ما وراء تجاهل تسريبات ويكيلكس!
الدوافع الكامنة وراء الرغبة الشديدة في تجاهل تسريبات موقع “ويكيلكس” ذات الصلة بالشيخ حميد الأحمر, لا يمكن أن تحد من تأثيرها على مسار ثورة “شباب التغيير” ولو على شاكلة النظر بريبة إلى بواعثها? ومن ثم السياق الحاكم عليها إجمالا? بما يؤدي في المحصلة النهائية إلى التوجس خيفة مما قد تتخذه لاحقا من مسعى اختزالي يحصرها في تقابل ضدي لطرفين يقف على رأس أحدهما الشيخ الأحمر? فيما يتربع على أعلى سلم الثاني الرئيس صالح.
ومرد هكذا دوافع? على تعددها? لا تخرج عن ما يعبر عنه البعض بضرورة تجنب الخوض في كل ما ينعكس سلبا على ثورة “شباب التغيير” من جهة? ومن جهة أخرى اعتبار الشيخ حميد الأحمر في الصميم منها? بما يعني أن إثارة أية شكوك حول بواعث مسلكه من قبل ومن بعد لا تصب إلا في خانة النظام? وبما يعيق تحقيق الثورة لأهدافها? أو على الأقل غايتها الأولى.
ومهما يكن من شأن وجاهة منطلقات غض الطرف عن تسريبات “ويكيلكس” وتجاهلها? من عدم وجاهتها? فإن حضورها في المشهد العام مما لا يمكن نكرانه بحال? وإذا كان هناك في سياق الاشتغال الموجه في ساحات الاعتصام من يتخوف من تعمد البعض تكريس شخوص بعض رجالات القبيلة والدين والعسكر بوصفهم مقدسات لا يجوز الاقتراب منها بالنقد? أو إبداء الاختلاف معهم? فإن التعاطي من قبل كثيرين بالتجاهل المتعمد والمقصود مع التسريبات التي طالت الشيخ الأحمر وتطلعاته المبكرة لإسقاط النظام ليس ببعيد في جوهره عن هذا المسعى.
هنا تتبدى تباشير القادم الجديد الذي تنشده ثورة “شباب التغيير” ولكن على شاكلة لا تجامع تطلعاتهم وما يحلمون به في الجوهر? وإلا فما معنى أن يتم التأسيس منذ اللحظة لثوابت أو خطوط حمراء يحرم المساس بها أو الاقتراب منها? في الوقت الذي لا يتعدى ما عليه أصحابها من خلال لحاقهم بـ “شباب التغيير” انتهاز الفرصة للثأر من شخوص النظام? وتصفية حسابات متقادمة مع الذين على رأسه?!
لا أقصد هنا الفت في عضد “شباب التغيير” فمعاذ الله? إنما المسألة ببساطة تكمن في وجوب لفت أنظار الحالمين بقادم مختلف? تسوده الحرية والعدالة في ظلال دولة المواطنة المتساوية والمدنية الحديثة? إلى اشتغال ممنهج يقصد التأصيل لهيمنة القوى التقليدية على مرجعيات ليس ثورة شباب التغيير في مساراتها القائمة فحسب? وإنما ما ينبغي أن تسفر عنه.
أعلم أن البعض يرى أن محددات إدراك ثورة “شباب التغيير” لغاياتها تستدعي مسايرة حضور الأحمرين – الشيخ واللواء وشخصيات من ذات النسق – بشيء من التمجيد? وربما الكثير منه? باعتبار أن التحدي القادم لن يستثنيهما من دلالة التغيير الجوهرية وقصديتها? وحينها, وقد تحقق للثورة مسعاها المبدئي, فلن يستعصي عليها تنحية الرموز التقليديين? بمن فيهم الأحمران ومن يدور في فلكهما.
لنفترض جدلا سلامة هذا المسلك? أو أنه لا بديل عن اللجوء إليه في الوقت الراهن? غير أن السؤال يظل قائما عن إمكانية نجاح ثورة “شباب التغيير” وبأثر رجعي في الحد من هيمنة شخوص قبليين وعسكريين ودينيين, عملت هي? أو مراكز قوى من داخلها? على تقديمهم كما لو كانوا رسل الخلاص?!
Assalmi2007@hotmail.com
نقلا?ٍ عن اليمن