غرة خارج باريس
اجتمع يوم الأحد دبلوماسيون كبار ووزراء خارجية من 70 دولة في باريس، وحسب التقارير دعا أعضاء المؤتمر في ختامه أطراف النزاع للامتناع عن أي إجراء أحادي الجانب يمكن أن تؤثر على نتائج الوضع النهائي
لم يتبق أي مستوطنة في غزة، فقبل عشر سنوات أو أكثر اتخذت “اسرائيل” خطوة أحادية الجانب باخلائها من المستوطنات، وهي خطوة ابعدت الحل النهائي الدائم كثيرا، وعزلت قطاع غزة بشكل مؤلم عن الضفة والعالم.
لقد تأثرت الروابط التي تصل المجتمع الفلسطيني ببعضه، على مستوى -الاكاديميا، العائلات، المؤسسات الثقافية، منظمات المجتمع المدني والاعمال والاسواق- بسبب الإجراءات الأحادية الجانب الاسرائيلية سواء على مستوى حرية الحركة بين الضفة والقطاع او غيرها من المظاهر، فعلى الأقل منذ عام 2000، وأكثر تحديدا بعد عام 2007 أصبح السفر بين اقليمي السلطة الفلسطينية في حدوده الدنيا (الحالات الانسانية).
إن عزل غزة عن بقية العالم قد أدى إلى بطالة عالية، فقر، اعتماد على المساعدات واضطراب مستمر. ما يذهل أن هذا الوضع غير ملاحظ ونادرا ما يناقش خاصة في الفترة القصيرة وخاصة بعد الحروب الثلاثة وخلال السنوات الثماني الاخيرة. وفوق كل هذا فإن ما يجب ذكره هو أن الضباط الكبار في الجيش كثيرا ما يتعاملون مع الوضع في غزة كموقع مضاد لمصالح “اسرائيل” الامنية.
هذا الاسبوع اجتاحت غزة احتجاجات على انقطاع الكهرباء حيث يعاني القطاع من عجز في توليد الطاقة – فالكهرباء تباع لهم من “اسرائيل” ومصر إضافة الى ما تولده الشركة المحلية- وهي أقل بكثير من حاجة القطاع في مجموعها في ضوء تزايد الحاجة الناتجة عن تكاثر السكان والحاجة الى اعادة الاعمار، فالكمية حافظت على ثبات طيلة هذه الفترة.
ما لا يستطيع تقديره البعض حول غزة هو أن الحاجة الى الكهرباء عالية بسبب حداثة مجتمعها. فحينما يعود التيار الكهربائي يهرع الشباب الى شحن هواتفهم وحواسيبهم المحمولة، وتركض العائلات لتشغيل الغسالات، والمصانع تشكل خطوط انتاجها وتضاء المدارس والجامعات، أما المستشفيات فهي في حاجة دائمة الى تيار منتظم لوحدات العناية المكثفة، ولهذا فهي تشتري كميات ضخمة من الديزل من “اسرائيل” لتشغيل المولدات التي تجعلهم يتكيفون مع الانقطاع.
إن الغضب الذي انطلق احتجاجا على الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي ، هو غضب أيضا على النسيان، على تجاهلهم، على إدراك أنهم قادرون على أن يكونوا مجتمعا منتجا بكامل طاقته، لكنهم لا يجدون مساعدة فيما العالم كله لا يكترث. في كل الأوقات حينما يتكلم المرء مع احد سكان غزة – يسمع ضجيج المولدات، الاحباط من فقدان العمل- لكن هذا الاسبوع فقد جرب المجتمع فرقعة جماعية اخرى بخروجه الى الشارع. هذه المرة انتقل العنف الى الداخل ولكن الى متى؟
هناك أناس في المجتمع الاسرائيلي يرون الأمر مختلفا، فقد أخبر وزير التعليم بينيت محطة سي ان ان أنه يوجد دولة فلسطينية قائمة بالفعل إنها تدعى غزة. وبالنسبة لبينيت وآخرين الذين يؤيدون رؤية الضم للضفة الغربية أو أجزاء كبيرة منها ، فان الامور في غزة تبحر بالضبط حسب الخطة.
باريس بعيدة عن غزة