مخالفات قانونية في السعودية بخلفيات سياسية .. الشيخ حسين الراضي نموذجاً
شهارة نت – الاحساء / السعودية :
حل في الـ21 من شهر مارس/آذار الحالي الذكرى السنوية الأولى لاعتقال الشيخ حسين راضي بعد أن قامت قوات الأمن السعودية المدعومه بما يزيد عن 20 آلية عسكرية باقتحام بلدة الرميلة بالأحساء في المنطقة الشرقية، واقتادت الشيخ إلى جهة مجهولة بعد أن كانت منعته من إمامة صلاة الجمعة والجماعة في خطوة تصعيدية استدعتها المواقف الجريئة والصريحة للشيخ الراضي
مواقف على قدر المرحلة..
وقد برزت مواقف الشيخ راضي بشكل كبير بعد اغتيال الشيخ الشهيد نمر باقر النمر، لأن من اتخذ قرار تصفية الشيخ النمر ظن أن هذا الأمر سيردع المعنيين من القيادات الدينية في المملكة بشكل عام وفي المنطقة الشرقية بشكل خاص وأنه قد يمنعهم من رفع الصوت بوجه تصرفات أدوات النظام، إلا أن الشيخ الراضي بحكم موقعه وعمامته الطاهرة القائدة والمسؤولة أدرك أن لا مجال في مثل هذه الظروف للسكوت أو المهادنة بل هو أوضح بمواقفه المحقة والرصينة والصائبة لكل من يعنيهم الأمر أن الواجب يفرض قول الأمور كما هي ووضع النقاط على الحروف وتوضيح الأمور لمن قد يكون قد تداخلت عليه المسائل وارتبك بتصويب البوصلة للتمييز بين الحق والباطل أو بين رفع الصوت بوجه الظلم أو مهادنته.
فكانت كلمات الشيخ كالصواعق تنزل على رؤوس كل من أراد أخذ المجتمع إلى الركون والاستسلام والانكسار، وإن لبست لبوس الهدوء واكتست النبرة الحليمة فعمل الشيخ على استنهاض الهمم والتركيز على توعية الناس واستنفار العقول والقلوب للانشغال بما يعني الأمة وعدم الانجرار وراء ما تريده بعض الرؤوس الحامية لأخذ المنطقة والوطن إلى فتن مذهبية بغيضة.
الواعظ والموجه..
ويكفي لنا الإشارة لكلام الشيخ راضي عن فلسطين المحتلة وضرورة مقاومة العدو الإسرائيلي والتصدي للإرهاب التكفيري، وانطلاقا من ذلك نوه الشيخ الراضي في إحدى خطبه بدور الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في مقاومة العدو الصهيوني، فهو وصف السيد نصر الله قائلا “.. أنت أمل المحرومين والمظلومين .. أنت السهم في عيون الظالمين أنت الذي أدخلت السرور على قلوب العرب والمسلمين وأحرار العالم يوم أخرجت إسرائيل من الجنوب اللبناني ذليلة تجر أذيال الخيبة والهزيمة..”، وتابع “إذا كانت جريمة حزب الله أنه قاتل العدو الصهيوني والإرهاب التكفيري فأنا مع حزب الله في هذه الجريمة..”
كما أن الشيخ راضي لعب دور الواعظ والناصح للحكام والمسؤولين في المملكة انطلاقا من رغبته وضع البلد ككل وهو في أحد خطبه دعا الحكومة في المملكة السعودية إلى ترك حزب الله وشأنه وكذلك إيران واليمن وسوريا وليبيا والبحرين، وحث سلطات المملكة للإصلاح في مختلف المجالات وعلى كل الصعد، ومما دعا إليه الشيخ راضي حكومة المملكة أن تعمل لتطور المؤسسات كي تكون هذه الدولة في مصاف الدول المتقدمة المتحضرة المنتجة والمصنعة لا المستهلكة لكل شيء..، كما واظب الشيخ الأسير على دعوة الحكام للانسحاب من اليمن ووقف الحرب عليها وقتل الأبرياء من المدنيين دون وجه حق.
اعتقال رجل أم استهداف مذهب؟
فمن يتابع هذه النماذج من كلام الشيخ الأسير يدرك الأسباب الحقيقة لاعتقاله على يد السلطات السعودية في بلد تبلغ نسبة الحريات فيه الصفر بالتمام والكمال على مقياس حقوق الإنسان، وهذا ما يؤكد المؤكد أن لا احترام للرأي والرأي الآخر في المملكة ولا مجال لسماع أي صوت ناقد وموجه أيا كان صاحبه، ولكن إلى متى سيستمر هذا النزف في المجتمع السعودي حيث يتم استهداف المفكرين والعلماء لأبسط الأسباب وأتفهها وفقط لأن عالم الدين يبدي رأيه في شأن عام ويحاول لفت نظر السلطة الحاكمة إلى بعض الأخطاء أو الهفوات التي ترتكبها أو حتى توعية الناس لبعض المسائل التي تتعلق بالشأن العام.
والسؤال البديهي هو لماذا ما زال الشيخ الراضي معتقلا من دون أي محاكمة في سجون النظام السعودي؟ ولماذا لا يتم الكشف عن الأسباب الحقيقة لاعتقاله أمام الناس وفي وسائل الأعلام خاصة أنه لم يهاب أحد وكان يقول كلامه في العلن وعلى المنابر دون خوف أو وجل؟ أليس الأجدر استخدام العلنية في محاكمته بدل التكتم على مصيره وكيفية الحياة التي يعيشها في المعتقل وموعد محاكمته وكيفية الإجراءات التي ستتبع ومدى الشفافية التي سيتم انتهاجها؟ أسئلة كثيرة تطرح وستبقى معلقة لأنها لا ترتبط فقط بقضية الشيخ حسين راضي إنما لها علاقة بكل المنظومة القائمة عليها الحياة في المملكة السعودية والتي تحتاج فعلا إلى تطوير في مجالات القانون والقضاء والسياسة والحقوق والأمن والاقتصاد.. وعلى كافة الصعد كما طالب الشيخ الأسير.
ولكن أي مصير سيلقى سماحة الشيخ في ظل كل هذا الصمت الرسمي السعودي لا سيما أن واقعة اغتيال الشيخ نمر باقر النمر ما زالت ماثلة في الأذهان، وكيف اعتقل وغُيّب الشيخ الشهيد ومن ثم خروج الأمر إلى العلن ببدء محاكمته على عجل دون مراعاة أدنى المعايير الحقوقية والقضائية والشرعية، ومن ثم تم اغتياله على عجل بطريقة أشبه بالعمل الأمني السري، وهل سيتم التعاطي في قضية الشيخ راضي اليوم كجزء من مسلسل محاكمة “العمائم” في المملكة والمنطقة وبالأخص في البحرين؟ لا سيما أن النظام البحريني يتعاطى بالأسلوب العدائي مع علماء الدين، وما قضية محاكمة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم إلا إحدى حلقاته بالإضافة إلى اعتقال العديد من العلماء ممن يتعاطون الشأن السياسي، فالسلطات السعودية والبحرينية تقوم بتضييق كبير على الشعائر الدينية للمذهب الشيعي سواء فيما يتعلق بالشعائر الحسينية وصلاة الجمعة وفريضة الخُمس وغيرها من الأمور وكأن الهدف استهداف لمكون بأكمله ولشريحة بعينها تحت مسميات طائفية ودينية.