فيما يعقد مؤتمر صحفي في طهران .. الانتفاضة الفلسطينية وتاريخها في مؤتمر دولي
شهارة نت – طهران :
أفادت وكالة مهر الإيرانية للأنباء إن الناطق الرسمي باسم المؤتمر السادس لدعم انتفاضة الشعب الفلسطيني كاظم جلالي سيعقد مؤتمراً صحفياً يوم السبت القادم ليشرح خلالها أهداف المؤتمر وبرنامجه و المشاركين.
الجدير بالذكر إن المؤتمر سيعقد في 20 شباط القادم في طهران بحضور لفيف من الفصائل الفلسطينية وعدد من الدول الداعمة للشعب الفلسطيني.
الانتفاضة الفلسطينية الأولى: نشـأتها وأسبابها
سمّيت بانتفاضة الحجارة لأن الحجارة كانت الأداة الرئيسية فيها، كما عُرف الصغار من رماة الحجارة بأطفال الحجارةوالانتفاضة شكل من أشكال الاحتجاج العفوي الشعبي الفلسطيني على الوضع العام المزري بالمخيمات وعلى انتشار البطالة وإهانة الشعور القومي والقمع اليومي الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين
بدأت الانتفاضة يوم 8 ديسمبر/كانون الأول1987،وكان ذلك في جباليا، في قطاع غزةثمّ انتقلت إلى كل مدن وقرى ومخيّمات فلسطين. يعود سبب الشرارة الأولى للانتفاضة عندما دهست شاحنةإسرائيلية يقودها إسرائيلي من أشدودسيارة يركبها عمال فلسطينيون من جباليا-البلد متوقفة في محطة وقود، مما أودى بحياة أربعة أشخاص وجرح آخرينوقد اكتفت الإذاعة بإعلان الخبر دون أن تركز عليه لأنه كان عبارة عن حادث يشبه العديد من الحوادث المماثلةوقد أُشيع آنذاك أن هذا الحادث كان عملية انتقام من قبل والد أحد الإسرائيليين تم طعنه قبل يومينحتى الموت بينما كان يتسوق في غزة، فاعتبر الفلسطينيون أن الحادث هو عملية قتل متعمد. في اليوم التالي وخلال جنازة الضحايا اندلع احتجاج عفوي قامت الحشود خلاله بإلقاء الحجارة على موقع للجيش الإسرائيلي بجباليا-البلدفقام الجنود بإطلاق النار دون أن يؤثر ذلك على الحشود. وأمام ما تعرض له من وابل الحجارة وكوكتيل المولوتوفطلب الجيش الإسرائيلي الدعم. وهو ما شكل أول شرارة للانتفاضة. ولكن هذه الحادثة كانت مجرد القشة التي قصمت ظهر البعير إلا أن هناك أسباب عديدة أدت إلى بداية هذه الانتفاضة وتتمثل فيما يلي
• عدم تقبل الاحتلال الإسرائيلي: حيث أن الشعب الفلسطيني لم يتقبل ما حدث له بعد حرب 1948، وبالذات التشريد والتهجير القسري وكونه يتعرّض لممارسات العنف المستمرّة والإهانات والأوضاع غير المستقرّة في المنطقة. علاوة على الجوّ العامّ المشحون والرغبة في عودة الأمور إلى نصابها قبل الاحتلال كما أن معظم شعوب العالم لم ترض باحتلال قوّة أجنبيّة للأرض التي كانوا يعيشون عليها منذ آلاف السنين.
• تردّي الأوضاع الاقتصادية: بعد حرب الأيام الستةفُتح للفلسطينيين باب العمل في “إسرائيل” مما سمح للاقتصاد المحلي بأن يتطورولكن سرعان ما تدهورت الأوضاع إذ بدأ الفلسطينيون يتجرعون إذلالات يومية وبدأت ظروف العمل تتدهور. أضف إلى ذلك التمييز بخصوص الأجور إذ بالنسبة لنفس العمل يتقاضى الفلسطيني أجرا يقل مرتين عن نظيره الإسرائيلي كما كان يمكن طرد العامل الفلسطيني دون دفع أجره كما كان الفلسطيني مطالبا بتصاريح للتنقل من الصعب الحصول عليها، بالإضافة إلى عمليات التفتيش اليومية التي يتعرضون لها في بيوتهم ،كان يتم كذلك خصم 20% من المرتبات على أساس أنها ستصرف على الضفة والقطاع ولكن بدل ذلك كانت تمول المصاريف العامة الإسرائيلية.
• على الصعيد القيادي، لم تكن القيادة الفلسطينية في المنفى على علم كامل بأوضاع الفلسطينيين في الداخل ولا بمعاناتهم ولم تكن تطرح الحلول لمساعدتهم. وكانت منظمة التحرير في تونستعمل على إنشاء محور عمان-القاهرةلحماية ياسر عرفاتعوض العمل على إيجاد حل لقضية اللاجئين أو الفلسطينيين.
• إلحاق القدس: احتلت “إسرائيل”القدسسنة 1967ثم أعلنتها عاصمة أبدية لها، مع ما صحب ذلك من إجراءات من بينها تقنين الدخول إلى الحرم الشريف وأماكن العبادة الإسلامية. كما تم الاستيلاء على عدد من الأراضي لترسيخ فكرة القدس كعاصمة غير قابلة للتقسيم من خلال بناء المستوطنات بها. كان الجنرال موشيه دايانيهدف كذلك من خلال بناء المستوطنات إلى الاستيلاء على الأراضي فلسطينية بطريقة متخفية ودعمه الليكود وحزب العمال الإسرائيلي في ذلك لأنه سيؤدي إلى قيام “دولة إسرائيل الكبرى” بالإضافة إلى استعمال مصادر المياه الموجودة داخل الأراضي المحتلة لفائدة المستوطنين
• على الصعيد العربي، لم يكن القادة العرب يأبهون بما كان يحدث للفلسطينيين – بعكس المثقفين والشعوب العربية – وهو ما كان وراء خيبة هؤلاء من القمم العربية التي كان تضع القضية الفلسطينية في آخر اعتباراتها، وحتى عندما تناقشها فلم تكن تقدم لها أية حلول
• تمثل الانتفاضة فشلا للجهاز القيادي الإسرائيلي الذي لم يكن منتبها إلى الغليان الفلسطيني بالرغم من التحذيرات التي أبداها عدد من السياسيين كوزير الخارجية السابق أبا إيبانالذي كتب في نوفمبر من عام 1986، أي قبل سنة من الانتفاضة: “إن الفلسطينيين يعيشون محرومين من حق التصويت أو من حق اختيار من يمثلهم. ليس لديهم أي سلطة على الحكومة التي تتحكم في أوضاعهم المعيشية. إنهم يتعرضون لضغوط وعقوبات ما كان لهم أن يتعرضوا لها لو كانوا يهودا […] إن هذه الحالة لن تستمر دون أن يؤدي ذلك إلى انفجار
الانتفاضة الفلسطينية الأولى ومبارك عوض
تميزت الانتفاضة الأولى بحركة عصيان مدني كبيرة ومظاهرات ضد الاحتلال الإسرائيلي. وكانت حركة العصيان المدني مطروحة قبل بدء الانتفاضة ولكن قادة منظمة التحرير لم يعيروها أي اهتمام اعتقادا منهم أن الأشخاص الداعمين لها سذج جاهلون لحقيقة الوضع الفلسطيني.
أما الإسرائيليون فقد كانوا يدركون مدى إمكانيتها لكنهم قللوا من أهميتها
ومن بين أشد مناصري حركة العصيان المدني، مبارك عوض، وهو عالم نفس عاش 15 سنة في الولايات المتحدة الأمريكية، وعاد سنة 1983إلى القدسليفتح مركزا للاعنف. وقد باءت جميع محاولاته لتطبيق سياسة اللاعنف على الأرض بالفشل.
في سنة 1986بدأ الفلسطينيون يهتمون بأفكاره. وكان الرجل قد اخترع أكثر من مئة وعشرين طريقة كفاح لاعنفي وكان يدعمه سري نسيبةوحنا سنيورة. وقد قام هذا الأخير بإطلاق نداء لحركة عصيان مدني تبدأ بمقاطعة السجائر والمشروبات الغازية وتمتد لاحقا إلى رفض دفع الضرائب وانتهاء بالقطيعة مع النظام الإسرائيلي. غير أن نداءه لم يجد أي صدى واتهم بأنه يريد أن يمنع الشباب من مواجهة الجيش في الشارع. اقترح مبارك عوض بتعويض أعمال الشغب بحملات تنظيف ومسيرات صامتة. كما دعا إلى إنشاء هياكل فلسطينية لتعويض هياكل الإدارة المدنية الإسرائيلية بحيث تكون هذه الهياكل نواة لدولة فلسطينية في المستقبل. ودعا كذلك إلى تخزين المؤن الغذائية والوقودوخلق نظم تمويل محلية بدل انتظار المساعدات الخارجية
في نهاية شهر يناير/كانون الثانيمن عام 1988، اجتمع أعضاء القيادة الوطنية الموحدةواتفقوا على أن حركة الثورة لا يمكن أن تستمر أكثر من ستة أشهر كما كانوا يؤمنون -بفضل خبرتهم- أن طاقة تحمل الشعب ليست قوية واتفقوا على أن خير حل يكمن في فكرة العصيان المدني وبدؤوا في دراسة أفكار عوض واعتمدوا عددا من نقاط برنامجه كبرنامج للانتفاضة. عندئذ أخذت الانتفاضة توجها على المدى الطويل. وأصبح مبارك عوض مطلوبا بكثرة وأصبح أعداء الأمس من أشد المدافعين عنه. وبدأت أفكاره تلاقي نجاحا فوجد نفسه تحت تهديد الطرد من قبل السلطات الإسرائيلية وذلك عن طريق وزير الدفاع الذي أعلن أنه لن يتم تجديد تأشيرته السياحية وذلك رغم الدعم الذي تلقاه من عدد من الشخصيات الأمريكية. قرر عوض استئناف القرار أمام المحكمة العليا في “إسرائيل”