المصالحة الفلسطينية … نعمة أم نقمة ???
بلا ادني شك .. لا يوجد فلسطيني واحد في هذا الكون يرفض وحدة الصف الفلسطيني أو يرفض مصالحة الإخوة ? بل إن كافة أبناء الشعب الفلسطيني ينتظر بلهفة شديدة تحقيق إتمام المصالحة لتصبح واقعا فعليا . و لكن من حق المواطن الملهوف أن يستفسر هل ستتحقق المصالحة فعلا أم أنها ستبقى مجرد اتفاقيات و حبر على ورق فقط ? و بالطبع له الحق في ذلك فالتجارب السابقة جعلت الجميع لا يصدق أنها ستتحقق ? فلقد أصبح الشك يدب من جديد في نفس كل فلسطيني بجدية ما تفاجأ به بعد كل ما رأى و ما سمع من طرفي الانقسام حتى اللحظات الأخيرة . و لكن من شدة ما نعانيه نحن كشعب من الانقسام .. فإننا مجبرين أن نجعل التفاؤل هو إمامنا ? و أيضا من حقنا أن نكون واقعيين لا خياليين . و لهذا لابد من تفحص الأمور بعين الواقع .. لنتساءل : هل ما تم الاتفاق عليه سابقا من مصالحات و اتفاقيات و ما تبعه من فشل قد تغير ? هل ان ما جاء في الورقة المصرية من خلاف و قيل ان الورقة المصرية قد انتهى زمانها قد تغير ? هل ان العقول التي كانت تفاوض للمصالحة في السابق قد تغيرت ? هل .. هل .. هل ..? لا أظن شيئا من ذلك قد تغير و لكن قد جدت أمور أجبرت كلا طرفي الانقسام على القبول بأقل ما يلبي طموحاته . كما ان هناك من المتغيرات التي تدفع بطرفي الانقسام إلى القبول بالمصالحة على أساس ما جاء بالورقة المصرية مهما كان.
و بدءا بالحديث عما اجبر كلا الطرفين بقبول المصالحة مهما كان الثمن على الرغم من عدم وجود مقدمات صادقة هو : أولا بالنسبة لفتح و السلطة الوطنية هو حال موقفها أمام العالم الغربي في مطلبها بالاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة في سبتمبر القادم و كيف لهذا المطلب ان يكون منطقيا و يسهل تحقيقه في ظل انقسام ووضع لم يتفق فيه الإخوة على شكل الدولة المطلوب الاعتراف باستقلاليتها ? دولة منقسمة على نفسها و المنطق يقول ان قبل ان تطالبوا بالاتفاق مع إسرائيل و تحقيق السلام معها لنمنحكم الاعتراف بدولة مستقلة ? حلوا مشاكلكم و اتحدوا و انهوا انقسامكم أولا .
و هناك دافع آخر ربما اجبر السلطة للقبول بالمصالحة هو عدم توصلها لاتفاق ينهي الاستيطان أو يفرز معاهدة تسوية و سلام حقيقي مع إسرائيل ? إضافة إلى تخلي الراعي الأمريكي عن الحق الفلسطيني في اغلب المواقف أو حتى الوقوف ضده في الوقت الذي كان تمسك السلطة بالراعي الأمريكي و مطالبه منها – المرفوض حمساويا – هو احد أسباب الانقسام ? و ما دام الأمر كذلك ? فمن المنطق ان نتخلى عن المطلب الأمريكي وعن إسرائيل كشريك و نعود لأشقائنا و أهلنا لحفظ ماء الوجه و كسب ثقة الشعب و بقية الفصائل المقاومة ? أما السبب الثالث هو ان الطرف الداعم لموقف السلطة الوطنية الفلسطينية كأحد طرفي الانقسام ( مبارك مصر ) قد تهاوى و ذهب أدراج الرياح و لم يعد البديل الموجود فعليا على ارض الواقع لم يعد قادرا على غض البصر عن مطالب شعبه الداعية إلى دعم غزة و شعبها و بالتالي لن يستطع الاستمرار بالوقوف لجانب السلطة ظالمة أو مظلومة و إلا سيذهب كما ذهب سلفه . فان استجاب و تحققت المطالب بتقديم الدعم و المساندة و التسهيلات لغزة مهما كانت النتائج ? و حصل ذلك قبل المصالحة فستصبح غزة بلا ادني حاجة لمصالحة و لا لسلطة فلسطينية ? و هذا المنطق من الطبيعي أن يدفع السلطة للقبول بمطالب القيادة المصرية الجديدة للمصالحة قبل فوات الأوان و الندم على ما فات .
أما الطرف الحمساوي : فتمثلت دوافع إجباره فيما حدث و يحدث من ثورات بالعالم العربي و خاصة الثورة الشعبية السورية و ما سيتبعها من عدم الاستقرار للقيادات الفلسطينية المقيمين بسوريا ? إضافة إلى عدم استعداد الكثير من الدول العربية الداعمة لحماس خاصة قبول استضافة و إقامة قيادات الفصائل الفلسطينية فيها ? فكانت الموافقة على الورقة المصرية للمصالحة ظنا من حماس ان موافقتها على المصالحة ستكون دافعا لمصر قبول إقامة قيادات الفصائل بمصر في حال الوصول لساعة الصفر و الرحيل من سوريا . إضافة إلى ما سيكون من نتائج متمثلة بزيادة الحصار على غزة في حال استمرار رفض الورقة المصرية ? مما سيؤدي إلى زيادة العبء على حماس . إضافة لذلك فمن المحتمل ان يتخذ النظام الحالي بمصر موقفا من حماس مماثل للموقف المتعب الذي كان يتخذه النظام السابق . أما السبب الآخر الذي دفع بحماس للموافقة على المصالحة هو التهديدات الإسرائيلية بشن حرب طاحنة ماحقة على حماس بغزة . و لحماس الحق في ذلك فقد تشير كل الدلائل والمؤشرات إلى استعدادات عسكرية واسعة للجيش الإسرائيلي لغزو قطاع غزة و احتلاله . و هنا كان على حماس ان تبحث عن من يحمي غزة و من فيها من حمساويين و لا اعتقد ان هناك خير من اللجوء للسلطة ? فلا اعتقد ان تهاجم إسرائيل غزة بحرب شاملة و غزة خاضعة لحكم السلطة و بذلك تكون حماس قد حمت نفسها بمظلة السلطة .
و أما إذا نظرنا إلى المغريات التي دفعت بكلا الطرفين للقبول بالورقة المصرية للمصالحة نجد أنها كانت بالنسبة لفتح و ال