في اليوم العالمي لحرية الصحافة
من الزاوية الفلسفية فالصحافة طبقية?وهي تخدم وتعبر عن مصالح الطبقة والسلطة الحاكمة? ومن هنا تكون الحريات الصحفية مقيدة ?ولا تعبر عن رأي ونبض الشارع أو مصالحه?ولا وجود لحرية صحفية بالمعنى المطلق?وهي تضيق وتتسع حسب النظام السائد?والحريات الصحفية غير ممكنة في ظل غياب الديمقراطية.
والكثير من الصحفيين على المستوى العالمي والعربي دفعوا ثمنا?ٍ للمهنة حياتهم أو تعرضوا للاعتقال والبطش والتنكيل وطوردوا او فصلوا من وظائفهم جراء محاولتهم الوصول الى مصدر المعلومة او قلب الحدث?او نشرهم لأخبار وتقارير وصور تعري وتفضح النظم والمؤسسات الحاكمة?وهنا مثالا صارخ وحي فكل الصحفيين الذين انتقدوا إسرائيل وأدانوا ممارستها القمعية بحق الشعب الفلسطيني أو دعوا إلى إنصاف الفلسطينيين ومنحهم حقوقهم وحريتهم أو شككوا في حقيقية “الهولوكست” فصلوا من وظائفهم وطوردوا في لقمة عيشهم ?وحتى البعض منهم تعرض للاعتقال.
أما على صعيدنا الفلسطيني فالصحفيين الفلسطينيين يعانون الكثير من القمع والتنكيل من قبل الاحتلال الإسرائيلي?حيث العديد من الصحفيون استشهدوا وآخرون جرحوا والعديد منهم ما زال يرزح في سجون الاحتلال وزنازينه?وفي كل ساعة بل وحتى لحظة يتعرض الصحفيون الفلسطينيون للقمع والتنكيل وتقيد الحركة ومنع النشر او التصوير وغيرها?فالاحتلال يشعر بأن الأعلام هو عدوه الأول وبالتالي يريد أن يكمم الأفواه ويمنع نشر أي خبر او تقرير او صورة تعري وتفضح حقيقة ممارساته القمعية والاذلالية بحق شعبنا?وهو لا يكتفي بذلك?فهو يحرم الصحفيون حتى من الحصول على البطاقات الصحفية?وباختصار فإن صحفيينا وإعلامينا هم من النخب المناضلة?وهم يوظفون كل طاقاتهم وإمكانياتهم من أجل شرح معانيات شعبهم وهمومه ومشاكله جراء الاحتلال?والكثير منهم حصد الجوائز العربية والدولية على شجاعتهم وعلى وتغطيتهم للأحداث الساخنة وكشفهم لجرائم الاحتلال وانتهاكاته لحقوق الإنسان.
وفي أعقاب قيام حكومة اليمين والتطرف في إسرائيل?نلحظ تصعيدا?ٍ غير عادي من قبل حكومة الاحتلال ضد الصحفيين الفلسطينيين والمؤسسات الإعلامية الفلسطينية?كجرائم انتهاك الحق في الحياة والسلامة الشخصية?مثل تعرض الصحفيين للضرب والتنكيل والاحتجاز والاعتقال?أو تكسير وتحطيم الأجهزة ومصادرتها?ومنع الصحفيين من تغطية الأحداث?أو مداهمة وتخريب المؤسسات الصحفية وحتى تدميرها ومصادرة معداتها.
وما ترتكبه إسرائيل من جرائم وتصعيد بحق الصحفيين الفلسطينيين ومؤسساتهم الصحفية?ليس بالشيء العابر أو غير المقصود?بل هو يندرج ضمن سياسة إسرائيلية ممنهجة ومقصودة تهدف إلى فرض عزلة تامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة?لكي تمنع كشف ما يرتكب من جرائم وانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني.
والانتهاكات المرتكبة بحق الصحفيين الفلسطينيين ليست قصرا?ٍ على حكومة الاحتلال?بل وجدنا إن مثل هذه الانتهاكات قد ارتكبتها السلطتان القائمتان في رام الله وغزة?حيث تعمق وارتفعت وتيرة تلك الانتهاكات?تحديدا?ٍ بعد عملية الانقسام?حيث اعتقل العديد من الصحفيين وأغلقت مؤسسات صحفية?حتى أن الحكومة المقالة في غزة كانت تمنع دخول الصحف الفلسطينية الى القطاع?وفي التقرير الذي أصدره “المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الاعلامية” أشار الى ان هناك في الربع الأول من العام الحالي (81 ) انتهاكا?ٍ بحق الصحفيين?(51 ) منها ارتكبته الأجهزة الأمنية في الحكومتين?وهذا مؤشر خطير على ما تتعرض له الحريات الصحفية من قمع وتكميم.
وأيضا?ٍ الانقسام كان له تداعياته على الجسم الصحفي?حيث أنه حتى اللحظة الراهنة لا يوجد نقابة موحدة تعبر عن إرادة الصحفيين?وما يجري من خطوات على صعيد التوحيد وتصويب العضوية في النقابة يسير بخطى بطيئة?وأيضا?ٍ المؤسسات الصحفية القائمة العديد منها يفتقد إلى الموضوعية والمهنية?وفي العديد من الحالات تشكل أبواقا?ٍ للسلطة القائمة?وعدا الرقابة المفروضة على تلك المؤسسات من السلطات القائمة وأجهزتها الأمنية?ففي العديد من الحالات كانت المصالح والاعتبارات الخاصة والشخصية للمالكين لوسائل الأعلام تلك قيدا?ٍ إضافيا على حرية النشر والتعبير.
وهناك قضية أخرى برزت مع الثورة المعلوماتية ?صحيح انها لعبت دورا?ٍ بارزا?ٍ وهاما?ٍ في نشر الاخبار والمعلومات التي تحاول الأنظمة حجبها?ولكن مع انتشار الصحافة الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي?وفي ظل انعدام الرقابة والتنظيم? وجدنا أن هناك كثير من الخلط للحابل بالنابل?وعدم الدقة والموضوعية?وغياب المصدر الموثوق للخبر?أضف الى ذلك تدني المهنية?وحتى انتشار السرقات الصحفية?والخروج في الكثير من الأحيان عن آداب المهنة.
في اليوم العالمي لحرية الصحافة?لا نريد من الأجهزة الرسمية والحكومية والأمنية?أن تشبعنا شعارات عن تقديرها للصحفيين ودورهم الوطني والطليعي في خدمة قضايا شعبنا?بل ما نريده أن تنعكس تلك الشعارات الى ترجمات حقيقة على أرض الواقع?وأولى هذه الترجمات العمل على إطلاق سراح الصحفيين المعتق