أيوب طارش عبسي وح?د اليمنيين بعدما فرقتهم السياسة
كأهزوجة محايدة يتجول صوت الفنان أيوب طارش عبسي بانسيابية بين ساحتي التغيير والتحرير? لتلهم أغانيه الوطنية طرفي النقيض في معادلة الأزمة السياسية القائمة في البلاد أسبابا إضافية لمقاومة السأم والتمترس بعناد في مربع الدفاع عما يعتقده كل طرف قضية تستحق الاعتصام في مخيمات تفتقد الحد الأدنى من الجاذبية .
أغاني أيوب طارش وصوته الدافئ المشبع بالشجن الذي طالما أسهم في تشكيل اتجاهات الذائقة الغنائية الشعبية في اليمن أضحت ومند 15 من فبراير/شباط المنصرم? جزءا?ٍ من نكهة يوميات اعتصام مترعة بالغناء والترقب والأرق تتوزع مجاميعه بين معسكرين لتصدح بألحانه وكلمات أغانيه في آن معا?ٍ الحناجر المتباينة التي ما انفكت منذ ذلك التاريخ تهتف بحياة وإسقاط الزعيم ليختزل المشهد الشعبي شديد التباين حالة استثنائية من الحضور اللافت والرمزي لفنان شعبي اجتمعت على الشدو بألحان أغانية الوطنية أصوات الموالاة والمعارضة .
يصف أحمد إسماعيل باناجي أحد الناشطين في مجال توثيق التراث الغنائي اليمني أغاني أيوب طارش الوطنية بأنها تمثل جزءا?ٍ من الثقافة الغنائية اليمنية واسعة الانتشار في أوساط الشارع العام? فهي الأقرب إلى وجدان الناس على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم? وشكلت بالفعل حالة استثنائية من التوافق في الذائقة الغنائية لليمنيين ببساطة? قد يختلف الناس في المواقف تجاه قضايا عديدة في اليمن? كما هي الحال الآن في الأزمة الراهنة في البلاد? لكنهم قطعا?ٍ يتفقون في الرغبة في الاستماع إلى أغاني وصوت أيوب? الأزمة السياسية الراهنة لم تمثل استفتاء على شعبية الرئيس علي عبدالله صالح أو حضور أحزاب المعارضة بالشارع? لكنها في اعتقادي مثلت استفتاء على شعبية وحضور أغاني أيوب طارش عبسي كقيمة فنية وإنسانية ووطنية في قلوب اليمنيين وذائقتهم الغنائية” .
تجانس اتجاهات المزاج الشعبي في اليمن رغم حدة الخلافات الطارئة إزاء التعاطي مع إبداعات فنان شعبي بعينه باعتبارها قيمة إنسانية ووجدانية ووطنية? وإن مثل حالة استثنائية من التقدير العام لتراث غنائي مميز? ومحبب قدمه أيوب طارش عبسي على مدى ما يزيد على أربعة عقود? إلا أنه مثل بذات القدر مساحة لمفارقة لافتة تمثلت في اتجاه طرفي معادلة الأزمة القائمة في توظيف هذا التراث الغنائي في شحذ حماس الأنصار والمؤيدين باتجاه مواصلة الصمود والنضال في مخيمات الاعتصام للانتصار لأحد فرسي الرهان الشرعية الثورية أو الشرعية الدستورية .
يقول جبران أحمد مرشد العبسي? مدير شركة لإنتاج الأعمال الفنية في تعز “أيوب طارش وأغانيه الوطنية حاضر كقيمة محايدة في معسكرين شديدي التباين والتصارع? صوته يصدح من مكبرات الصوت المثبتة في الساحة الرئيسة في “التحرير”? حيث يعتصم مؤيدو الرئيس وفي سيارات? لشحذ حماسة الناس ومواقفهم باتجاه دعم الشرعية الدستورية للنظام القائم? كما يعلو صوت أيوب وأنغام ألحانه الوطنية على صوت الرصاص الذي يطلقه “البلاطجة” وقوات الأمن باتجاه المعتصمين في ساحة التغيير هو بمثابة قيمة فنية ووطنية قابلة للتأويل كل بحسب اتجاهات مواقفه? وربما مصالحه” .
على امتداد ما يزيد على أربعين عاما?ٍ? قدم أيوب طارش عبسي لرجل الشارع العادي في اليمن ما يمكن وصفه بالتراث الفني الذي لامس في مجمله قعر الوجدان الإنساني والعاطفي لليمني? المتخم بالهموم من قبيل الغربة والشجن والحنين لرائحة الأرض والشجر والتغزل بالحبيبة الغائبة التي تساوت في أغاني أيوب بالوطن البعيد? فيما تصدرت ألحانه وأغانيه الوطنية التي من أبرزها النشيد الوطني قائمة الأغاني الوطنية الأكثر تداولا?ٍ وشعبية في أوساط الشارع العام .
ويعتبر الدكتور عبدالسلام المخلافي (مؤلف أغان?ُ) أن “الخلافات والصراعات السياسية فرقت اليمنيين على نحو أوجد انقسامات حادة في المواقف? كما هي الحال اليوم في اليمن? لكن الأغنية الوطنية التي قدمها أيوب طارش عبسي وحدها مثلت تجسيدا?ٍ للوحدة المفتقدة إن سافرت إلى عدن أو توجهت إلى صنعاء أو صعدة أو مأرب أو تعز أو أي مدينة على امتداد الخارطة اليمنية ستجد أيوب طارش حاضرا?ٍ بأغانيه وتراثه الفني المؤثر كعلامة مسجلة يتداولها الجميع? هو وحده ذائقة اليمنيين ومستوى إحساسهم بقيم الوطنية والولاء للوطن? والسياسيون فرقوهم وخلقوا الانقسامات في الصف الوطني الواحد” .