المحطوري.. فتوى لغير أهله
“المبيت في ساحات الاعتصام مثل المبيت في منى ومزدلفة”!!
تلك آخر فتاوى علماء التسييس وكهنة الحزبية ? وحدهم يمتلكون قدرة عجيبة على إقحام السماء في خصوصيات البشر وتوظيف الدين في أطماع دنيوية لتزييف الوعي الجمعي والتأثير على قناعات البسطاء.. والأغرب من ذلك أن تصدر عن الشيخ/ المرتضى المحطوري- صاحب مدارس بدر!!
ليس وحده من يفتي اليوم في السياسة.. بل سبقه إلى ذلك علماء “أقحاح” كانوا بالأمس يفتون بحرمة التشبه بالديمقراطية الغربية الكافرة بينما اليوم يحللونها لأحزابهم ويؤصلون لها باعتبارها من صميم الدين وصلب الإيمان.. مثلما كانوا يحرمون على الناس الخروج على الحاكم تحريما?ٍ مشددا?ٍ? واليوم يجيزونه لأنفسهم!
لكن كله كوم- وفتوى”مبيت النساء في الساحات” كوم.. ولست ادري هل فتوى شيخنا الجليل تشمل أهل بيته أيضا?ٍ? أم أصدرها حكرا?ٍ على نساء الغير?? هل يقبل بأن تبيت نساؤه وبناته في الشوارع? إذن لماذا لم تخرج نساؤه للتظاهر والمبيت مع نساء الساحات إن كان جائزا?ٍ? على الأقل مثلما خرجت عائشة في “الجمل” ضد الإمام “علي”ع. س???? هيا كيف هي??
هل يعقل لديمقراطية أوباما وهيلاري أن تنسينا ثوابت “محمد”ص- ياشيخنا الفاضل?? أو أن تقفز بنا على ثقافتنا وخصوصيتنا وتخرجنا من جلودنا??
لكن يبدو أن هذا هو موسم (الفتاوى) بلا منازع.. فالسباق محموم بين بعض علماء الدين لإلقاء الفتاوى “المجلجلة” واستعراض قدراتهم الخارقة على توظيف الدين في المعارك “الثورية” الراهنة..
وموسم الفتاوى التحريضية هذا هو – في جذوره التاريخية- يشبه “موسم عكاظ” عندما كانت القبائل تتدافع لسماع شعرائها? فتتقاتل بقصيدة وتتصالح بقصيدة? قصيدة تطلعك وقصيدة تنزلك? قصيدة للسلام وقصيدة للحرب? شاعر للفخر وأخر للمديح وثالث للرثاء…الخ.. كل قبيلة ولها شاعر? يتسابق المشائخ والساسة لاستمالته كي يمنحهم صكوك العظمة والسيادة بج?ِر?ة قلم!! مثلما يتسابق سياسيونا اليوم لاستجداء المشروعية بجر?ة فتوى!
هذا في جذوره التاريخية? أما في جذوره السياسية فإن- موسم الفتاوى التحريضية اليوم- يذكـ?رنا بموسم الفتاوى التكفيرية خلال حقبة90- 94 عندما تناوب الإخوانيون حينها على إصدار فتاوى عجيبة بدأوها بتحريم وتجريم “الوحدة” مع الاشتراكيينبحجة انهم شيوعيون- قبل ليلة 22مايو بأسابيع ? بل ونصحوا الرئيس صالح يومها بأن يتقي الله في نفسه لأنه سيكون مؤاثما?ٍ إن توحد معهم? والكاسيتات التوثيقية تثبت ذلك.. ثم تلتها فيما بعد فتاوى الديلمي والزنداني ومن في فلكهم حين أباحوا دماء الاشتراكيين بجرة فتوى ليدفعوا الناس إلى قتالهم في حرب الصيف المشؤومة بحجة أنه جهاد في سبيل الله!!
ربما لو أن جيلا جديدا هو الذي أصدر اليوم فتاوى “التغيير” لهان الأمر ولقلنا ان الفكر تغير وتجدد بتغير الدماء وتجددها.. لكن الغريبة أن من يصدرون فتاوى “اليوم” هم علماء “الأمس”. هم ذات الوجوه ونفس العقليات التي كان يفترض أن تحتجب عن الأنظار حتى لا تته?ِم اليوم بالتناقض والانقلاب على ذاتها- وكذب الدقون!
لا أعتقد أن فتوى “المبيت في الساحات” جاءت نابعة من صميم الدين? بل ردة فعل متشنجة على خطاب الرئيس صالح بشأن “الاختلاط”.. أي أنها مسألة مكابرة سياسية وإغاضة شخصية.. فهل من العقل والمنطق أن تقحم الدين في مكابرة بشرية وحرب نفسية??
يدرك كل ذي عقل إن ما يجري اليوم مجرد شؤون دنيوية لا أساس لها من الدين.. والرسول صلوات الله وسلامه عليه كان ينأى بالدين عن شؤون البشر? وكان في تعامله بأصحابه يضع حدا?ٍ بين علاقة الناس بربهم وبين تنظيم علاقتهم ببعضهم.. ربما كان يتدخل بين القبائل والساسة والعشائر حين يختلفون ولكن بصفته البشرية وفهمه الدنيوي.. بدليل قوله لأصحابه: “أنتم أدرى بشئون دنياكم”- عندما جاءه صحابي يستفتيه في غرس فسيلة.. أما حين تتعلق الفتوى بالأمور الربانية فيتدخل بصفته “رسول الله”- ولامناص!!
أملنا أن لا ننجرف وراء العاصفة بلا ثوابت فكرية وأصول ثقافية واجتماعية.. فللمرأة حق التظاهر? والاعتصام? وأولى بالمزايدين اليوم أن يمنحوها أيضا?ٍ حق “الترشح” وليس حق “الترشيح” فقط!!!!!
أما حق المبيت فليس في الساحات? بل في مكان آخر يصون حرمتها أنوثتها? حتى لانلعن أبوها ديمقراطية.. وسبحان مغير الأحوال? ويا مثبت القلوب ثبت قلوب علمائنا على دينك واعصمهم من الزلات.. وذكـ??رهم بحكمة الزهراء.. لا بخرجة غيرها!!