اتهموا الرأي فإنها وصية سهل
سهل بن حنيف رضي الله عنه صحابي جليل شهد صلح الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ? والذي اعتبر حينها قبولا?ٍ بالدنية في الدين? أو بتعبير أوضح خضوعا?ٍ للعدو حيث نظر إلى ظاهر شروطه المجحفة .
وفي حقيقته كان فتحا?ٍ مبينا?ٍ .
وانسياقا?ٍ مع الظاهر أنكره كثير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم? فهذا الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول عن ذلك الصلح فيما يرويه الإمام مسلم في صحيحه بعدما رأى وشاهد بنوده الصعبة على نفوس المؤمنين قال يا رسول الله ألسنا على الحق وهم على باطل? قال له الرسول صلى الله عليه وسلم بلى? قال أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار? قال بلى? قال ففيما نعطي الدني?ة في ديننا ونرجع ولم?ا يحكم الله بيننا وبينهم ? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بن الخطاب إني رسول الله ولن يضي?عني أبدا?ٍ? قال فانطلق عمر فلم يصبر متغي?ضا?ٍ فأتى أبابكر رضي الله عنه فقال يا أبابكر ألسنا على الحق وهم على باطل… فقال له كما قال للرسول صلى الله عليه وسلم فرد أبوبكر قائلا?ٍ إنه رسول الله ولن يضي?عه الله أبدا?ٍ قال فنزل القرآن على رسول الله بالفتح فأرسل إلى عمر فأقرأه إي?اه فقال يا رسول الله أو?ِ فتح هو? قال نعم فطابت نفسه ورجع.. أ.هـ . سهل رضي الله عنه يروي هذه القصة وذلكم الحدث والحوار بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والفاروق عمر رضي الله عنه لما رأى الفتنة أطل?ت برأسها بين معاوية بن أبي سفيان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما حينما دعوا إلى الصلح والتصالح فقبله علي رضي الله عنه ورد?ه بعنف بعض أصحابه فذكرهم سهل بن حنيف رضي الله عنه بموقف الفاروق عمر ورد?? رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر عليه وكيف جاء القرآن مؤيدا?ٍ للرسول صلى الله عليه وسلم وأنزلت سورة الفتح .
وحيث قد اشتدت الأزمة في يمن الإيمان والحكمة ولوحظ تمسك كل طرف بمواقفه المثالية ومحاولة إرغام الآخر على قبول شروطه أجدها فرصة لأذك?ر الجميع بقول سهل رضي الله عنه ياأيها الناس اتهموا الرأي على دينكم وتأملوا صلح الحديبية وبنوده الصعبة على النفوس وهاهي بعض بنود صلح الحديبية للتأمل والعضة :-
§ رفض المشركون أن يكتب في الصحيفة محمد رسول الله – بأبي هو وأمي- فقالوا اكتب محمد بن عبد الله باسمه المجرد عن الرسالة فاستجاب لهم ونزل عند رغبتهم وكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله .
§ ومنها رفض المشركين للمسلمين إتمام عمرتهم التي جاءوا محرمين بها وهديهم مقل?د لم يبلغ محل?ه على أن يقضوا تلك العمرة العام القادم فوافق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر أصحابه بالتحلل.
§ ومنها أن لا يأتي رجل مسلم مهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا رد?ه إليهم وفي المقابل إذا ارتد? مسلم فلا يلزمهم رده إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فوافق وقبل ذلك مع أن في ظاهره عدم المساواة بل ضيم وحيف. لماذا? لأن النبي?ِ? صلى الله عليه وسلم قد وضع لنفسه هدفا?ٍ عظيما?ٍ هو تعظيم حرمات الله فقال: ( والذي نفسي بيده لا يسألونني خطة رشد يعظمون بها حرمات الله إلا أجبتهم إلى ذلك) فمن أجل تحقيق ذلك الهدف العظيم قبل تلك الشروط المجحفة.
إذا تأملنا نحن بنود تلكم الاتفاقية ( صلح الحديبية ) رأيناها بنودا?ٍ مجحفة وقاسية ومن الصعب تقبلها ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلها فكان فتحا?ٍ مبينا?ٍ? وثمة هدف آخر مهم وهو حقن دماء المؤمنين أخ?ر الله فتح مكة قرابة سنتين لأجله قال تعالى ( ه?ْم?ْ ال?ِ?ذ?ين?ِ ك?ِف?ِر?ْوا و?ِص?ِد?ْ?وك?ْم? ع?ِن? ال?م?ِس?ج?د? ال?ح?ِر?ِام? و?ِال?ه?ِد?ي?ِ م?ِع?ك?ْوف?ٍا أ?ِن ي?ِب?ل?ْغ?ِ م?ِح?ل?ِ?ه?ْ و?ِل?ِو?ل?ِا ر?ج?ِال?َ م?ْ?ؤ?م?ن?ْون?ِ و?ِن?س?ِاء م?ْ?ؤ?م?ن?ِات?َ ل?ِ?م? ت?ِع?ل?ِم?ْوه?ْم? أ?ِن ت?ِط?ِؤ?ْوه?ْم? ف?ِت?ْص?يب?ِك?ْم م??ن?ه?ْم م?ِ?ع?ِر?ِ?ة?َ ب?غ?ِي?ر? ع?ل?م?ُ ل?ي?ْد?خ?ل?ِ الل?ِ?ه?ْ ف?ي ر?ِح?م?ِت?ه? م?ِن ي?ِش?ِاء ل?ِو? ت?ِز?ِي?ِ?ل?ْوا ل?ِع?ِذ?ِ?ب?ن?ِا ال?ِ?ذ?ين?ِ ك?ِف?ِر?ْوا م?ن?ه?ْم? ع?ِذ?ِاب?ٍا أ?ِل?يم?ٍا ( انظروا إلى قيمة الدم المسلم كيف ف?ْدي هذا الدم لمجموعة من المسلمين المنتشرين بين المشركين كيف فدي بهذا الفداء الكبير بقبول تلك الشروط المجحفة وتأخير الفتح تلك المدة الطويلة وإغضاب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سرى الحنق الذي أدى إلى الاعتراض إلى قادتهم وسادتهم أمثال عمر رضي الله عنه .
إن? من أصعب شيء على القادة وخصوصا?ٍ أثناء الأزمات إغضاب الأتباع عامة فكيف إذا كان من يغضب أمثال عمر بن الخطاب? ومع ذلك لم يتردد رسول الله صلى الله عليه وسلم في فعل ما رآه محققا?ٍ للأهداف العليا غير آبه بما يكون في نفوس أصحابه? وهنا أرجو أن تكون للأطراف المتنازعة في اليمن الأسوة الحسنة برسول الله صلى الله عليه وسلم من التجرد لتحقيق أعظم الأهداف وهو الحفاظ على دماء اليمنيين وأعراضهم وأموالهم? الحفاظ على البيئة الصالحة للاستقرار والتنمية? الحفاظ على مكانة اليمن