“ذكريات مسنة”
عندما كنت في سن الشباب? كان الأولاد يغازلوني? ويبعثون لي باقات الزهور الحمراء والبيضاء ?فقد كنت مدرسته? لمادة اللغة العربية? كنت أعلمهم كتابة الأحرف بتشكيل والنطق بطريقة صحيحة? وما ان مرت السنين حتى كبرت وصرت في مرحلة التقاعد لا انكر بأنني اشتقت الى المدرسة? والتدريس ?بعد ان انجبت اربعة اولاد وابنه تزوج اولادي وانجبوا لي أحفاد عدة هم بحاجة إلي بعد ان يذهب الجميع من أولادي للعمل يتركون لي اولادهم لكي اعلمهم كما كانت وضيفتي ولكي لا يشعروني بالفراغ? وليملؤ علي حياة التقاعد..
مرت السنوات? كبر أولادي وأحفادي فأصبحوا كثر ?فابنتي الكبرى جاء لزوجها عمل في الخارج وقررت السفر معه ?ودعتها وأنا ابكي وبعد ان سافرت بشهور قليلة? سافر ولدي الأصغر ليكمل دراسته أيضا? فتوفي زوجي بعد سفره وصار أولادي يتناوبون للمجيء إلى بيتي(بيت الأسرة)?ولكنهم تعبوا من المجيء إلي كل يوم لكون منازلهم قريبة من عملهم? فطلبوا مني العيش معهم ولكني رفضت? فلا اريد ان أعيش الا في بيت زوجي إلى ان أموت..? حتى ملل أولادي من طلبهم لي بالعيش معهم وعجزوا عن إقناعي وكانوا يزوروني كل اسبوع? وكنت ازورهم متى استطاعت قدماي السير? فعرض على احد أولادي ان اسكن في منزله واعتني بأولاده مع زوجته ?وألح بطلبه علي فلم أرد طلبه ?وذهبت لمنزله ولكنني لم أذق طعم للراحة كان ولدي يغيب لشهر ثم يعود بحكم عمله ?ولكن زوجته كانت امرأة مدللة ومستهترة ?لذلك لم اتفق معها ?فعدت لمنزلي الذي أغلقته وفتحته مجددا? حاول ولدي ان يقنعني بالعودة إلى منزله لكني رفضت دون ان اخبره بما حدث من زوجته? مرت الأعوام حتى تعبت من السكون الذي يعتريني وقد اشتقت لأولادي ? وفي احد الأيام استيقظت وقد أحسست في جسدي نشاطا غير عادي فأردت ترتيب المنزل ولكنني وقعت على الأرض فانكسرت ساقي ولم ينقذني سوى جيراني اللذين يحبوني كثيرا? ولكنني بخير الآن غير إني اجلس على كرسي لانتظر الممرضة لكي تحظر لي الطعام فلم يبقى إلا شهر واحد ويعود ولدي الأصغر الذي سافر للدراسة بعد ان أكمل دراسته بنجاح ليأخذني من دار المسنين…..