ماذا يجري في دمشق ؟ هل تعود الحرب في سورية إلى المربّع الاول ؟!
بقلم / فادي بودية
” بعد حلب ليس كما قبلها ” … هكذا عبّر الرئيس بشار الاسد عن المرحلة القادمة بعد الانتصار المدوّي للجيش العربي السوري وحلفائه في حلب
حيث بنى أردوغان حلمه العثماني ، ومعه بنى آل سعود أحلامهم بإسقاط الرئيس الاسد وانهار مخطط الولايات المتحدة بأن تكون حلب المدخل لتقسيم سورية وفق مصالحها .
كل هذه الاحلام سقطت في حلب ، فكيف سيتم استيعاب محور الارهاب إستعادة الجيش السوري لمدينة تدمر ووصوله إلى نهر الفرات ؟! وما هي الخطط البديلة التي سيستخدمها بعد أن إستعاد الجيش السوري وحلفاؤه سيطرتهم على معظم المناطق والقرى والمدن التي كانت في قبضة الارهابيين ؟!
لا شك أن الصدمة كانت أكبر مما يتوقعون ! فالرئيس بشار الاسد أثبت خلال حرب السنوات الماضية أنه الاكثر ثباتاً وأنّ لديه حلفاء ” أوفياء ” لم يتخلوا عنه في أحلك الظروف .
حدثان مهمان غيّرا قواعد اللعبة العسكرية والميدانية في سورية ، وهذه المرة في قلب العاصمة دمشق :
الاول : لقاء ولي ولي العهد السعودي مع الرئيس الاميركي حيث شدّدا على ضرورة محاربة إيران باعتبارها الاكثر خطراً على المنطقة وبالاخص على الامن الصهيوني ، وأكّدا على ضرورة تجفيف نفوذها في سورية في محاولة لاستعادة الهيبة الاميركية من جهة وتقديم جرعة تنشيط للإرهابيين بعد أن بدأوا بالانهيار الفعلي من جهة أخرى .
الثاني : لقاء نتنياهو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حيث كان التأكيد والاصرار الصهيوني على المساعدة الروسية من الخطر الايراني وتهديدات حزب الله التي بات تؤرّق هذا الكيان … وهنا كان الجواب الروسي ” هذا المفتاح بيد الرئيس الاسد ” لاسيما أن روسيا أعلنت أكثر من مرة أن حزب الله ليس منظمة إرهابية .
عاد نتنياهو ” بخفيّ حنين ” معتبراً أن الحلّ الوحيد هو توجيه ضربة تجريبية وفي حساباته أن سورية غير قادرة على الرد لانشغالها بالحرب ضد التكفيريين من جهة ، وعدم قدرتها على التصعيد وفتح جبهات أخرى من جهة ثانية ، إلا أن الرئيس الاسد كان له قرار مختلف صدم الكيان الصهيوني وأعاد إلى أذهانهم : أيها الصهاينة أنها سورية !!!
لكن ماذا يجري في دمشق بعد كل هذا الهدوء الظاهري الذي ظنّه البعض ؟ ولماذا عاد مسلسل التفجيرات ونبوءات عودة الاغتيالات ؟
مع الأسف أن الاعلام تغافل في بعض الاحيان – ربما بسبب تسليطه الضوء على المناطق الاكثر سخونة – أن هناك مناطق لازالت المعارك مشتعلة ولم تهدأ مثل منطقة ” القابون ” وغيرها من المناطق المحيطة بدمشق ، فالاجهزة الامنية والعسكرية لم تتفاجأ كثيراً بتفجير ” العدلية ” أو بهجوم ” كراج العباسيين ” فهي تعي تماماً أنها في مرحلة ” حرب شرسة لا تعرف حدوداً ولا خطوطاً حمراء حسب ما عبّر أحد القادة العسكريين خلال لقائنا معه .
عزيزي القارئ : إنّ ما يحصل في دمشق وريف حلب وكل سورية هو تصعيد أميركي سعودي تركي صهيوني لإعادة فرض معادلات ميدانية جديدة بعدما أدركوا أن كفّة ميزان الميدان قد رجحت لصالح الدولة السورية وبالتالي فإنها باتت الجهة الاقوى في المفاوضات السياسية وهذا ما اتّضح في أستانا 3 وجنيف 4 ، حيث بدا الاخفاق والتخبّط واضحاً في صفوف ” المنصّات المعارضة ” وعدم قدرتها على توحيد صفوفها ومطالبها مما أظهر أيضاً عجز الدول الراعية لهذه الفصائل عن ” مونتها ” لتوحيد الخطاب المعارض ! فهل نصدّق أن أميركا تسعى للحل في سورية ؟! وهل نصدّق أن داعش والنصرة وكل التسميات تحتاج إلى كل هذه الجيوش العالمية من أجل محاربتها ؟!!
أوباما كان أقلّ حماقة من ترامب لانه أدرك عدم الجدوى من الدخول العسكري الاميركي في مستنقع الحرب السورية لانه حتماً سيعود مهزوماً بتوابيت ” خشبية ” !
السنوات السبع العجاف شارفت على الإنتهاء والنتيجة : سورية موحدّة يرأسها الدكتور بشار الاسد بقرار الشعب السوري ، أما التهويل بمسلسل الإغتيالات والتفجيرات فلم تعد تثير رعب السوريين الذين قدموا الغالي والنفيس من أجل صمود وطنهم وانتصاره … وهم ” المنتصرون ” .
ما يجري في سورية الان هو آخر المحاولات البائسة لإعادة التموضع الاميركي وأزلامه ودليل واضح أنّ مشروعهم إنتهى ، إيران لن تسمح بإعادة سورية إلى المربع الاول ، وروسيا كان كلامها ” من كعب الدست ” – على حدّ تعبير الدكتور بشار الجعفري – للسفير الاسرائيلي بعد الاعتداء الجوي ، وحزب الله الملتزم حتى بذل الارواح بإنتصار سورية ، والشعب السوري تحوّل كلّه إلى جيش شعبي لحماية وطنهم وقرارهم …
فلا الإنزال الاميركي في الرقة ، ولا غزو الجيش التركي لبعض الاراضي السورية ولا شيء ينفع سوى ” العودة للتفاوض مع الاسد ” .