أبو جهاد … افتقدناك !!??
لم يكن صدفة اختياري موضوع الشهيد القائد خليل الوزير ابو جهاد لكي اكتب عنه وعن حاجتنا الماسة اليوم إليه والي صوته وحكمته وحنكته وعبقريته العسكرية وقدراته السياسية وأسلوبه الوحدوي والوطني وصدق انتمائه للأرض والوطن والقضية , لقد كان اقتراب ذكراه احد الأسباب لكي اكتب عنه وعن حاجتنا إليه ولكن السبب الأساسي هو الجزائر التي عاش فيها وكون لبنات الحركة الأولي من منزله ومكتب حركة فتح مكان السفارة الفلسطينية الحالي الواقع في شارع متفرع من شارع ديدوش مراد حيث كانت فتح في بدايتها الصامتة والمقاتلة والمتفجرة وكانت حنكته القوية وممانعته الصلبة ليشكل ابو جهاد أسطورة النضال الفلسطيني في زمن عز فيه الرجال فكان ثورة في رجل .
خلال زيارتي والتقائي العديد من الإعلاميين الجزائريين خلال الأسبوع الماضي كان ابو جهاد حاضرا في كل الجلسات وكان هو سيد الموقف والكلمة والعبرة وشكل فلسفة المقاومة فكان حقا أول الرصاص وأول الحجارة , انه تاريخ الثورة المقاتلة التي نفتقدها وما أحوجنا إليه بيننا حاسما للمواقف ومنصفا للشهداء والأسرى والجرحى والمعتقلين وضمانة لوحدتنا ولحمتنا.
إن المرحلة بحاجة إلي رجل الثورة الأول ابو جهاد ليكون صوتا وطنيا من اجل فلسطين ووحدة الجبهة الوطنية فهو الذي طالما أصر علي تشكيل القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة وكان الأسبق في تفعيل الروح المقاومة , والأحرص علي الوحدة الوطنية , هو القائد الذي نحتاجه اليوم ليكون بيننا موحدا لشعبنا وإمكانياتنا الوطنية وحاشدا كل الطاقات من اجل تحقيق الحلم الفلسطيني والحق الوطني.
أبو جهاد تاريخ أصيل لشعب عظيم لا يخفى على أحد دوره المميز في الوحدة الوطنية…وهذه أكثر النقاط إشراقا?ٍ , رحمه الله كان نقطة إجماع والتقاء لجميع القوى الفلسطينية ?عبر كونه نواة للفصائل المناضلة كافة وموضع احترام لها? أما الحالة الإبداعية عنده فتتمثل في القدرة على استقراء الماضي ودراسة الحاضر واستشراف المستقبل, رجل المواقف الصعبة واللحظات الحاسمة ولا ننسى اليوم الذي ودعنا فيه ابو جهاد ولا الشهداء الذين سقطوا برصاص الاحتلال في اليوم الأول لرحيله صباح يوم السبت 16 نيسان 1988 فوق ارض تونس وهو يؤدي واجبه الثوري والكفاحي برصاصات الصهاينة النازيين الجدد محاولين بذلك الخروج من مأزقهم الخانق وإطفاء لهيب انتفاضة شعبنا العملاقة حيث قدم شعبنا الفلسطيني في اليوم الأول لاستشهاده أربع وعشرين شهيدا من بينهم ثلاثة نساء.
تقر? صحيفة(معا ريف) العبرية بأن هناك أسبابا?ٍ عديدة كانت وراء قرار اغتيال أبو جهاد? ووضعت في المقدمة من هذه الأسباب الدور الرئيس لأبو جهاد في الانتفاضة الفلسطينية الكبرى? ( أبو جهاد الذي تنبأ بالانتفاضة بعد وجود الثورة الفلسطينية في الشتات وعمل على التمهيد لها ? ولأنه أبو جهاد كان لا بد للأعداء أن يتخلصوا منه? فهو الشخصية الهامة والمحورية في حركة النضال الفلسطيني) لكن حديثها عن الأسباب الأخرى يكشف بأن قرار اغتياله لم يكن وليد ظرف الانتفاضة? فالصحيفة تدرج سببا?ٍ رئيسا?ٍ آخر يتعلق بدوره السابق في العمل المسلح ضد “إسرائيل” خلال سنوات طويلة ماضية.
ثم أن قدرته على إدارة الأزمات والعمل السري والابتكار والاعتماد على مبدأ الهجوم (وليس الدفاع فقط) في إدارته للصراع لأنه آمن بقدرة الفلسطيني على مهاجمة المعتدي… كانت كلها من ضمن ما أثار حنق المحتلين ضده? وفعلا استطاعت هذه الأفكار أن ترسم خطوة عريضة لحرب استنزاف طويلة لأنها أدامت حالة الاشتباك.
كان أمير الشهداء رحمه الله صاحب مدرسة التمترس في خندق الثوابت ويؤكد دوما على مبادئ ثابتة : تحرير فلسطين? الكفاح المسلح , الاستقلالية التنظيمية عن أي نظام وتنظيم عربي .
ومن اقوال امير الشهداء ابو جهاد
إن الانتفاضة قرار دائم وممارسة يومية تعكس أصالة شعب فلسطين وتواصله التاريخي المتجدد.
ومنها: لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة.
وقوله: إن مصير الاحتلال يتحدد على أرض فلسطين وحدها وليس على طاولة المفاوضات.
كما كان يقول: لماذا لا نفاوض ونحن نقاتل?
ويرى أن كل مكسب ينتزع من الاحتلال هو مسمار جديد في نعشه.
دفن القائد الشهيد أمير الشهداء “أبو جهاد” في 20/4/1988 في دمشق فكان يوما?ٍ عربيا?ٍ مشهودا?ٍ ? رفرفت فيه روح الانتفاضة وتكرس فيه الشهيد رمزا?ٍ خالدا?ٍ لن ينساه شعبنا فهو رمز الوحدة والمقاومة والكفاح المسلح ورمز الاستشهاد والبطولة فإلى جنات الخلد يا أمير الشهداء مع الصديقين والبررة.
خليل إبراهيم محمود الوزير (1935 – 16 أبريل 1988) ومعروف باسم أبو جهاد. ولد في بلدة الرملة بفلسطين? وغادرها إلى غزة إثر حرب 1948 مع أفراد عائلته.
درس في جامعة الإسكندرية ثم انتقل إلى السعودية فأقام فيها أقل من عام? وبعدها توجه إلى الكويت وظل بها حتى عام 1963. وهناك تعرف على ياسر عرفات وشارك معه في تأسيس حركة فتح.
في عام 1963 غادر الكويت إلى الجزائر حيث سمحت السلطات الجزائرية بافتتاح أول مكتب لحرك