حرب الاستخبارات والتغلغل الاسرائيلي في العمق العربي
شهارة نت – متابعات :
لطالما عمِلت الأجهزة الأمنية الاستخباراتية الإسرائيلية ومن بينها جهاز الموساد على تجنيد وتفعيل شبكات العملاء داخل العمق العربي
اعتقال الشبكة الجديدة في لبنان شكّل حلقة جديدة في مسلسل حرب الجواسيس التي لا تعتمد على الرصاص والبارود بقدر اعتمادها حاليا على المعلومات والتكنولوجيا.
وفي تفاصيل القضية الأخيرة، فقد أعلن الأمن اللبناني، مؤخراً إيقاف 5 أشخاص بتهمة التجسس لصالح الكيان الإسرائيلي وتسريب معلومات أمنية لسفارات الإحتلال في الخارج، وذلك في إطار متابعتها لمكافحة التجسس لصالح كيان الاحتلال، وتفكيك الشبكات التابعة لها في الداخل اللبناني.
ومما يميز شبكة التجسس الجديدة أنها متعددة الجنسيات إذ أنها تضم لبنانيين وفلسطينين وشابتين من نيبال قاموا بالتخابر وإجراء اتصالات هاتفية بأرقام تابعة للسفارات الإسرائيلية في كل من تركيا والأردن وبريطانيا ونيبال بهدف العمل لصالحها وتزويدها بمعلومات، وهو ما فتح باب الحديث من جديد حول شبكات التجسس الإسرائيلية المتعددة في أنحاء مختلفة من العالم .
تجنيد الموساد وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لعملاء وشبكات التجسس ليس بالأمر الجديد، ويكاد لا تمضي مرحلة زمنية لا تتجاوز الأشهر أو الأقل أحيانا إلاّ ويتم الكشف فيها عن خلية تجسس زرعتها الاستخبارات الإسرائيلية في لبنان أو في إحدى الدول العربية، منذ احتلال فلسطين عام 1948 وإعلان قيام كيان الاحتلال، في مسعى إسرائيلي للوقوف على التفاصيل الدقيقة لما يدور حولها، لحقيقة تدركها تل أبيب جيداً وهي أنها أوجدت في بيئة عربية غريبة عنها ومخالفة لوجودها في ذات الوقت على الرغم من علاقتها مع بعض الأنظمة العربية، ولكن كل ذلك لا يلغي أن الشارع العربي لا يرى إسرائيل غير كيان محتلّ.
وعادة ما تشكل السفارات الإسرائيليّة حول العالم نقطة الوصل والربط بين جيش العملاء، ومع الأسف ومنذ توقيع بعض الدول العربية لمعاهدات “السلام” اقترب وكر الجواسيس أكثر من قلب الأمة العربية، وأصبحت سفارات الاحتلال في القاهرة أو في عمان أو المخفية في دول عربية أخرى وكراً للتجسّس ومحطة انطلاق للدول التي لا تعترف بكيان الاحتلال، ونستشهد على كلامنا السابق بالتذكير أن سفارة كيان الاحتلال في أمريكا تحولت لوكر للتجسس على واشنطن نفسها، فإذا كان هذا الأسلوب مع الأصدقاء، فكيف بالأعداء؟
حزب الله وحرب الاستخبارات
كذلك، لطالما سعى الاحتلال وعبر أجهزة مخابراته العديدة إلى استغلال أي فرصة أو ممر للدخول والتغلغل في العمق العربي عموماً، واللبناني على وجه الخصوص حيث يوجد أكبر خطر يهدد وجوده، أي حزب الله، ولم يكن استغلال العمالة النيبالية المتواجدة في لبنان بكثرة، بالإضافة إلى العمالة السيرلانكية بهدف جمع معلومات عن كفلائهن لصالح جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد).
وفي سياق متّصل، اعتراف مسؤولو الساحات اللبنانية والسورية والإقليمية والفلسطينية في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، في أكثر من مناسبة بدور حزب الله الكبير في الساحة اللبنانية، واصبح الكيان الإسرائيلي ينظر لحزب الله كقوة إقليمية متكاملة قادرة على المواجهة والتفوّق، وكذلك تجنيد وكشف العملاء وشكل عناصر حزب الله بطبيعة الحال القوة الرديفة لحماية أمن بلادهم.
الاعتراف الإسرائيلي بقدرات حزب الله قابله وبشكل مطرد، تجنيد مزيد من الشبكات وباحترافية عالية، إذ تؤكد التقارير الرسمية الصادرة عن الأمن اللبناني أن جواسيس الموساد مدربون على الأجهزة الإلكترونية وآليات التعقب وتحديد للأماكن والمخابئ السرية والشقق التي يستخدمها قادة حزب الله، وهذا ما كشفته حرب تموز عام 2006، حيث قام جواسيس الاحتلال بوضع علامات إلكترومغناطيسية وفوسفورية على الأماكن التي يجب أن يستهدفها القصف، إضافة لزرع أجهزة التنصت في أماكن متعددة من الضاحية الجنوبية، وإمداد كيان الاحتلال بكافة المعلومات حول الأنفاق والمواقع التابعة للمقاومة.
ورغم ذلك تمكن حزب الله من خلال تظافر جهوده مع جهود الأمن اللبناني تشكيل كتلة جامعة وضامنة تعمل على تثبيت وتحصين لبنان من الخروقات الإسرائيلية المتلاحقة سواء أكانت هذه الخروقات ميدانية في ساحات المعارك أو استخباراتية في الساحات المخفية، مما أكسب الحزب وبشهادة اللبنانيين صفة صمام أمان البلد مع قوات الأمن الرديفة، وتحديداً مديرية المخابرات في الجيش اللبناني.
إذاً، تعد قضية تجنيد العملاء والتجسس من الإيديولوجيات الثابتة لكيان الاحتلال منذ تأسيسه وهي متغلغلة في الفكر الصهيوني ضمن المقولة الإسرائيلية “شعب الله المختار” وبالتالي الشعور العنصري بالتفوق، ولكن وكما حطم حزب الله مقولة ” الجيش الذي لا يقهر” استطاع الحزب تحطيم المقولات الإسرائيلية الأخرى، وما الإعلان عن كشف شبكات التجسس المتلاحقة ضمن الأراضي اللبنانية بالتعاون الوثيق بين الأمن والجيش اللبناني من جهة والمقاومة الإسلامية من جهة أخرى، إلاّ تأكيداً للحقيقة السابقة، ولكن كشف الخلية السابقة لا يعني النهاية، فكما ذكرنا في البداية حرب الجواسيس مسلسل حلقاته متنوعة وطويلة جداً.