كيف ستعالج تونس ملف الإرهابيين العائدين من مناطق الصراع ؟
شهارة نت – استطلاع:
شكلت عودة الارهابيين من بؤر التوتر الى تونس، أزمة أمنية واجتماعية، ويؤكد باحثون وخبراء ، أن عودة الإرهابيين، تعد ملفا من الملفات “الحارقة والآنية” وأن التهديد الأكبر بعودة هؤلاء إلى تونس بعد اكتسابهم خبرة قتالية، وتعمقهم في هذا الفكر الإرهابي الذي أمتزج بالعنف والدم والذبح والاغتصاب باسم الدين، مما يفرض استراتيجيات التصدي وإجراءات التوقي مما قد يشكلونه من خطورة على الوطن وعلى بلدان الجوار وحتى دوليا.
ويرى الخبير التونسي، معز بن علي، أن بداية الأزمة، منذ أواخر سنة 2011 حين واجهت تونس تهديدا جديا بفقدانها السيطرة على مئات المساجد التي استخدمت لتجنيد الشباب للانضمام أولا إلى تنظيمات تكفيرية قبل أن يقع دعوتهم للالتحاق ببؤر التوتر..
وقال : إن موضوع العائدين خلق نوعا من الهستيريا في المجتمع، ودفع آلاف من المواطنات والمواطنين لتنظيم عديد الوقفات والمسيرات، منها من دعا إلى سحب الجنسية ومنع عودتهم إلى أرض الوطن، وآخرون طالبوا من الحكومة ومجلس نواب الشعب اتخاذ القرارات الجريئة ووضع السياسات لحماية الشعب من الخطر الذي يمثلونه والفكر الإجرامي الذي يحملونه، والقضاء على السموم التي يمكن تسريبها في المجتمع كأشخاص شاركوا في المعارك.
وأضاف : لقد شهدنا مؤخرا عديد المبادرات إما من منظمات المجتمع المدني أو منظمات دولية ومؤسسات حكومية، وهذا ما يعتبر تحولا كبيرا في التعاطي مع هذه الظاهرة ويبرز اهتمام كل الفعاليات بهذا الموضوع والتفطن لما تمثله من تهديد للأمن القومي إن لم يقع وضع السياسات واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية البلاد والشعب من الخطر الذي يمثله العائدون من بؤر التوتر.
وأوضح الخبراء، أنه لا توجد أرقام ثابتة وإحصائيات رسمية حول العدد الحقيقي للتونسيين الذين يقاتلون مع تنظيم “داعش”أو غيره من التنظيمات الارهابية في الخارج. حيث أعلنت تقارير البعثة التابعة لمفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة المكلفة بمتابعة ملف المقاتلين الأجانب في بؤر التوتر، بأن عدد التونسيين الملتحقين بمنظمات إرهابية منذ 2011 إلى غاية 2015 يتراوح بين 5300 و 5800 موزعين على سوريا وليبيا والعراق ومالى واليمن،كما ذكرت عديد التقارير والدراسات على غرار منظمة “سوفان” ومجموعة الأزمات الدولية، أن رقم المقاتلين بين 3000 و6000 مقاتل. ومن جهة أخرى أكدت الحكومة التونسية أنه وقع ضبط عدد المقاتلين بألفين وتسعمائة وستة وعشرين إرهابيا (2926).
وتؤكد مراكز الابحاث والدراسات، أن تونس شهدت مرحلتان فشلت فيهما الدولة في التعاطي مع ملف المتطرفين عند سفرهم والآن ببداية عودتهم، وأن على الدولة تحمّل المسؤولية الكبرى في التصدي لهذا الخطر بوضع إستراتجية أزمة تبنى على ثلاثة محاور:
1ـ المعالجة الأمنية : وذلك بتكثيف التنسيق الأمني والإستخباراتي مع كل الأطراف وخاصة دول التوتر(سوريا العراق،ليبيا،مالي وغيرها) وذلك لنتمكن من فرز وتصنيف هؤلاء عند عودتهم مما سيساعد على وضع الطرق المناسبة للتعامل معهم.
2 ـ المعالجة القضائية على أن يتم دعم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب بالموارد البشرية واللوجيستية والمادية اللازمة تسهيلا لعمله وتسريعا لمعالجة الملفات المطروحة أمامه في ظروف طيبة واحتراما لآجال التقاضي المناسبة حتى لا يضطر لإطلاق سراح الموقوفين بعد تجاوز الاجل القانوني للإيقاف التحفظي ( 14 شهر)
3 ـ المعالجة الاجتماعية: عبر تكوين كفاءات تونسية لتحسين التعامل والتعاطي مع هذا الفكر وحامليه ونخص بالذكر المرشدين الاجتماعيين والأطباء النفسانيين وعلماء الاجتماع وحتى منظمات المجتمع المدني للوقاية وتحسيس المواطنين سيما التعامل مع هؤلاء، خاصة أفراد عائلاتهم الموسعة، أو المضيقة ممن رافقهم في بؤر التوتر.
ومن جانبه، قال رئيس جمعية اتحاد التونسيين المستقلين من أجل الحرية ، إن ما سبق لا يجب ان يخفي علينا أن مسألة التعاطي مع العائدين من بؤر التوتر لا يمكن أن تحجب مسألة أكثر تعقيدا تتمثل في من يحمل هذا الفكر والذي يعيش بيننا يوميا دون ان نعلم، أو بالأحرى أن تعلم به الدولة، فهناك أكثر من تنظم في شكل خلايا نائمة واختار الانزواء وتغيير السلوك والمظهر في انتظار الفرصة للتحرك.
ولذلك وجب وضع إستراتيجية متكاملة المعالم تشاركية من مؤسسات الدولة وأحزاب ومنظمات المجتمع المدني للتصدي لهذه الافة انطلاقا من مرحلة إعادة التأهيل والإدماج في المجتمع، بعد وضع خطة للتعامل معهم فكريا ودينيا واجتماعيا إما داخل المؤسسات السجنية أو مؤسسات خاصة تعد للغرض .