مبارك و أحلام جماهير الثورة المصرية
شهارة نت – القاهرة / استطلاع
تعالت الأصوات التي ما زالت تحمل أوجاع و معاناة السنوات الماضية ، تلك السنوات التي يراها الشعب المصري أنها كانت مسيرة من الحرمان في غياب الديمقراطية و الحرية الشخصية لأكثر من ثلاثين سنة
عندما بدأت ثورة الشعب المصري و بدأت الآلاف تجوب الشوارع بشعار واحد و هو إسقاط نظام الرئيس السابق حسني مبارك ، و لم تطول تلك المظاهرات ، و كانت النتيجة هي استقالة الرئيس مبارك و تنحيه عن الحكم ، هذه سلسلة متواصلة لما حدث في تونس و ليبيا ، و لكن هل ما تمناه الشعب تحقق بعد انتصار الثورات ؟ أم بقي كسراب و أحلام مكتوبة على الأوراق ، دون الاكتراث بتلك التضحيات التي قدمها شهداء الثورة ، ثورة مصر بلا شك هي ثورة شعبية انبثقت من أوجاع قديمة تراكمت لتفجر الأصوات المكبوتة لعشرات السنين ، و لكن ما حصل من أحداث مأساوية خلال هذه المظاهرات راكم على قلوب المصريين أوجاعاً أخرى تحاكي كل بيت مصري فقد عزيزا أو قريبا أو صديقا في المواجهات التي اندلعت أثناء تلك الثورة المباركة .
الاتهامات التي طالت الرئيس السابق حسني مبارك كانت على ثلاثة أوجه ، من خلال اتهامه بما سقط من ضحايا خلال المواجهات و اصدار الحكم عليه و من ثم تبرئته من التهم الموجهة إليه ، هذا التفاوت في الحكم أثار حالة الغضب و التنديد عند المصريين ، فقد جاءت براءة مبارك لتشعل الجدل واسعاً في مصر على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث سرعان ما انشغل أغلب النشطاء في التعليق، فيما تصاعدت وتيرة الدعوات إلى الثورة مجدداً ضد النظام وإحياء ثورة يناير، وأطلق نشطاء على «تويتر» الوسم (#صرخة_شعب_لاسقاط_النظام) من أجل الدعوة والحشد للاحتجاج على هذا القرار ، ومن أجل رفض تبرئة مبارك من دماء المتظاهرين.
وكتب ناشط يُطلق على نفسه اسم «محامي حر» مغرداً على «تويتر»: «براءة عودوا إلى مقاعدكم، ويبقى السؤال من قتل الثوار؟ هل نزلت كائنات فضائية قتلتهم ثم صعدت مرة اخرى؟ .
أما الكاتب والإعلامي المصري تامر أبو عرب فعلق بالقول: «مستعد أصدق تماما إن المحكمة بتتعامل بالورق وإن مفيش ورق يدين مبارك لو ورونا الورق اللي بيدين الشباب بتعطيل المرور وتكدير السلم العام»، فيما قال نائب رئيس حزب الوسط والوزير السابق محمد محسوب: «لهم البراءة وللشعب الموت والفقر والجوع، محكمة الشعب ستبقى الأعلى حتى لو تأجل حكمها ليوم قادم».
وكتب الإعلامي عامر الوكيل قائلاً: «وهكذا نفذ العسكر صفقتهم الأخيرة لكن دماء الشهداء ستظل تلاحقكم حتى في قبوركم»، فيما كتب الصحافي محمود السعداوي ساخراً: «براءة الحمدلله .. احنا نرشح مبارك بقي في 2018».
وكتب الصحافي صلاح العربي: «مبارك يستاهل البراءة واحنا نستاهل اللي جرالنا»، فيما تساءل محمد عبد الواحد: «بداية من 2015 ونهاية بـ2017. براءة جميع المتهمين في قتل متظاهري ثورة يناير بدءا من ضباط ومرورا بحبيب العادلي وأخيرا مبارك من قتل المتظاهرين؟».
وغردت سما وليد: «لم أتفاجئ ببراءة #مبارك لذلك لم أنتظر حكم قاضي الأرض بل أنتظر حكم قاضي السماء المنتقم الحق العدل لذلك القضية لم تنته بعد».
وكتب وليد عاصم بسخرية قائلاً: «اللي حصل في مصر من 2011 لحد انهاردة لو كان اتعمل فيلم كان فشخ الخيال العلمي».
أما علاء الهواري فقال: «طبعاً معروفة إن الرئيس مالوش دعوة بأي قتل حصل في عهده على إيد الداخلية (ولا شايفين إنه مسؤول) كفارة يا أبو علاء ومبروك للي قالوا بلاش محاكمات سياسية علشان نعرف نرجع الفلوس».
و أما الأصوات المؤيدة كان لها دور أيضا في التعليقات و التأييد لحكم البراءة ، فالناشطة المؤيدة لمبارك سامية قاسم كتبت رسالة له على «فيسبوك» تقول فيها: «انت إنسان وطني فضلت مصلحة البلد. أول ما عرفت إن بعض الناس بتطالب بتنحيك تنحيت. غيرك قال الشرعية ودونها الدم ولأنه خاين بسببه سال دم وما زال ربنا ينتقم من كل خاين والحمد لله إن ربنا جبلك حقك».
وصدر الحكم استجابة لطلب محامي الرئيس السابق فريد الديب، الذي أصر خلال المرافعات على انعدام أي أساس لإعادة المحاكمة، باعتبار أن أحكاما سابقة صادرة عن محكمة النقض تؤكد براءة مبارك.
ودفع المحامي بانقضاء الدعوى الجنائية ضد مبارك، قبل صدور “حكم بات لذات الواقعة”، مشيراً إلى أن مبادئ محكمة النقض استقرت على أن أحكام البراءة المبنية على أسباب عينية تعتبر عنوانا للحقيقة، سواء للمتهمين الحاصلين على البراءة أو لغيرهم، متى كان ذلك في صالحهم، وتابع أن أمر الإحالة الصادر ضد مبارك يحوي نفس الاتهامات الموجهة إلى حبيب العادلي وزير الداخلية السابق ومساعديه، وأنه سبق لمحكمة النقض أن رفضت الطعن على براءتهم، مستنتجا أنه يتعين أن يستفيد مبارك أيضا من حكم البراءة هذا.
وسرد الديب فقرات من حيثيات حكم البراءة لصالح العادلي ومساعديه، مشيراً إلى أن المحكمة استبعدت قيام الشرطة بقتل المتظاهرين، وأكدت أن جماعة “الإخوان” وعناصر “حماس” وغيرهم ممن تسللوا عبر الأنفاق وأسطح المباني واستخدموا أسلحة مهربة من إسرائيل، هم من قتلوا المتظاهرين أثناء أحداث ثورة يناير عام 2011. وتابع أن هذا ما أوضحته محكمة الإعادة، وأيدته محكمة النقض، ولذلك صدر حكم البراءة.
هنا تبقى الأوجاع بقلب من عجز عن التأثير بصوته ، لأن كل شهيد سقط في الدفاع عن حرية الشعب المصري و مستقبل مصر ، جعل ذكراه في قلوب من لا يقبل الظلم و الاستبداد ، فالشعب المصري شعب عرف بتاريخه الأصيل المبني على روح التعايش السلمي بين مختلف أطيافه و الحضارة المصرية وحدها تكشف عن تلك الأرض التي قصدتها شعوب العالم ، هكذا ستبقى مصر مهما حدث و مهما سيحدث ، سيبقى الشعب المصري يسعى لبناء مصر العريقة ، و بناء مستقبل الأجيال القادمة التي ستكمل هذه المسيرة المناضلة في مواجهة و نبذ التفرقة و العنصرية بين الشعب المصري و مواجهة أفكار التطرف و الإرهاب لحماية الأرض المصرية من كل عدو يتربص بأمنها و استقرارها .