تقرير حول الانتفاضة الفلسطينية الثالثة
شهارة نت – تقرير :
.الانتفاضة الفلسطينية الثالثة أو انتفاضة القدس، وكذلك سُميت انتفاضة السكاكين، وبدأت بموجة احتجاجات وأعمال عنف تشهدها الضفة الغربية وقطاع غزة وإسرائيل منذ بداية أكتوبر 2015 حتى الآن.
تميزت بقيام فلسطينيين بعمليات طعن متكررة لعسكريين ومستوطنين إسرائيليين، وكذلك قيام إسرائيليين يهود بطعن فلسطينيين، وإعدامات ميدانية للفلسطينيين بحجج محاولتهم تنفيذ عمليات طعن. تزامنت الأحداث أيضًا مع تنفيذ القوات الإسرائيلية ضربات جوية على قطاع غزة الذي انطلقت منه صواريخ نحو “إسرائيل“.
وتعود نشأتها إلى قيام مستوطنين بحرق منزل عائلة الدوابشة في 31 يوليو 2015. وهو ما أدى إلى زيادة في أعمال المقاومة الموجهة ضد الإسرائيليين. وكما تضمن العام الذي سبقه أيضًا عددًا من الأحداث التي اتسمت بصفة المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي قابلها الجانب الإسرائيلي بأعمال عنف مضادة، ومن بين هذه الأحداث كان إضراب الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية والذي استمر شهرين، وكذلك استشهاد محمد أبو خضير الذي جاء بعد قتل ثلاثة مستوطنين في يونيو من ذلك العام. ويضاف إلى ذلك الحرب الإسرائيلية التي شُنت على قطاع غزة وأوقعت ما يزيد عن 2100 شهيد فلسطيني.
قام الجانب الإسرائيلي بعدد من الخطوات تجاه المسجد الأقصى في شهر سبتمبر 2015؛ ففي 9 سبتمبر، صدر عن وزير الدفاع الإسرائيلي قرار بحظر مصاطب العلم والرباط في الأقصى، وفي 14 سبتمبر اقتحم وزير الزراعة الإسرائيلي أوري آرئيل المسجد الأقصى بصحبة أربعين إسرائيليًا، واقتحمت وحدات خاصة وعناصر المستعربين باحات المسجد، وفي 17 سبتمبر، قام عشرات من شبيبة حزب الليكود باقتحام المسجد الأقصى.
على الصعيد السياسي غابت الثقة بين طرفي الصراع مع إشتراط حكومة نتنياهو اعتراف الفلسطينين بيهودية دولة “إسرائيل”، ومنذ مطلع عام 2014 كانت المفاوضات متوقفة وكانت السلطة الفلسطينية توجهت للإنضمام لمحكمة الجنايات الدولية وانتزاع اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية في ظل رفض إسرائيلي واعتبار ذلك خطوة من جانب واحد، كما أن حكومة نتنياهو اليمينية استمرت بطرح عطاءات توسيع البناء في مستوطنات الضفة الغربية ولم تستجب لطلب وشروط السلطة من اجل العودة إلى طاولة المفاوضات وهي تجميد الاستيطان وكذلك الإفراج عن أسرى من السجون الإسرائيلية، وأن يكون هناك سقف زمني محدد لإنهاء المفاوضات، وحسب استطلاع للرأي فإن 52% من السكان يرغبون بالمغادرة وأن 57% من الفلسطينيين يدعمون اندلاع انتفاضة مسلحة وأن 80% من الفلسطينيين مقتنعون بأن القضية الفلسطينية ليست على لائحة اهتمامات العرب. يذكر أن خطاب محمود عباس بالأمم المتحدة في 30 سبتمبر 2015 أعتبر سياسياً على أنه نهاية لمرحلة أوسلو وهو المطلب الذي أجمعت عليه معظم الفصائل الفلسطينية.
الانتفاضة الفلسطينية الثالثة والعرب
عقدت جامعة الدول العربية اجتماع طارئ للمندوبين الدائمين فيها في13 أكتوبر من عام 2015 بعد طلبٍ من فلسطين لبحث التصعيد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية والاعتداءات على المسجد الأقصى خاصةً
وقرر المجتمعون دعوة الأمم المتحدة لتوفير نظام حماية دولية للشعب الفلسطيني من إرهاب المستعمرين الإسرائيليين والاعتداءات الإسرائيلية. وعقد وزراء خارجية دول الجامعة العربية اجتماعًا طارئًا في 9 نوفمبر، صدر عنه قرار تحت اسم “توفير الحماية الدولية في أرض دولة فلسطين” جاء فيه الدعوة إلى إجراء المشاورات مع الأمين العام للأمم المتحدة لإعداد نظام حماية دولية خاص في فلسطين بناءً على الدراسات السابقة للجمعية المتحدة بهذا الشأن وأكد القرار على العمل العربي المشترك والثنائي من أجل طرح موضوع الحماية الدولية في دورة استثنائية طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة طبقًا لقرار الاتحاد من أجل السلام.
وعبرت تونس في بيان رسمي بتاريخ 16 أكتوبر من وزارة الخارجية أنها تدين وبشدة التصعيد العسكري الإسرائيلي في حق الشعب الفلسطيني، وقالت أنه يمثل تعديا صارخا على أبسط حقوق الفلسطينيين. ودعت كذلك لوضع حد للاعتداءات على المسجد الأقصى. وأكدت من جهة أخرى على دعمها الثابت لحقوق الشعب الفلسطيني والوقوف بجانبه، ودعت دول العالم للضغط على إسرائيل لكف عدوانها عن الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف.
الانتفاضة الفلسطينية الثالثة والكيان الصهيوني
استدعت “اسرائيل” في 11 أكتوبر من عام 2015 13 كتيبة لقوات احتياط حرس الحدود بعد أن كانت قد خصصت ثلاث أخرى في الأسبوع الذي يسبقه
وفي12 أكتوبر، صادق الكنيست على مشروع قانون يفرض غرامات مالية على أولياء أمور الذين يلقون حجارة أو زجاجات حارقة. كما أقر في قراءة أولى نص القانون المقدم من حكومة نتنياهو والذي يفرض عقوبة ثلاث سنوات كحد أدنى على ملقي الحجارة والزجاجات الحارقة.
وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن جهاز الأمن العام الشاباك وشعبة المخابرات العسكرية أمان ستتعاونان لرصد صفحات التواصل الاجتماعي وما ينشره الفلسطينيون فيها لرصد المحرضين والحصول على دلائل تمكن من تقديم لوائح اتهام ضدهم. وقررت الحكومة الإسرائيلية في 13 أكتوبر الموافقة على اقتراح قدمه وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان بعدم إعادة جثث منفذي العمليات الفلسطينيين إلى ذويهم بحجة “منع التحريض”؛ إذ قالت المتحدثة باسم الشرطة الإسرائيلية “إن عائلة الإرهابي تجعل من جنازته تظاهرة لدعم الإرهاب والتحريض على القتل”.
في 15 أكتوبر، سلم الجيش الإسرائيلي قرارات هدم منازل سبع من منفذي الهجمات الفلسطينيين وكذلك قرر الاستيلاء على الأراضي المقامة عليها هذه المنازل.
وفي 3 نوفمبر، أقر الكنيست قانوناً يعاقب راشقي الحجارة بالسجن لـ 3 سنوات على الأقل، وكذلك يحظر المخصصات الاجتماعية التي يحصل عليها أهالي القاصرين المدانين “بجرائم أمنية، وإلقاء الحجارة لأسباب قومية أو في إطار أنشطة إرهابية”.
وفي 21 نوفمبر، داهمت قوات إسرائيلية مقر إذاعة الخليل الفلسطينية واستولت على معداتها وسلمتها إخطاراً بإغلاقها لمدة 6 أشهر بتهمة التحريض على “إسرائيل” وقامت القوات الإسرائيلية بتنفيذ حملة اعتقالات واسعة في الخليل وبلدات دورا ودير سامت وبيت عوا.
وأعلن رئيس الوزراء بنيامين نتياهو في 22 نوفمبر أنه وجه أوامره للأجهزة الأمنية بتكثيف عملياتها في الخليل بحجة أنها مصدر لأغلب “العمليات التخريبية” أو جميعها.
ردود الأفعال الدولية إزاء الانتفاضة الفلسطينية الثالثة
طالبت وزيرة الخارجية السويدية مارغو فالستورم في إطار حديثها أمام البرلمان السويدي حول إدانة عمليات الطعن الفلسطينية وبأن الأمر لا يجوز أن يتطور لإعدامات دون محاكمة وطالبت بإجراء تحقيق معمق لعمليات القتل التي تقوم بها “إسرائيل” ضد الفلسطينيين.
وعلى أثر ذلك، أعلنت الخارجية الإسرائيلية أن الوزيرة غير مرحب بها في “إسرائيل.
وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيري في إيجاز صحفي: “نحن نعتبر أعمال الطعن والهجمات من قبل الفلسطينيين أعمالًا إرهابية، فالطعن وإطلاق النار إرهاب” وقد صرح كيري أيضاً أن تغيير الوضع القائم في القدس هو سبب تصعيد العنف، مضيفاً أن عملية إطلاق النار التي نفذها إسرائيلي بحق أربعة من العرب في ديمونة هي أيضاً عمل إرهابي. وهو تصريح وصفه وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي بالمنافق وطالب بالتراجع عنه. وفي لقاء جمع الرئيس باراك أوباما بنتنياهو في البيت الأبيض في 9 نوفمبر، أدان الرئيس الأمريكي “العنف الفلسطيني ضد المواطنين الإسرائيليين” وقال أيضًا “وأعيد تكرار قناعتي بأن “إسرائيل” ليس لها فقط حق الدفاع عن نفسها وإنما واجب عليها حماية مواطنيها”.
وقالت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، “نجدد دعوتنا للإسرائيليين والفلسطينيين لوقف العنف ومنع التصعيد”. وفي اجتماع مجلس الأمن الطارئ يوم 16 أكتوبر، حمل مندوب روسيا الدائم فيتالي تشوركين “إسرائيل” مسؤولية التصعيد ودعى الأمانة العامة للأمم المتحدة إلى تقديم مقترحات على أساس طلب الرئيس الفلسطيني بتوفير حماية دولية لبلاده.
وقدمت فرنسا مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو إلى نشر مراقبين دوليين في القدس، وعلى أثر ذلك استدعت الخارجية الإسرائيلية السفير الفرنسي في “إسرائيل” يوم 19 أكتوبر.
وأصدرت الخارجية التركية بيانًا في 13 أكتوبر يُرجع توتر الأوضاع إلى “دخول القوات الإسرائيلية إلى الحرم القدسي واشتباكها مع مجموعات إسلامية هناك”. وأدان البيان “استخدام “إسرائيل” للقوة المفرطة في الأحداث التي وقعت جراء إصرار “إسرائيل” على مواصلة ممارساتها المناقضة للوضع الراهن”.
وفي الخامس من يناير 2017، أصدر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تقريرًا شاملًا عن عدم امتلاك المحاكم الإسرائيلية النزاهة والأهلية الكافية للتقاضي أمامها في عمليات قتل الجنود للشبان الفلسطينين. وذكر التقرير أن المحكمة العسكرية الإسرائيلية أدانت الجندي الإسرائيلي “أليئور عزاريا” بتهمة القتل غير العمد للشاب الفلسطيني ” عبد الفتاح الشريف” في حين أن اللقطات المصورة التي جُمعت من قِبل فريق المرصد أثبتت أن عملية القتل وقعت بشكل متعمد. ووثق المرصد أن حادثة الاعتداء على الشاب كان يوم الخميس 24 آذار/مارس 2016 على حاجز في منطقة “تل الرميدة” وسط مدينة الخليل، حيث أطلق جنود الاحتلال الإسرائيلي النار عليه وعلى الشاب ” رمزي القصراوي” بدعوى مشاركتهما في عملية طعن جندي إسرائيلي. وأوضح التقرير أنه في الوقت الذي كان فيه جنود الاحتلال الإسرائيلي يطلقون النار على الشابين، كانت نجمة داود الحمراء تقدم العناية الطبية العاجلة لجريح إسرائيلي أصيب بجروح طفيفة جراء اعتداء شابان عليه والذي يمثل انحيازاً من السلطات القضائية الإسرائيلية لروايات جنودها بغض النظر عن الوقائع والحقائق وروايات أهالي الضحايا.