معركة الباب والتوتر بين أمريكا وتركيا
شهارة نت – وكالات :
نشر معهد واشنطن للدراسات تقريرا أشار فيه إلى الخلاف الحاصل بين واشنطن وتركيا بسب معركة مدينة الباب السورية الخاضعة لتنظيم داعش، والتي تسعى أنقرة للسيطرة عليها لعدة أسباب.
وأشار المعهد في التقرير الذي كتبه فابريس بالونش، وهو أستاذ مشارك ومدير الأبحاث في “جامعة ليون 2″، إلى تهديد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإقفال “قاعدة إنجرليك الجوية” أمام التحالف الدولي الذي يحارب تنظيم «داعش »، لافتا إلى غياب الدعم الأمريكي لمساعيه الرامية إلى استعادة مدينة الباب السورية الخاضعة لسيطرة التنظيم.
وقال إنه من المرجح أن تدفع هذه المعركة واشنطن إلى اتخاذ بعض الخيارات الصعبة بشأن هوية الحليف الأهم في حملتها ضدّ تنظيم «داعش» – وهو تركيا أو الأكراد.
وأوضح في تقريره أنه منذ 14 تشرين الثاني/ نوفمبر، يتقدّم الجيش التركي وقوات “الجيش الحر” الحليفة معه نحو الباب، وأنه بحلول 10 كانون الأول/ ديسمبر، كانوا قد دخلوا ضواحي المدينة الغربية، واستولوا على جبل الشيخ عقيل في 20 كانون الأول/ ديسمبر.
وبين أنه يُرجح أن القوات التركية افترضت أن هذا الموقع سيجعل عناصر تنظيم «داعش» تحت مرمى نيرانها، ما سيجبرهم بالتالي على الفرار، تماما كما فعلت في معركة استعادة جرابلس.
ورغم ذلك، يوضح التقرير أنه في 22 كانون الأول/ ديسمبر، استعاد تنظيم «داعش» الجبل، مكبّدا القوات التركية والمتمردين خسائر فادحة. فقد أفادت بعض التقارير عن مقتل أربعة عشر جنديا تركيا، كما أحرق التنظيم سجينين من الجيش التركي وهما حيان، ونُشر فيديو عن مقتلهما المروع بشكل واسع على شبكات التواصل الاجتماعي.
وقامت مقاتلات تركيا حينها بإمطار مدينة الباب بالقذائف، متسبّبة بمقتل 72 مدنيا في 23 كانون الأول/ ديسمبر، وفقا لبعض التقارير.
وبين أردوغان في 4 كانون الثاني/ يناير أن هذه المعركة ستنتهي بسرعة، وأرسل تعزيزات من الجنود والدبابات الإضافية إلى المنطقة. وقد أشارت تقارير صحفية تركية إلى أن 8 آلاف جندي يشاركون في الحملة، وأن تحركاتهم الأخيرة تدل على أن أردوغان ينوي الآن محاصرة الباب وقطع خطوط اتصالها بالرقة، “عاصمة” تنظيم «داعش».
ويبين التقرير أن هذه المقاربة تطرح السؤال حول ما إذا كانت تركيا ستمنع حدوث المزيد من الإصابات في صفوف المدنيين، وكيف ستقوم بذلك.
ويوضح المعهد أنه من أجل تجنّب مذبحة محتملة، سيحتاج أردوغان بالتالي إلى دقة القوة الجوية الأمريكية، مضيفا: “صحيح أن القوات الجوية الروسية دعمت بعض العمليات التركية حول المدينة، لكن من غير الواضح ما إذا كانت تتمتع بالقدرة المحلية على شنّ حملة واسعة النطاق بضربات محدّدة الأهداف، أو بالرغبة في القيام بذلك”.
وحذّر أردوغان من أن الجيش التركي سيستعيد منبج من الأكراد بعد الباب، علما بأنه كان من المفترض أن تغادر «قوات سوريا الديمقراطية» المدينة في العام الماضي، كما وعد نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن الرئيس التركي أردوغان في آب/ أغسطس. وقد تسعى أنقرة إلى تحقيق هذا الوعد في ظل تطوّر المعركة لاستعادة الباب.
في الوقت ذاته، يرى المعهد أن مطالبة الأكراد بمغادرة منبج قد تنهي تحالفهم مع الولايات المتحدة – وهو احتمال مقلق نظرا إلى قدرتهم المثبتة ضدّ تنظيم «داعش»، والتي تجلّت مؤخرا في هجوم «قوات سوريا الديمقراطية» الناجح في إطار سعيها إلى السيطرة على “سد الثورة”، المفتاح للاستيلاء على الرقة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هي الخيارات المتاحة أمام واشنطن في ظل هذا الوضع الحساس؟.
ويختم بقوله إن عدم التحرك سيُغضب أردوغان، الذي لن يتردد في سحب حق الدخول إلى “قاعدة إنجرليك الجوية”، وهذا من شأنه أن يعقّد مهمة التحالف، لكنه لن يجعلها مستحيلة؛ فبإمكان القوات الحليفة قصف منطقة الرقة من قواعد في الأردن والعراق ودول الخليج ( الفارسي )، أو قبرص (ولكن مع عراقيل إضافية تتعلق بالمسافة وأمن الطريق).
مع ذلك، ستستعيد تركيا في النهاية مدينة الباب بمساعدة الولايات المتحدة أو من دونها، وعلى الأرجح عبر قصفها والتسبّب بوقوع خسائر فادحة في صفوف المدنيين. وعندئذ، قد يطبّق أردوغان الأسلوب نفسه على منبج إذا لم تكن «قوات سوريا الديمقراطية» قد انسحبت بحلول ذلك الوقت، ما يبقي واشنطن مع احتمال حدوث مجزرة مريعة بحق المدنيين، وحدوث مواجهة عسكرية مباشرة بين تركيا والأكراد، والمزيد من التدخل من قبل الروس، الذين من المرجح أن يقحموا أنفسهم حكاما بين أنقرة والأكراد.