تركيا قلقه من دعم ترامب لأكراد سوريا
شهارة نت – متابعات :
بعد الانقلاب الفاشل الذي شهدته تركيا في تموز/يوليو الماضي واتهام أنقرة لواشنطن بالوقوف وراء هذا الانقلاب ساءت العلاقات بين الجانبين، كما ساهم إرسال أمريكا أسلحة لأكراد سوريا في توتر الأوضاع بين الطرفين لاعتقاد أنقرة بأن هذا من شأنه أن يساعد الأكراد في إقامة منطقة حكم ذاتي في شمال وشمال شرق سوريا، وبالتالي قد يمهد الأرضية لإقامة منطقة مماثلة في جنوب، وجنوب شرق تركيا حيث الأغلبية الكردية.
وقد اعترف “أدريان رانكين” المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” بإرسال مدرعات ومعدات عسكرية أخرى إلى قوات “سوريا الديمقراطية” الكردية ما أثار حفيظة الحكومة التركية التي ترى في ذلك تقوية لحزب العمال الكردستاني “ب.ك.ك” القريب من قوات “سوريا الديمقراطية” والمصنف كمنظمة إرهابية من قبل أنقرة وعواصم غربية كثيرة من بينها واشنطن.
ورغم زعم رانكين بأن هذه الأسلحة أرسلت إلى ما يسمى “الائتلاف العربي السوري”، إلاّ أن الحقيقة تشير إلى عدم وجود مثل هذا الائتلاف، وما موجود فعلاً هو الائتلاف المتشكل من الكرد والعرب والتركمان والذي تمكن من تحقيق انتصارات مهمة على الإرهابيين في مناطق عديدة بشمال وشمال شرق سوريا.
وتخشى تركيا من تزايد النفوذ والتأثير السياسي والعسكري لأكراد سوريا ولهذا تمانع في تقويتهم من قبل أطراف خارجية رغم قبولها في وقت سابق وتحت ضغط المجتمع الدولي بإرسال قوات من “البيشمركة” التابعة لإقليم كردستان العراق للمحافظة على مدينة “كوباني” التي حررها أكراد سوريا من الإرهابيين قبل أكثر من سنتين.
وبعد تحرير مدينة حلب على يد القوات السورية والحليفة لها “الروسية والإيرانية ومحور المقاومة” غيّرت أنقرة من سياستها تجاه الأزمة السورية، لكنها بقيت تصر على عدم السماح لأكراد هذا البلد بتعزيز مواقعهم لاسيّما في “عفرين وكوباني والجزيرة” خشية من تشكيل حكم ذاتي كردي في هذه المناطق.
وكانت أنقرة تأمل أن تغير واشنطن سياستها تجاه أكراد سوريا مع وصول الرئيس الجديد “دونالد ترامب” إلى البيت الأبيض إلاّ أن هذا الأمر لم يحصل، حيث أكد ترامب على ضرورة مواصلة دعم الأكراد، ما أثار قلق تركيا خصوصاً بعد إرسال وزارة الدفاع الأمريكية لأسلحة ثقيلة ومتوسطة إلى القوات الكردية بهدف استعادة مدينة “الرقة” العاصمة المزعومة لتنظيم “داعش” في سوريا.
وتسعى واشنطن من وراء دعم أكراد سوريا إلى تقوية موقفها السياسي تجاه الأزمة في هذا البلد، خصوصاً بعد أن اضمحلّ دورها بشكل ملحوظ في أعقاب تحرير مدينة “حلب” حيث تمكنت كل من روسيا وإيران وتركيا من عقد اجتماع آستانة بين الحكومة والمعارضة السورية لتسوية هذه الأزمة سياسياً، وكان دور واشنطن ضئيلاً جداً في هذا الاجتماع بشهادة الجميع.
وتعتقد تركيا أيضاً بأن أكراد سوريا يسعون إلى تحقيق نظام حكم فيدرالي في هذا البلد لضمان حصولهم على حكم ذاتي في مناطقهم، وهو ما تعارضه أنقرة أيضاً لخشيتها من إقامة منطقة مماثلة في المدن الجنوبية والجنوبية الشرقية التركية ذات الأغلبية الكردية كما أسلفنا.
وبعد فشل أمريكا وحلفائها الغربيين والإقليميين بإسقاط حكومة الرئيس السوري بشار الأسد رغم الدعم الكبير الذي قدموه للجماعات المعارضة والإرهابية طيلة السنوات الست الماضية إلاّ أن واشنطن لا زالت تسعى إلى إضعاف الحكومة المركزية في سوريا تمهيداً لتقسيمها في إطار مشروعها المسمى “الشرق الأوسط الكبير أو الجديد” الرامي إلى تقسيم المنطقة بهدف السيطرة على مقدراتها ونهب ثرواتها، وهو ما تخشاه تركيا أيضاً لأنها تعلم جيداً أن واشنطن لا تقتنع بالسيطرة على أجزاء من المنطقة بل تسعى لبسط نفوذها على جميع دولها للتحكم بقراراتها وإخضاعها لسلطتها في كافة المجالات.