تركة اوباما التي يرثها ترامب .. فشل في مكافحة الإرهاب وإخفاق في إدارة العالم بالشراكة
عندما أتى اوباما الى البيت الأبيض في عام 2009 ظن الكثيرون بأن هناك استدارة ستشهدها السياسات الأمريكية على الصعيد الخارجي بعد ان شهد عهد جورج بوش الإبن تدخلات امريكية مريبة وخطيرة في الخارج، لكن اوباما الذي رفع شعار “التغيير” خاصة في مجال السياسة الأمريكية تجاه منطقة غرب آسيا خيب الآمال ايضا.
اوباما كان يقول بأنه سيكافح الارهاب الدولي، وسيشجع ادارة العالم بالشراكة بدلا عن الأحادية، وسيقلص من العسكرتاريا وسيستخدم الدبلوماسية الناعمة، وسيعمل على نشر الديمقراطية، ولذلك كان يفترض ان يمتنع الجيش الامريكي عن اي تدخل في الخارج وخاصة في غرب آسيا لكن تناقضات اوباما في مواقفه ونتائج سياساته الفاشلة مهدت لظهور ترامب المتطرف.
وتتلخص أهم مصاديق فشل السياسة الخارجية لأوباما في الأمور التالية:
1- فشل استراتيجية مكافحة الارهاب
لقد تابع اوباما سياسة مكافحة الارهاب في غرب آسيا تحت مظلة الحروب بالإنابة، بمعنى ان تقوم واشنطن بدعم القوى الموالية لها بشكل مباشر اينما تواجد الارهابيون لكن سياسته هذه واجهت الفشل الذريع وقد تخلت واشنطن عن حلفائها في الكثير من المواقع مثل الانسحاب من العراق وما تلاه، حيث ساهمت السياسات الامريكية في ظهور تنظيم داعش الارهابي وامتداده وقد وصل داعش الى مسافة 10 كيلومترات من بغداد لكن ازدواجية اوباما وخبثه منع توفير الدعم الجوي للقوات العراقية وهذا اثبت زيف ادعاءات ادارة اوباما، وفي سوريا ايضا رأينا كيف أدت سياسات اوباما غير المدروسة في معارضة الحكومة الشرعية ودعم وتجهيز الارهابيين الى تغيير السياسة الامريكية من مكافحة الارهاب الى “مساندة الارهاب” وقد استغل ترامب هذا الموضوع اثناء حملته الانتخابية بنجاح.
2- الإخفاق في ادارة العالم بالشراكة بدلا عن السياسات الأحادية
في بداية عهده ربما كان اوباما يظن بأن امريكا لا يمكنها لعب دور شرطي العالم المتكون من 7 مليارات نسمة، وربما كان يعتقد بأن سياسة دعم المعارضين في وجه الحكومات الدكتاتورية والقيام بتعيين الخطوط الحمراء في العالم ليست مجدية ولذلك اتجهت ادارة اوباما الى وضع سياسة الأحادية جانبا بشكل ظاهري وتجنبت التدخل العسكري المباشر في الثورات العربية ومن ثم دعت الى اجماع دولي لكن عند التطبيق شهدت سياسات وتوجهات ادارة اوباما تناقضات كبيرة، فحينما تدخلت امريكا في الحرب الليبية بالمشاركة مع اطراف دولية اخرى لم ترسم واشنطن اية استراتيجية لما بعد الحرب واصبحت ليبيا ملاذا ومعقلا للارهابيين وهذه نقطة ضعف استغلها ترامب جيدا، وفي سوريا ايضا ظهر التناقض الامريكي جليا حينما فشل الامريكيون في ايجاد جبهة موحدة لحل الازمة وهذا يدل بأن افكار اوباما ومواقفه كانت غير واقعية الى حد بعيد.
3- سياسة خلق الأزمات بالتزامن مع تقليص التدخل العسكري المباشر واستخدام الدبلوماسية الناعمة
وضع اوباما قضية الانسحاب من العراق في رأس سلم اولوياته بعد وصوله الى البيت الأبيض كما كان قد وعد اثناء حملة الانتخابات الرئاسية، وحينها ساد الانطباع بأن اوباما يريد تقليص العسكرتاريا واتباع نهج الدبلوماسية الناعمة، لكن الأفعال ناقضت الأقوال، وقد رفع اوباما عدد العسكريين الامريكيين في افغانستان من 30 الف الى اكثر من 100 الف وازداد عدد القتلى المدنيين الافغان نتيجة المعارك وهذا يدل بوضوح على تناقض السياسات الامريكية في عهد اوباما الذي سحب 30 الف جندي من العراق وفي المقابل ارسل 70 الفا الى افغانستان.
وخلافا للتوقعات لم تقلص اوباما العسكرتاريا الامريكية بل زادها وشجع عليها عبر ارسال قوات الى المحيط الهادئ وشرق آسيا وافغانستان وساهم “خداع” اوباما وامتناعه عن محاربة الارهاب في غرب آسيا وعدائه للقوى التي تحارب الارهاب في هذه المنطقة في صعود نجم الارهاب، ولذلك نجد بأن هذه التناقضات في السياسة الخارجية وكذلك المشاكل الداخلية أصبحت مستمسكا في يد ترامب اليمني المتطرف ليصعد سلّم السلطة في امريكا، وهو شخص يجاهر بنواياه في تغيير النظام العالمي واستعلاء أمريكا على الآخرين ما ينذر بقدوم مرحلة من التوتر الحاد في العلاقات الدولية لا تعرف تداعياته.