أبعاد الموقف القطري إزاء اليمن
أثار الموقف الذي أعلنه رئيس وزراء قطر إزاء الازمة الراهنة في اليمن استياء?ٍ واسعا?ٍ في الأوساط اليمنية بسبب خروجه عن اللياقة وأصول الدبلوماسية واستخدام لهجة الأمر في التخاطب مع شعب حر يرفض منطق الاستعلاء عليه من قبل أي طرف في الداخل او الخارج? ويعتز بدولته ونظامها القائم على الديمقراطية والشرعية الدستورية? ويؤمن بمبدأ التداول السلمي للسلطة وليس التوريث او الانقلاب كما يحدث في بعض الأنظمة التي كرست الانقلاب حتى في اطار التوريث.
ما يبعث على الاستفزاز ايضا?ٍ ذلك التحيز الواضح في الموقف القطري وتبني اشتراطات طرف سياسي معين مسبقا?ٍ في معرض الحديث عن وساطة بين طرفين يفترض فيها الحياد التام والعمل على تقريب وجهات النظر واحترام إرادة الشعب في كل الأحوال? مع اتاحة الفرصة لتقديم التنازلات وليس فرضها كما تحاول قطر التي أكدت منذ بداية الازمة انها تدير حربا?ٍ بالوكالة ضد الشعب اليمني من خلال قناة »الجزيرة« التي قامت بدور سيئ في صناعة الاكاذيب وتلفيق التهم للحكومة اليمنية في محاولة لتوجيه خيارات الشعب اليمني ضد قيادته الشرعية? وهو ما تبين في الفضائح المتتالية لـ»الجزيرة« ابتداء?ٍ من قضية تعذيب السجناء وتزوير صور جلسة البرلمان للتصويت على قانون الطوارئ وغيرها.
يتضح الآن بجلاء ان تصريحات رئيس حكومة قطر ماهي إلا محاولة لإفشال المساعي الخليجية الرامية لاحتواء الأزمة ونزع فتيل الحرب الاهلية في اليمن? والتي ستؤثر بشكل مباشر على منطقة الخليج عموما?ٍ والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص نظرا?ٍ للقرب الجغرافي? وهو ما يؤكد القول بان موقف قطر ينطلق من نوايا لتصفية حسابات سياسية قديمة مع الجارة السعودية على حساب اليمن? بهدف اضعاف القوة الأكبر في منطقة الخليج اقتصاديا?ٍ وعسكريا?ٍ تمهيدا?ٍ لتحقيق طموحاته في الزعامة التي تتجاوز الإطار الخليجي الى العربي أيضا?ٍ والذي بدا واضحا?ٍ من خلال سعيها الى الحصول على منصب أمين عام جامعة الدول العربية? وترى أن طموحاتها لن تتحقق إلا? من خلال إرباك السعودية بشكل غير مباشر عبر تأجيج الأوضاع في اليمن على خلفية الاعباء التي واجهت السعودية منذ مطلع التسعينيات جراء المشاكل الاقتصادية والأمنية التي تواجه اليمن? وانعكاساتها المباشرة على السعودية التي اكتوت أيضا?ٍ بنيران الحروب الست التي خاضتها الحكومة اليمنية ضد المتمردين مع الحوثيين في اقصى الشمال? والتي اسفرت في آخر فصولها عن مواجهات مسلحة بين المتمردين الحوثيين والجيش السعودي اواخر العام 2009م? بسبب ما شهدته من تدخل ايراني واضح لزعزعة الأمن والاستقرار في المملكة.
ويرى مراقبون ان الوساطة الخليجية تأخذ في الاعتبار عاملين اساسيين اولهما يتعلق بالتأثير المباشر لكل ما يحدث في اليمن على الامن والاقتصاد الخليجي والثاني يرتبط بالمخطط الايراني لترويض المنطقة واقامة دولة شيعية موالية لإيران تمتد من البحرين حتى صعدة.. وهو ما يفرض على الاطراف الخليجية الضغط باتجاه الوصول الى اتفاق يرضي جميع الاطراف السياسية في اليمن واخراج البلد من حالة الفوضى التي تنذر بتجدد نشاط تنظيم القاعدة الذي اعلن توحيد قيادته في جزيرة العرب وتنسيق جهوده قبل نحو عام لضرب اهداف ومصالح امريكية واوروبية? وهو مايثير حفيظة المجتمع الدولي الذي أعلن حرصه على وجود دولة قوية في اليمن تكون شريكا?ٍ يمكن الاعتماد عليه في محاربة الارهاب.