“الصفقه الكبرى” .. هل تبصِر؟
بقلم / أحمد نواف يس
لم يكن غريباً أو مستبعداً لقاء ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالرئيس الأميركي دونالد ترامب نظراً للتصريحات التي سبقت زيارة بن سلمان المطولة لوشنطن، بل أعلن الطرفان ذلك بصراحة.
التقى الطرفان للمرة الأولى منذ تولي الرئيس ترامب مقاليد الحكم، كان طاغياً الحديث عن رؤية بن سلمان للمملكة 2030 والتي عرضها على الرئيس ترامب، الذي أثنى بدورة على الرؤية الجديدة للمملكة ووعد بعودة الاستثمارات الامريكية إلى السعودية بمبالغ قد تناهز 200 مليار دولار اميركي.
لكن الأهم من ذلك والذي لم يظهر إلى العلن بشكل مباشر هو ما يفترض أنه يُطبخ على نارٍ قد لا تكون هادئه بين بن سلمان والرئيس ترامب. رغبة سعودية جامحه في ضرب التمدد الإيراني في المنطقة وكبح تفوقها على أكثر من جبهة يدفع بن سلمان لتشكيل جبهة إسلامية لمواجهة الخطر الفارسي. يقابل ذلك رغبة أمريكية مستجده في إنهاء الصراعات الدائرة في الشرق الأوسط بحسب ما تقتضيه المصالح الأمريكيه، و بحسب ما أشار سايمون هيرش في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أنه سيكون من المثير للعجب إذا لم يطرح ترامب أفكاره عن صفقة أكبر بكثير بشأن السلام في الشرق الأوسط، قد تطال دولاً عده.
الصفقة الكبرى أُقرَّت في واشنطن بين بن سلمان وترامب وفيها شروط يجب تنفيذها إلى أن تجهز الطبخة السعودية الأمريكية للمنطقة. ولعل إرهاصات هذه الصفقة تتمثل بدايةً في المناورات المشتركة المزمع انطلاقها الشهر المقبل بين الولايات المتحدة والسعودية، إضافةً إلى موافقة الولايات المتحدة على إعادة بيع السعودية أسلحة ذكية كان قد أوقف تسليمها الرئيس السابق باراك أوباما، وذلك لاستخدامها في الحرب الدائرة في اليمن لضرب حركة الحوثيين المعروفة باسم أنصار الله. وبحسب المعلومات فإن ترامب وافق على إمداد السعودية بالسلاح خلال العامين المقبلين بقيمة قد تلامس 200 مليار دولار تُحسم كلفتها من الودائع السعودية في المصارف الأمريكية.
ويقال أن من نتائج هذه الزيارة ليس بدء ذوبان الجليد بين السعودية ومصر بعد إعلان آرامكو أكبر منتج للنفط في العالم إعادة تزويد مصر بالمشتقات النفطية بعد انقطاع دام 6 أشهر أرجعته آرامكو إلى “خلل فني” في اتصال مع وزير النفط المصري طارق المُلا. ويشار إلى أن إجراءات لقاء قريب بين الرئيس السيسي والملك سلمان بدأت تتحضر في إشارة إلى عودة العلاقات المصرية السعودية إلى سابق عهدها وإن كان بأدوار ووظائف مختلفه.
إذاً المصلحة الكبيرة بين رؤية الادارة الأمريكية الجديدة والسعودية حول مستقبل المنطقة. أولاً بوقف التمدد الإيراني و تقويض مصالح إيران في المنطقة إنطلاقاً من سوريا ومروراً باليمن والعراق ولبنان. وثانياً ضرب الإرهاب المتمثل بداعش وأخواتها الذي بات يشكل خطراً حقيقاً على عواصم الدول الداعمة له، والقرار بات نافذاً في قص جناح داعش و حصر نفوذها من أجل السيطرة على نشاطها وتوجيهه بشكلٍ أكبر ..
قد تكون المصالح تلاقت في أماكن عدة، لكن جشع الرئيس ترامب في الحصول على مكاسب ضخمة ستدفع ثمنها المملكة وبعض دول الخليج كأحد الشروط على الموافقة وخوض غمار هذه الصفقة، يجب أن يدفع المملكة إلى الحذر من سياسات ترامب الذي قال جهارة أنه لن يقدم أي خدمة بشكلٍ مجاني بعد اليوم!.
في المقابل فإن السعودية تسعى من خلال جولة الملك سلمان الآسيوية إلى فتح علاقات اقتصادية مع الغريم الاقتصادي الأخطر على أميركا المارد الصيني ودول آسيوية أخرى، لإنقاذ إقتصادها الذي بدأ يعاني من أزمات عدة من جهة، و لتوفير غطاء “إسلامي” لمعركتها المقبلة من جهةٍ أخرى.
الأيام المقبلة ستحمل تطورات جديدة في ظل جولات سلمان الآسيوية بالتوازي مع جولات وزير الخارجية الأمريكية ريك تيلرسون التي سترسم معالم المرحلة المقبلة وتعيد ترتيب المنطقة وفقاً للرؤى الأمريكية.