وزير خارجية السعودية الى العراق .. لماذا ؟
شهارة نت – العراق :
المعطيات على ارض الواقع تقول ان السعودية ليست بمستوى فرض املاءات او لعب دور رسول ترامب .. بل هي الان في مرحلة تصحيح اخطاء لاستكمال المواصفات والشروط المطلوبة منها امريكيا لتبني دور جديد في اطار منظومة الحراك الامريكي في المنطقة
لان وضعها الحالي وفشل مشاريعها في لم يضر بها فحسب بل اضر حتى بالسيد الامريكي وواشنطن تدرك ان السياسة السعودية اخلت بكل قواعد اللعبة الامريكية في المنطقة وانها تشكل العامل الاساس لاخفاق سياساتها في العراق والمنطقة عموما وقد حاولت الرياض باستماتة ترميم هذا الوضع في اليمن لكنها لاتزال ترى نفسها عاجزة عن تحقيق اي اختراق للخروج من المستنقع لترفع من رصيدها وتسد عجزها و لتحول دون اشهار افلاسها السياسي وترى الرياض في التقارب مع العراق طوق نجاة من هذا المستنقع الذي استدرجت اليه بغبائها السياسي وبالتالي فانها تريد ان تسابق الزمن وان توظف ماتبقى في حسابها من رصيد قبل ان تدق ساعة النهاية الوشيكة لداعش في العراق وربما في سوريا . الامريكان ينحون اليوم باللائمة على حكام السعودية لانهم عجزوا عن ايجاد موازنة في العراق و اثاروا بدلا من ذلك حفيظة وكراهية غالبية الشعب العراقي ضدهم فطرد سفيرهم من بغداد وتضاؤل دور القوى السياسية الحليفة لهم في العراق. والامور اتجهت على وتائر سريعة لصالح ايران .
ويسعى حكام الرياض اليوم للعودة وان كانت مذلة الى العراق وربما سيقدمون تنازلات في البحرين وحتى في المنطقة الشرقية وفي اليمن مقابل رأب جانب من الصدع في مشاعر الشارع العراقي الحاقدة عليهم .. ايران عرضت مؤخرا صلحا على السعودية مقابل شروط ويبدو ان الرد السعودي على هذا يريد ان ياتي عبر البوابة العراقية و الابقاء على التوتر مع ايران .
اللعبة السعودية الجديدة تقوم على اساس تفكيك النفوذ المعنوي الايراني في العراق وايجاد شرخ بين ايران وبعض حواضنها و ايجاد الوقيعة بين النجف وقم .. لكن هل ستنجح هذه الخطة ؟ الجواب اكيد لا .. العراق تحول في عهد صدام الى عصا ضد ايران واليوم انهم يريدون ان يسحبوا من خلاله البساط من تحت اقدام ايران ويحرقوا اوراقها .. لكن القرار العراقي اولا واخيرا ليس بيد العبادي الذي لايمكن له باي حال من الاحوال تغيير الواقع المتكرس في العراق الذي لفظ السعوديون .. اما ايران فموقفها واضح وهي ترحب باية تنازلات سعودية امام الشروط العراقية حتى لو كانت النجاحات تسجل باسم بغداد .. المهم ان تتوقف مهزلات ال سعود .. اما العلاقات مع امريكا وكيفية ادارتها سلبا وايجابا فان ما تحببه ايران ان يكون ذلك خارج دائرة المؤثرات السعودية .. امريكا ايضا تريد ان يكون قرارها حول ايران بمبعد عن الاصابع السعودية على ان تبقى الرياض تحترم دورها كاداة بيد امريكا لا اكثر ..
زيارة الجبير لبغداد قمة الاستباحة بالكبرياء السعودي وقمة الافلاس والهرولة وراء الطوق للخروج من المستنقع .
من جانبه نشر موقع الرأي اليوم على موقعه الإلكتروني مقالاً يتحدث فيه عن الاسباب وراء زيارة الجبير المفاجئة وغير المعلنة الى العراق ولقائه بالمسؤولين العرقيين
حيث كتب الموقع: العراق يعتبر البوابة الاقصر والاوسع للوصول الى طهران، وهذا ما يفسر الزيارة غير المعلنة التي قام بها اليوم السيد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي، والتقى خلالها نظيره ابراهيم الجعفري، ورئيس الوزراء حيدر العبادي، ورئيس الجمهورية فؤاد معصوم، واكد في كل مباحثاته على رغبة بلاده في فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، ومواجهة الارهاب الذي يهدد المنطقة، وتقديم دعم سعودي لمشاريع اعادة اعمار المناطق المحررة من “الدولة الاسلامية” في الموصل وغيرها.
وأضاف الموقع بأن الزيارة جاءت مفاجئة بالنظر الى العلاقات المتدهورة، بل وشبه المقطوعة بين البلدين، حيث بلغ التوتر ذروته اثناء تغريدات استفزازية للسفير السعودي الاول في العراق بعد انقطاع سنوات، ثامر السبهان، التي وصفت بالطائفية لانتقاده الحشد الشعبي العراقي، ذو الاغلبية الشعبية، مما دفع السعودية الى سحبه حفاظا على حياته بعد تهديدات تعرض لها، وبعد ان اعتبرته الحكومة العراقية شخص غير مرغوب فيه.
وكتب الموقع بأنه هناك عدة اسباب تقف خلف هذا التحول اللافت في الموقف السعودي تجاه العراق:
الاول: عودة السلطات العراقية الحاكمة الى التمسك في حربها ضد الارهاب، واستعادة العديد من المدن العراقية التي كانت خاضعة لـ”الدولة الاسلامية”، وتحقيقها تقدم كبير في حربها لاستعادة مدينة الموصل.
ثانيا: اقدام الطائرات العراقية على توسيع نطاق عملياتها بدعم من امريكا وايران وسورية، حيث قامت بقصف قواعد لـ”الدولة الاسلامية” في مدينة بوكمال الحدودية وداخل الاراضي السورية، مما يعني ان هناك دورا للحكومة العراقية يحظى باتفاق قوى اقليمية ودولية في سورية، وربما في انتقال الجيش العراقي الى حرب تحرير الرقة بعد الموصل لاحقا.
ثالثا: شن قوات تابعة لـ”الدولة الاسلامية” هجوما على مركز طريبيل الحدودي بين العراق والاردن، وقتل العديد من الجنود فيه، وهو معبر قريب من الحدود السعودية، وهناك تقارير تفيد بأن عناصر “الدولة” باتت نشطة في منطقة الانبار المحاذية للاراضي السعودية الشمالية.
رابعا: ادركت القيادة السعودية ان سياسية “الحرد” والدخول في نزاعات مع دول الجوار على اسس طائفية على درجة كبيرة من الخطورة، ولا بد من “المرونة”، فعلاقاتها مع سورية سيئة، وتخوض حربا مع اليمن، وعلاقاتها مع ايران متوترة، ومع العراق شبه مقطوعة.
خامسا: ادركت السعودية ان العراق وايران سيلعبان دورا اقليما قويا في المستقبل المنظور، خاصة على صعيد التسوية في سورية، وتدرك جيدا ان الحوار مع ايران هو السلم الوحيد للخروج من حفرة اليمن، وقد يكون العراق الوسيط الامثل في هذا الصدد.
خلاصة القول ان زيارة الجبير غير المعلنة لبغداد قد تكون ثمرة مراجعات سياسية سعودية، ومحاولة لكسر العزلة الاقليمية، واعتراف بفشل سياسات صدامية على اسس طائفية تبنتها المملكة طوال السنوات الماضية، حيث ان الجبير هو اعلى مسؤول يزور بغداد منذ عام 2003.
انها زيارة تعطي مؤشرا بأن صوت العاقل الحكيم في الهرم الحاكم في الرياض بدأ يجد آذانا صاغية لوجهة نظره، التي تميل الى المرونة والابتعاد عن الصدامات، وضرورة العودة الى الضوابط والمعايير السياسية و”الاخلاقية” التي كانت متبعة في المملكة منذ تأسيسها.