محاولات لزج الجزائر في أحضان الإرهاب
شهارة نت – تقرير :
شهدت الأيام القليلة الماضية مجموعة من التحركات الإرهابية طالت الأراضي الجزائرية، وتشير هذه التحركات إلى أن هناك جهات غربية وصهيونية تحاول إنهاك الجيوش الكبرى في المنطقة العربية
فالجيش المصري في مواجهة داعش في سيناء، والسوري يصارع الجماعات الإرهابية بكافة أشكالها، والعراق يطارد داعش في الموصل، واليوم هناك محاولات لجر الجيش الجزائري لهذه المعمعة.
الوضع في الجزائر
أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية الأربعاء الماضي مقتل إرهابيين اثنين، وتوقيف اثنين آخرين، إضافة إلى ضبط كمية من الأسلحة، ونحو طن من المواد المتفجرة الكيميائية كانت ستستخدم في تصنيع المتفجرات في منطقتي بومرداس وتيزي وزو شمال الجزائر، وأشارت وزارة الدفاع إلى أن هدف العملية الأمنية هو تعزيز الأمن الداخلي، والقضاء على الإرهاب.
وكانت عملية استخباراتية للجيش الجزائري أدت إلى كشف مخزنين لتصنيع الأسلحة، اللافت فيها هو العثور للمرة الأولى على مواد كيميائية بهذه الكمية الكبيرة، ففي شعبة العامر بولاية بومرداس، أقرب ولاية إلى العاصمة من جهة الوسط، تم ضبط نحو طن من المواد الكيميائية كانت معبأة في براميل بهدف صنع متفجرات، أما في ولاية تيزي وزو، وهي أقرب ولاية للعاصمة الجزائرية أيضًا ولكن من ناحية الشرق، تمكنت مفرزة للجيش من ضبط كمية تقدر 150 لترًا من مادة حمض النتريك مخزنة في براميل بلاستيكية في بلدة عزازقة، وهي مادة خطيرة تستعمل في تحضير المتفجرات.
إجراءات أمنية جديدة كشفت عنها السلطات الجزائرية لمنع أي عملية تسلل، شملت تكثيف عمليات مراقبة في عمق الصحراء المتاخمة للحدود الليبية، وقد دفعت قيادة الجيش الجزائري بأكثر من 50 ألف شرطي وجندي.
ونجح الجيش الجزائري في إجهاض العديد من محاولات تسريب الأسلحة عبر الحدود، ما دفع المسلحين على ما يبدو للجوء إلى محاولة صنع الأسلحة داخل الجزائر وفي مناطق قريبة من العاصمة التي تنتظر تنظيم انتخابات تشريعية في الأسابيع المقبلة، يضاف إلى هذه التحركات خطر تجسسي تتعرض له الجزائر من قبل الكيان الصهيوني، فمطلع العام الجاري وفي ولاية غرداية جنوب العاصمة، فكك الأمن الجزائري شبكة جواسيس يحملون جنسيات إفريقية يعملون لصالح تل أبيب.
الإرهاب والجزائر
جماعة المسلمين ونصرة الإسلام اسم التنظيم الإرهابي الجديد الموالي للقاعدة في مالي ودول الساحل الإفريقي، وهو عبارة عن اندماج ثلاثة تنظيمات مسلحة في تشكيل مسلح واحد، الأمر الذي استنفر الجيش الجزائري، ودفع بقائد أركانه الفريق، أحمد قايد صالح، إلى النزول ميدانيًّا وزيارة جنوب البلاد؛ لشحذ همم الوحدات العسكرية الميدانية المرابطة على الحدود التي تشهد يوميًّا محاولات لتهريب السلاح بمختلف أنواعه، ولا سيما من الدولة الجارة ليبيا.
قبل أيام صادرت مفرزة للجيش بمنطقة أدرار وعين بسام الحدوديتين أربعين مسدسًا حربيًّا، وأربعة وأربعين مخزنًا للسلاح وكميات من الذخيرة، وقاذفات للصواريخ والقنابل، تكديس هذه الترسانة وإخفاؤها يعكسان مخططات إرهابية لشن هجمات في الداخل الجزائري، على شاكلة الهجوم المحبط أمام مقر الشرطة بمدنية قسنطينية شرقي البلاد، الذي تبناه داعش الإرهابي الساعي لإيجاد موطئ قدم له في الجزائر واستنهاض الخلايا النائمة عن طريق التجنيد والتعبئة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يستغل عودة عناصر التنظيم من بؤر التوتر إلى بلدانهم المجاورة، ويوجههم نحو الجوار.
وعلى الصعيد الداخلي في الجزائر كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الطائفة الأحمدية وما تشكله من خطر على الأمن الجزائري، فالأحاديث منتشرة عن ارتباط هذه الطائفة بالكيان الصهيوني.
وعلى الصعيد الخارجي ضاعفت الجزائر من جنودها على الحدود مع ليبيا؛ تفاديًا لزحف الجهاديين، ولا سيما بعد حديث توماس والدهاوسر قائد القوات العسكرية الأمريكية في إفريقيا عن أن المئات من عناصر داعش الذين تحاصرهم قوات البنيان المرصوص في ليبيا نزحوا نحو البلدان المجاورة، الأمر الذي من شأنه أن يهدد الاستقرار في الجزائر، الذي ذاق ويلات الحرب الأهلية بسبب الجهاديين العائدين من أفغانستان أواخر ثمانينيات القرن الماضي، الأمر الذي دفع الجزائر لتسريع التنسيق مع الفصائل الليبية لإيجاد حلول ممكنة لحل الأزمة الليبية، وهو الأمر الذي بدا واضحًا في لهجة الجزائر الممتعضة من الانقسامات الأخيرة التي طالت الساحة الليبية، حيث أكدت أن إلغاء اتفاق الصخيرات يعني إلغاء مجلس النواب.
لماذا الجزائر؟
يبدو أن هناك رسائل تهديد مباشرة للجزائر تكشف مطامع الدول الغربية والإقليمية فيه، ففي مايو 2016 قال الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، إن سوريا مسحت من الخريطة تقريبًا والجزائر تشكّل تهديدًا لأوروبا، وفي 2015 قال ساركوزي “إن تونس لم تختر موقعها الجغرافي بين الجزائر وليبيا”، وفُهِم من كلامه أنه من سوء حظ تونس أنها متواجدة بين بلدين خطيرين من الناحية الأمنية، في إشارة إلى أن الجزائر ستحدث فيها اضطرابات أمنية.
ويبدو أن السلوك العروبي للجزائر لا يخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، فالجزائر كانت ضد تدخل الحلف الأطلسي في ليبيا، ولم تؤيد الغزو الأمريكي للعراق، إضافة إلى مواقفها بشأن القضية السورية في الجامعة العربية والتي كانت داعمة للحل السياسي، كما اتسعت الهوة بين سياسة الجزائر ودول الخليج، فالجزائر لم تدعم المطلب الخليجي باعتبار حزب الله منظمة إرهابية، الأمر الذي من شأنه أن يبقي على المخططات الشيطانية لبعض الدول الخليجية في إحداث ما يسمي بالربيع الجزائري قائمة، ووفقًا لصحيفة الوطن السورية، فإن مشادات كلامية وقعت بين وزير خارجية الجزائر السابق، مراد مدلسي، ورئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري السابق، حمد بن جاسم، حول تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، حينها قال بن جاسم للمدلسي “لا تدافع كثيرًا عن سوريا؛ لأن الدور آتٍ عليكم، وقد تحتاجنا في المستقبل”، ولكن يبقى الرهان على روح التماسك الشعبي لدى الجزائريين أصحاب المليون ونصف المليون شهيد إبان الاحتلال الفرنسي لأراضيهم.