الأبعاد القانونية لتقرير الـ”اسكوا” وأسباب سحبه
شهارة نت – متابعات :
يشكل تقرير الـ “إسكوا”، وثيقة قانونية لإدانة “اسرائيل”، كدولة فصل عنصري، حيث اوصى معدو التقرير بتقديمه الى محكمة الجنايات الدولية، الامر الذي دفع امريكا و”اسرائيل” لممارسة ضغوط على الامين العام للامم المتحدة ما قاد لسحبه لاحقا عن موقع الهيئة.
وإثر سحب التقرير استقالت الأمينة العامة التنفيذية للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا التابعة للأمم المتحدة “إسكوا” ريما خلف من منصبها.
وحمل التقرير الذي جاء تحت عنوان “الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني ونظام الفصل العنصري”، ويتألف من 74 صفحة إضافة الى ملحقين، وهو تقرير استقصائي علمي مبني على تعريف القانون الدولي لجريمة الابارتايد، وهو موثّق بالادلة التي تظهر سياسات “اسرائيل” وممارساتها تجاه الشعب الفلسطيني ككل.
وتكمن أهمية التقرير في انه تابع الممارسات الاسرائيلية تجاه أوضاع الفلسطينين في الاراضي المحتلة من العام 1967، واللاجئين في لبنان وسوريا والعراق.
ويبين التقرير أن “اسرائيل” اعتمدت على تفتيت الشعب الفلسطيني، كاداة استراتيجية لتكريس سيطرة الفئة العرقية اليهودية على الشعب الفلسطيني ككل.
ويستند تقرير الامم المتحدة الى تعريف الابرتايد، ويقارن ممارسات “اسرائيل” في ما اذا كانت تنطبق عليه، ويخلص الى ان الادلة تشير الى ان “اسرائيل انشأت نظام فصل عنصري في فلسطين”.
وقال أمين عام الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، مدير مؤسسة الحق، شعوان جبارين، ان “التقرير اعطى بعدا جديدا للاحتلال الاسرائيلي بالقانون الدولي، حيث لم يعد يقتصر مفهوم الاحتلال على القانون الدولي الانساني الذي ينظم حالة الاحتلال، ولا على حقوق الانسان بشكل عام، بل نقله الى المستوى الثاني من التزمات الدول، حيث ان الدول ملزمة في حال كان هناك نظام فصل عنصري، ان تتدخل لانهاء ولوقف هذا النظام من خلال اتخاذ كافة الاجراءات والخطوات بشكل جماعي او بشكل فردي لانهاء حالة الفصل العنصري الموجودة بموجب اتفاقية الامم المتحدة المسماة «قمع الفصل العنصري وحظر هذه الممارسات» وبالتالي فان التقرير اضاف التزمات قانونية جديدة على الدول، ما يوجب عليها التحرك بخطوات عملية لانهاء الحالة الموصفة «الفصل العنصري» “.
واوضح “ان وصف اسرائيل في تقرير رسمي صادر عن منظمة رسمية تابعة للامم المتحدة بانها دولة فصل عنصري، يرتب على الدول وعلى الامم المتحدة مسؤوليات اتخاذ اجراءات ضد هذا النظام العنصري”.
وبين ان المفهوم القانوني للتقرير يعني انه “يتوجب على الدول اتخاذ خطوات عملية ضد اسرائيل باعتبارها دولة فصل عنصري، وهذا يضيف بعد جديدا للنضال القانوني والسياسي ضد الاحتلال، لذلك فان اسرائيل تراه خطيرا”.
وقال جبارين ان “سحب التقرير لا يعني انه فقد قيمته من حيث المضمون والتعليل القانوني، لكنه فقد الصبغة الرسمية باعتباره وثيقة رسمية من وثائق الامم المتحدة المعتمدة، التي تعتمد بشانها الاستراتجيات والخطوات، وتحريك الجمعية العامة للامم المتحدة، بالرغم من ان امكانية طرحه امام الجمعية العامة للامم المتحدة ما تزال متاحة بمساعدة الدول الصديقة لاعتبار التقرير وثيقة رسمية للامم المتحدة مرة اخرى”.
وحول مدى امكانية استخدام التقرير في ملاحقة “اسرائيل” بالمحاكم الخاصة للدول الاطراف في الاتفاقية وفي محكمة الجنايات الدولية، اوضح جبارين انه “يتم العمل الان على ملاحقة اسرائيل بجريمة «الأبارتهايد» ، وهذا التقرير يشكل وثيقة داعمة مهمة تستخدم بالدفع باتجاه ان هناك جريمة «أبارتهايد» ضد الفلسطينيين، اما بالنسبة للمحاكم الخاصة فما زال بحاجة لدراسة باعبتار ان هناك العديد من الدول لديها اختصاص في جرائم الأبرتهايد”.
ولفت الى ان سحب التقرير تم من خلال اللجوء الى طرق اجرائية بيروقراطية في عملية النشر، من خلال الادعاء بانه “لم يمر عبر التسلل المعمول به قبل نشره على الموقع الرسمي”، مشددا على انه لم يسحب على خلفية مضمونه.
وكان منسق التقرير ربيع بشور قال في تصريح لصحيفة “النهار” اللبنانية، ان الدول الاعضاء في “الاسكوا” وعددها 18 دولة طلبت في حزيران 2015 اعداد التقرير “وقمنا بالاتصال بالخبيرين استاذ القانون الدولي في جامعة برينستون في نيوجرسي ريشارد فولك وفرجينيا تيلي، وأستاذة العلوم السياسية في جامعة جنوب إلينوي للقيام بالمهمة، وتم انجاز التقرير”.
وعن تبعاته قال بشور انه “يشكل قاعدة تسمح للدول الأعضاء في ما لو أرادت احالة التحقيق على محكمة الجنائيات الدولية، واحدى توصيات التقرير ان تقوم الدول بهذه الخطوة”.
ويعتبر نظام «الفصل العنصري» في القانون الدولي من أخطر الجرائم التي ترتكب ضد الانسانية، وثمة معاهدة خاصة لمكافحة جريمتي الفصل العنصري والابادة الجماعية لمحاسبة الدول التي تمارس هذا النظام.