أدافع عن صوتي..
رجل في الخمسين من عمره تقريبا?ٍ يخاطب مجموعة من الأصدقاء وهو يتابع أخبار مسيرة “جمعة التصالح” المؤيدة للشرعية الدستورية? ويقول: لو تنازل الرئيس بعد هذه الحشود وهذه الملايين وهذه الجموع التي خرجت لتأييده فسيكون خائنا?ٍ!! وكررها مرتين.
وحين سألته لماذا سيكون الرئيس خائنا?ٍ? أجابني على الفور: أنا أحد الناس الذين يحضرون كل جمعة هذه المسيرات الحاشدة دون أن يكون لي مصلحة حتى إنني لست منتميا?ٍ للمؤتمر ولكنني منحت صوتي لعلي عبدالله صالح في انتخابات 2006م? وأنا اليوم أدافع عن صوتي مثل كل هؤلاء الملايين.
حديث ذلك الرجل سمعته في كل جمعة من أناس كثيرين سواء في ميدان السبعين أو ميدان التحرير أو حتى في الشارع. ما يثير تساؤلا?ٍ مهما?ٍ.. هل سيصبح الرئيس صالح خائنا?ٍ?!
وإذا كان صحيحا?ٍ أن البعض يقول: إن عدم رغبة الرئيس في السلطة وحرصه على حقن دماء اليمنيين قد تكون مبررا?ٍ مقنعا?ٍ لقبوله التنحي? إلا أن الإجابة على مثل هذا التساؤل الذي يطرحه اليوم رجل الشارع العادي يحتاج إلى قراءة مبررات طرحه بالنظر إلى مستويات متعددة.
أولا?ٍ: خذلان للشعب:
يعتقد الكثيرون أن قبول الرئيس بفكرة التنحي والخروج من السلطة قبل نهاية فترته الدستورية بالشكل الذي تطالب به أحزاب المشترك وحلفاؤه خيانة لثقة الشعب الذي منح الرئيس ثقته في انتخابات 2006م? خصوصا?ٍ تلك الجماهير التي انتخبته دون دوافع حزبية أو بعبارة أخرى من انتخبوا الرئيس من غير المنتمين للمؤتمر الشعبي العام? وهم أيضا?ٍ اليوم يجددون وقوفهم وتمسكهم بالشرعية الدستورية وبأحقية الرئيس في إكمال فترته حتى نهاية 2013م? ويحضرون بعشرات ومئات الآلاف إلى العاصمة ومختلف المحافظات لإعلان تأييدهم للرئيس.. ولذلك فهم يشعرون بأن تنازل الرئيس وقبوله بالتنحي عن السلطة بعيدا?ٍ عن إجراء انتخابات ديمقراطية سيكون خيانة من قبله لهذه الثقة.
وعلى الصعيد نفسه فإن عامة البسطاء الذين يؤيدون الرئيس وصوتوا له ولايزالون يؤيدونه سيشعرون بأنه خذلهم إذا قبل بالتنحي كما يريد المشترك وحلفاؤه? خصوصا?ٍ وأنهم يشعرون بمخاوف متعلقة بالأمن والاستقرار وبإمكانية انهيار وتشظي الدولة في حال تنحى الرئيس لاسيما وأن هذا التنحي قد يكون مدعاة لأن يتكرر هذا الشكل مرة أخرى مع أي رئيس قادم? طالما وأن ترك الرئيس لمنصبه تم بعيدا?ٍ عن الأسلوب الديمقراطي وخارج صناديق الاقتراع? وسيؤسس لمنهج جديد أبعد ما يكون عن النهج الديمقراطي كوسيلة للتداول السلمي للسلطة.
انهزامية للجيش:
وعلى صعيد آخر.. ثمة من يرى أن منتسبي المؤسسة العسكرية والأمنية سيرون في تنحي الرئيس خذلانا?ٍ لهم? خصوصا?ٍ في ظل الظروف الحالية التي شهدت تمردا?ٍ وانشقاقا?ٍ للواء علي محسن الأحمر والفرقة الأولى مدرع. ويشيرون إلى أن تنحي الرئيس بالطريقة التي يريدها المشترك ستعني أن إعلان وتأكيد المؤسسة العسكرية والأمنية وولاءها للشرعية الدستورية وللرئيس باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة? قد تتحول إلى انهزام نفسي لدى أفراد هذه المؤسسة? وآثار سلبية على مستقبل العقيدة العسكرية لمنتسبي هذه المؤسسة الذين سيشعرون أن رفقاءهم ممن تمردوا على الشرعية وأعلنوا انشقاقهم هم من انتصروا في نهاية المطاف? وهو شعور سيجعل أبناء هذه المؤسسة مستقبلا?ٍ لا يؤمنون بضرورة الالتزام والانصياع لأوامر القائد الأعلى للقوات المسلحة في البلد.
ومن ناحية أخرى سيجد منتسبو المؤسسة العسكرية والأمنية أنفسهم ضحية لانقسام تسبب به تمرد اللواء علي محسن الأحمر والفرقة الأولى مدرع? وربما يؤدي ذلك إلى مزيد من الانقسامات والصراعات في أوساط أهم مؤسسة وطنية وهي مؤسسة الجيش والأمن.
خيانة للمؤتمر الشعبي العام:
أما الجانب الآخر فإن أعضاء المؤتمر الشعبي العام الذين اختاروا علي عبدالله صالح مرشحا?ٍ لهم في انتخابات 2006م وصوتوا له ولايزالون يقفون معه قلبا?ٍ وقالبا?ٍ? ويؤكدون أحقيته في الاستمرار في منصبه حتى نهاية فترته الدستورية في 2013م سيشعرون هم كذلك بخذلان شديد? لأن الرئيس قبل بالتنحي انصياعا?ٍ لمطالب الأقلية المتمثلة في المشترك وحلفائهم.
وإذا كان من حق الشعب والجيش على الرئيس أن يحترم تأييدهم ووقوفهم معه فإن من حق أعضاء المؤتمر الشعبي العام على الرئيس علي عبدالله صالح باعتباره مؤسسا?ٍ ورئيسا?ٍ للحزب وعضوا?ٍ في هذا التنظيم أن يحترم قرارات هذا التنظيم ونظامه الداخلي وقرارات مؤسساته التنظيمية.
المؤتمريون من حقهم على الرئيس ألا يخذلهم? كما من حقه عليهم أن يصمدوا معه حتى النهاية? لأنهم باتوا يشعرون أن أحزاب المشترك وحلفاءهم لم يعودوا يستهدفون الشرعية الدستورية والنظام الديمقراطي بل ويستهدفون الرئيس وهو رئيس حزبهم? ناهيك عن استهداف المؤتمر الشعبي العام كتنظيم سياسي وكأعضاء? ويشعرون أن هؤلاء لو وصلوا السلطة بهذه الطريقة سيعملون على اجتثاث المؤتمر كما حدث في العراق أو كما حدث في تونس ومصر..
وفي مقابل كل ذلك لابد علينا أن نقول: إن رغبة الرئيس يجب أن تحترم