القلق التركي وتغير المواقف السياسية
أرادت تركيا منذ سنوات بقيادة السيد رجب طيب أردوغان أن تقيم دولتها الكبيرة و التي تتمثل بالإمبراطورية العثمانية ، فمنذ بداية الأزمة السورية ، كان القرار التركي واضح من خلال دعمه للإئتلاف السوري المقيم في مدنه التركية ، كان القرار التركي آنذاك مبني على شروط و أولها تنحي الرئيس بشار الأسد عن منصبه ، و من هنا بدأ الصراع السياسي التركي السوري ليزداد تفاقماً بعد دخول عشرات الآلاف من المقاتلين و من جنسيات مختلفة عبر الأراضي التركية إلى محافظة حلب السورية ، و بقيت هذه المدينة السورية التاريخية تعاني لأكثر من أربع سنوات من أعمال إرهابية على أيدي متطرفين ينتمون إلى تنظيمات إرهابية متعددة الأسماء ، لقد أدت هذه الحرب إلى تدمير آلاف المباني من بيوت و مؤسسات و محلات تجارية تعود لمئات السنين ، و ما زاد الأمر تعقيداً هو هجرة الآلاف من أهالي حلب ، و تم تدمير الحركة الإنتاجية الموجودة آنذاك كقوة تدعم الإقتصاد السوري ، كما كانت الحدود التركية ممراً آمناً لإدخال الأسلحة المتطورة و التي تم ضبطها حاليا في مستودعات كبيرة في مناطق حلب الشرقية المحررة ، و كادت المدينة تصبح مركزاً للإرهاب العالمي بضمها آلاف المقاتلين من مختلف الجنسيات العربية و الأجنبية ، بيد أن اللطف الإلهي و قوى التحالف التي وقفت بجانب الشعب السوري و تدخلت في الوقت المناسب لردع هذه المؤامرة ، و إيقاف نزيف الدماء بحق الأبرياء ، لقد حسبت تركيا أن الحرب في حلب ستنتهي خلال أشهر بل ربما بأقل من ذلك ، و لكن تكبدت بصدمة كبيرة أفشلت كل مشاريعها في الشمال السوري ، لم تكن تدرك تركيا أن كل من دخل على أراضيها و كان حاملاً للفكر المتطرف سيشكل خطراً على أمنها ، فبعد إنتصار الجيش السوري في حلب و تم تحريرها بالكامل من الإرهاب ، و بعد فرار و نقل الآلاف من المقاتلين السوريين و الأجانب ، أصبحت مدينة إدلب المعقل الأخير لهذه التنظيمات ، و ما زالت تشكل خطراً على كل من استقبلها على أراضيه ، و ذلك لما تحمله من أفكار متشددة و تدريبات عسكرية و خبرة في سفك دماء الأبرياء ، فما حصل في الآونة الأخيرة في تركيا ، دليلاً واضحاً على خطر هؤلاء التكفيريين ، و هذا ما جعل الموقف التركي يتغير لتحجيم القوى المتطرفة على الحدود السورية ، و أصبحت تركيا مقتنعة بالحل السياسي في سوريا لإنهاء هذه المأساة ، و لكن ما تخشاه تركيا هو وجود أي تنظيمات تسعى لزعزعة الإستقرار في الداخل التركي ، و هذا ما أثار مخاوف المجتمع التركي بعد تعرضه لعدة هجمات إرهابية من قبل تنظيم داعش الإرهابي ، و كان آخرها في مدينة اسطنبول ، إن هذه رفض بعض الدول العربية و من ضمنها تونس عودة الإرهابيين ، يشير إلى أن المجتمع العربي أصبح يعي خطر هؤلاء الشباب بعد انغماسهم بدماء الأبرياء ، و أنهم خدموا و ما زالوا يخدمون بأفكارهم المتشددة الإجرامية المشروع الصهيوني في الشرق الأوسط.