصديقا لكذب ادعياء الثقافة والسياسة بصورة خاصة, فهم – أعني الكذابين والضحايا- ينوعون من كذباتهم وتصديقاتهم كما ينوعون مقايلهم ووريقات قاتهم, وهذا ما فعله ويفعله كثيرون.
وأنا اتابع بعض منشورات الفيسبوك استوقفتني بعض منشورات دعي ثقافي عرف بالولد “المدلل” لمدير مكتب رئاسة الجمهورية على الانسي, متصابي وهو على مشارف الستينات, عرف بتكلفه في الكلام وتصنع اللهجة المصرية المكسره التي يحاول من خلالها إثبات أنه شرب من النيل ونهل من ثقافة وعلوم أم الدنيا.
هذا الولد “المدلل” لم يتدرج في الوظيفة العامة وليست له إسهامات في حياة المجتمع, قصير النظر, منفوخ الاوداج, يدعي الثقافة وليست له علاقة بالثقافة, درس الادارة في القاهرة ولما لم يفلح عين مباشرة بعد عودته مديرا للثقافة بمكتب الرئاسة, وارتقى بصحبة الدكتور عبد العزيز المقالح ليختاره كاتب وحي وسكرتيرا مخلصا ل “ملك سكر” زوجة الشاعر السوري سليمان العيسى, الذي ارتبط بعلاقة متميزة مع الدكتور عبد العزيز.
علي الآنسي هو من اكتشف في هذا “الدلوع -المدلل” – كما كان يطلق عليه موظفو مكتب الرئاسة – رقة المشاعر والاحاسيس العاطفية , لأنه كان يأتيه كل صباح ويشرح له كيف تغرب الشمس من على قبة المهدي وتشرق من فوق حمام الجلاء بصنعاء القديمة, ثم يقدم له كشفا بالكتب التي “تمثل خطورة على الدولة والنظام” التي يوصي بسحبها من المكتبات ليكلف هو اخيرا بشرائها والتخلص منها .. كانت وظيفة مربحة لكنها دنيئة.
وهكذا بمقاييس ريختر ومواصفات حارة الفليحي وحمام “المفتون” وجد المدير علي الآنسي في الولد المدلل خالد الرويشان مثقفا مرهفا لديه حاسة الشم والطعم فعينه ليقوم بالمهمة المطلوبة رئيسا للهيئة العامة للكتاب خلفا للمحقق والمؤرخ والكاتب المثقف الحداثي المعروف الأستاذ عبد الرزاق الرقيحي رحمه الله.
وفي الهيئة العامة للكتاب حيث يتواجد المثقفون المتخصصون في مجال المكتبات الوطنية والعامة, واللغات والترجمات, والتوثيق والفهرسة والتصنيف, والتقييم, والحفظ والصيانة والترميم وجد الولد المدلل نفسه وسط نخبة من المتخصصين الذين يصعب عليه فهمهم أو مجارات امكانياتهم العلميه والفنية في مجال ادارة وبناء المكتبات.
وفي هذا الجو المليء بالاكاديميبن والخريجين من أرقى جامعات العالم لم يكن أمام هذا المحظي الصغير الذي وضعه علي الآنسي ليكون عينه على الكتاب إلا ان يتجاهل البعض ويتخلص من البعض الاخر كما فعل بالأستاذ المبدع عبد الكريم الخميسي -رحمه الله- ليقدم نفسه بكونه “مرسل الوحي الرئاسي” فاصبغ على نفسه هالة من النرجسية والعظمة وجمد كل الأعمال والتخصصات وحارب كل الكفاءة وأغلق الباب في وجوه الجميع, وحصر عمل الهيئة على نفسه ومدير مكتبه والمسئول المالي, نعم المسؤل المالي, ذلك المسكين الذي كان ينزف دما كما كان صندوق الهيئة ينزف مالا إلى جيب هذا “المدلل- الدلوع”.
وهكذا, خلال سبع سنوات عجاف “للواد السكره” في هيئة الكتاب حتى أصبح وزيرا للثقافة لم يسمح لأحد من كوادر الهيئة ان يمارس تخصصه, فشتتهم بل مزق كوادر وكفاءات الكتاب شر ممزق وصادر حقوقهم, ولهف مكافئاتهم وجردهم حتى من مكاتبهم . أما صفقاته في المتاجرة بالكتاب وطباعته, فتلك قضية أخرى مليئة بالقصص والحكايات المخجلة بين بيروت والقاهرة.
ثم تعالوا بنا لنرى ماذا حدث ل “خلودي” بعد أن صار وزيرا للثقافة, وصار الوزير “المثقف” والوزير الأكول, والوزير الولوع بمريم نور وبكوكب الشرق, وصاحب جوقة العيال الصغيرة والمقايل الرومانسية والليالي الملونة.
حتى لا يقال أنني حسود, فلن أخوض في تفاصيل صغيره تخص الوااد خالد لكن سأتحدث حول القضايا المتصلة بنشاطه كوزير .. فهل تعرفون ما هي إنجازات هذا الوزير “المثقف” ؟
– تسلم خلودي الثقافة وفي صندوق التراث والتنميه الثقافيه الذي أسسه الاستاذ الروحاني أكثر من مليار ونصف ريال يمني.
– تسلم الوزير (خلدوي) ميزانية صنعاء عاصمة للثقافة العرببة2004 فقط 12 مليار ريال.
– أقام بالمناسبة 335 رقصة وبرعة,وقصص واجهات مباني صنعاء القديمة وأشعل العابا نارية في سمائها ليلة المناسبة. وطبع 500 كتاب.
– جلب فرقة الاوكسترا الالمانية لتعزف لليمنيين المعلقين في الجبال سيمفونيات بيتهوفن بدلا عن حادي علان, وصوت الدان الحضرمي, والعود الصنعاني, والطرب اللحجي, وألالحان التهامية.
ولكن أمام هذه الإنجازات الثقافية العملاقة التي حققها الوااد خالد حقق إنجازات أخرى كان ابرزها:
-أن الوزير “خلودي” اشترى لنفسه ومن حر مال وزاره الثقافة قصرا في بيت بوس ب700 مليون ريال. واشترى قصرين آخرين في حده وعصر واراضي تليق بمكانته, وصار الوزير “المثقف” من ملاك العقارات الكبيرة في صنعاء.
– اشترى ذمم كتبة وصحفيين ليكتبوا عنة بكونه الوزير “المثقف”, ويشيدون بعظمة انجازاته الموهومه !!
– خرج من الثقافة وهي مدينة لمطاعم الشيباني بمليار ريال.. فمعالي الوزير كان اكولا ويهوى الرشوش وهبر الاطلى التهامية وأكل الحنيذ, ولذلك كان يستحق أيضا لقب “الوزير الاكول” أو الوزير الرشوش مثلا.
– عشان يثبت انه “الوزير المثقف” نهب كثيرا من كتب معارض الكتاب خلال فترة توزيره وأقام مكتبة طويلة عريضة في منزلة ربما لم بقرأ منها كتابا وأحدا.
– أقام في بهو منزله متحفا لأم كلثوم, وسافر وهو وزيرا إلى مصر خصيصا ليشتري (الاخراص والمناديل والشباشب, والفساتين, وحامورة الشفايف) ودفع لقاء ذلك ثمنا غاليا طبعا من ميزانية الثقافة.
وصدقوني لو أن الوزير “السكره ده” اختصر الطريق وعمل متحفا لمقتنيات واغاني تقية الطويليه وامل كعدل كفنانتين يمنيتين كان قلل من التكاليف وربما كان حصل على مقتنياتهما بالمجان, وجنب نفسه مشاكل تهريب مقتنيات ام كلثوم المصرية, وكان ربما استحق لقب وزير الثقافة الوطنية .
مسكينة جدتي حفيظة كانت – يرحمها الله – تحفظ الكثير من شعر بيرم وشوقي وكانت تحفظ أيضا كل اغاني أم كلثوم لكن للاسف نساء القرية كانت تعتبرها مجنونة بينما خالد الرويشان لا يحفظ قصيدة واحده مما غنت ام كلثوم وأصبح بفضل شبشب أم كلثوم “الوزير المثقف” .. معذرة جدتي حفيظة أنه مجتمع المفارقات الظالمة !!! .
مسكين خالد الرويشان هذا, بعد توزيره أربع سنوات في الثقافة لم ينجز شيئا يستحق الذكر, ففي ظله توقف مشروع ترميم مدينة زبيد, وفي ظله توقف مشروع المكتبة الوطنية, وفي ظله تخلت اليونسكو عن حماية صنعاء كمدينة للتراث العالمي, وبفضله الغي مشروع صهاريج عدن, وفي ظله فقدت الثقافة الوطنية هويتها.
الغريب أن خالد الرويشان اليوم أصبح يتحدث عن القيم الوطنية ويدافع عن الدولة والعدالة لكن لا تدري عن أي عدالة واي دولة ؟! ..
يتحدث عن جرائم قتل الابرياء وهو في ذات الوقت يؤيد قتلهم تماما كما فعل عند قصف طائرات السعودية لمجلس عزاء الصالة الكبرى حيث وزع اتهاماته يمنة ويسرة حتى اعترفت السعودية أنها أخطأت لكنه لم يعترف أنه هرج ضد أهله وموطنه.
بالمناسبة كان له حينها موقفا يبعث على الشفقة والاشمئزاز, ففي حين كان الناس في حالة ذهول ومشغولين بأسعاف اكثر من سبعة الاف من الضحايا التي ارتكبت طائرات العدوان جريمتها ضدهم كان خالد يتسول العطف على الفيسبوك عندما صور نفسه بخدوش ربما من أظافر “مومو – دمة الوزير المثقف” التي تعود بحكم رقته مداعبتها, ليقول للمحبين والمعجبين أنه أصيب وهو على مقربة من الانفجار !!!. مضحك, أليس كذلك؟
وأخيرا, كلما اقرأ لهذا “الوزير المثقف” منشورا في الفيسبوك يدكرني بفيلم عادل إمام (عنتر شايل سيفه) حيث أصبح كالجاموسه يتصرف بلا وعي ولا عقل, باع الأرض والعرض بحثا عن من يدفع, وصار المسكين بعد أن فقد وظيفته كوزير للثقافة يعرض نفسه لمن يدفع “الساعة بخمسة جنيه. والحسابه بتحسب” الراجل طلع من توبه, وبحسب عادل إمام ” الاوله حمار والثانية حمار والثالثه برضك حمار ”
الوااد خالد لم يتدرج في الوظيفة الحكومية فهو قفز فجأة من القاهره إلى مدير ثقافة في مكتب الرئاسة, وهوب مرة ثانية إلى رئيس هيئة الكتاب, وهوب مرة ثالثة إلى وزير ثقافة.
ورغم أن عين الرضى سمحت لخلودي بالبقاء طويلا في الثقافة لكنه ما أن أقيل حتى جن جنونه وحشد جوقة المهرجين حوله ليخرجوا في تظاهرة نادرة ومضحكة مبكية رافعين اليافطات “مالنا إلا خالد”.. وهو موقف من عشرات المواقف التي تبعث الشفقة على هذا الكائن الغلبان, الذي لم يفهم معنى الدولة وقيم الوظيفة العامة, ولذلك كان قد أعتقد أن الثقافة أصبحت دكانه الخاص, وهو هنا كما في أغلب مواقفه يثبت أن عقلية الدكان هي ثقافته, فهو رغم أنه في الستين من عمره لم يتعلم ولم يستفد من عطف وتدليل الآنسي, ودفاع الارحبي, ومجالسة الدكتور المقالح, وفرص واغداق الرئيس صالح عليه.
هذا المدلل خالد الرويشان الذي عين وزيرا للثقافة لأطول فترة في تاريخها (اربع سنوات) لم يفعل خلالها شيئا مهما للثقافة غير التهريج وحفلات الزار الخاصة وبعثرة الأموال وشراء ذمم الصحفيبن والمثقفين.
ننصح الوااد خالد ونقول له يكفيك يا غبي, انظر إلى وجهك وتأمل في عينيك لم يعد لائقا بك أن تظل تتوسل وتبحث عن حواضن جديدة, عليك أن تكبر بكبر سنك.
الزمن يجري .. أنت قد أفسدت وعبثت كثيرا ودافع عنك الفسدة لكن ذلك كان عندما كنت “مدلل ودلوع” الرئاسة ,
أشفق عليك ايها”الوزير الرشوش” والله لا أريد أن تظل مضحكة العامة وملطشة المثقفين, أنت تبيع لمن لا يشتري لأنك فقدت كل القيم.
لعل مريم نور تذكرك, حاول أن تكتب لها قصيدة من قصائدك العصداء, قد تكافئك بوصفة من وصفاتها أو تميمة من تمائمها.
تحياتي لك أيها الوزير الأكول.